|
آراء وفي كل مرة يعيد السؤال على نفسه , أحيانا بصوت مسموع في حضور ضيوفه أو مضيفيه , و أحيانا أخرى بصوت موجه إلى الذات . و في كل مرة يمني نفسه بأنه في المرة القادمة لا بد أن يجد صدى لصوته , مسموعا كان أم غير مسموع. و بطبيعة الحال , لا بد أن ينتهي في نهاية المطاف - حين لا يأتيه الجواب - إلى القناعة بأن السبب هو بقاء صوته محصورا في أرجاء المكان الذي تردد فيه و لن يبرح حدوده كي يسمع . و مع هذا يبقى يكرر ذات السؤال كلما وجد نفسه في المكان الذي سبق أن مر به ذات يوم , و إذ به باق على ما كان عليه . إن ترجمة هذه العبارة الأخيرة , عبارة ( ما كان عليه ) , تعني باختصار غياب الإجراءات المطلوبة كي لا تتاح للسائح أو لأي زائر من أهل البلد فرصة التساؤل عن ترددات هذا الصوت أو ذاك حيث يدعو صاحبه إلى رعاية معالمنا الحضارية قبل أن يتهدد مصيرها بوسائل مختلفة و معروفة , و بينها السرقة والتهريب سعيا وراء المال. إن من يتجول في مناطقنا الجبلية التي تشرف على سواحل بحرنا الممتدة من شماله إلى جنوبه داخل حدود الوطن , على سبيل المثال لا الحصر , لا بد أن يحيا تحت تأثير حلم آخاذ أشبه ما يكون بحلم يقظة, إلى أن يصدم بوعيه واقع ما كان قد شاهده قبل اليقظة من حلمه الجميل , بحيث يدرك أن المعالم التي أخذ بروعتها باتت على حافة الاندثار بفعل عوامل الطبيعة من جهة , أو بفعل الإهمال غير المقصود لاعتبارات لا يملك أحدنا حق تسميتها , حتى لا يظلم مسؤولا عنها هنا أو هناك . بيد أن الذي يؤلم أكثر من رؤية المعلم الحضاري غالبا , سواء كان المعلم عبارة عن بقايا قلعة أو قصر أو شارع , أو كان مجرد قطعة من حجر مهمل على قارعة طريق عليه كتابة من زمن عريق في القدم , رؤية منشأة جرى تدشينها حديثا أو طريق دولي فرش بالإسفلت منذ أسابيع أو أشهر قليلة , أسيء إليهما بفرش النفايات - بمختلف أشكالها - على مقربة منهما. و بطبيعة الحال لا بد أن يرد هنا السؤال : ماذا عن دور رؤساء البلديات في المواقع السياحية حصرا في الجبال والسهول و على شواطىء البحر على حد سواء ? و ماذا عن الدوريات التي تلاحق ركاب السيارات الذين لا يتورعون حتى عن رمي العلب الفارغة بعد شرب محتوياتها على قارعة الطريق بلا استيحاء و لا خوف من أحد ? قد نجد مبررا لمثل هذه التصرفات لأنفسنا , و لكن ماذا عن تفسير السائح لمثل هذه التصرفات , و خصوصا عندما يكون في موقع يجب أن نحرص على ألا يغادره متسائلاً عن سبب التناقض بين ما سمع عنه قبل الحضور و بين ما شاهده بعد الحضور إليه. قد تكون التربية المنزلية هي المسؤولة بالدرجة الأولى , و قد تتحمل المدرسة قسطا من المسؤولية في هذا المجال ,و قد يكون للإعلام هنا دوره المنبه البالغ الأهمية , و بهذا المعنى فإن أحدا لا يمكنه وضع قدميه خارج إطار المسؤولية عن جعل صورة الوطن الصورة الأحلى في عيون الآخر سواء كان هذا الآخر سائحا أو زائرا من أهل الوطن لأحد مواقعه السياحية . ولا أعتقد أن كثيرين من أهلنا يجهلون مثالا يمكن أن يحتذى في هذ المجال , أعني مجال الحرص على سمعة و طننا السياحية كما هو حال مجمع الرمال الذهبية السياحي على سبيل المثال . و لهذا أقول بأنه لا بأس من أن يتعلم بعضنا من بعض , ليكون للصوت المخلص Dr-louka@maktoob.com ">صداه. Dr-louka@maktoob.com |
|