تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لماذا وصلنا إلى هذه الحال?

خارج السرب
الاربعاء 29/8/2007
د. سمير صارم

بعد الحديث الحكومي عن ضرورة تصحيح الدعم لأنه بات مرهقاً لخزينة الدولة وللاقتصاد الوطني ومن دون الدخول بتفصيلات الأرقام نعلن وقوفنا إلى جانب الحكومة في خطواتها لهذا التصحيح, وهو مطلوب, سواء كنا نعيش أزمة أم كنا نعيش في بحبوحة اقتصادية,

فالدولة تدعم من يستحق ومن لا يستحق, لذلك وفي كل الأحوال يجب تصحيح الدعم لإيصاله إلى مستحقيه وإنهاء حالة التشوه القائمة في دعم المشتقات النفطية ولا سيما المازوت, ونعتبر أن الوقوف مع الحكومة في هذا المجال واجب وطني عندما تقرر ذلك, وقد قررت, والقرار تم اتخاذه لأن وضعنا الاقتصادي لم يعد يتحمل كل هذا الدعم ونتائجه! بمعنى آخر الوضع الاقتصادي ليس كما نحب ونرغب, والدعم كما هو اليوم يزيد من الأعباء وسيحمّل الخزينة العامة مبالغ قد تصل إلى نصف الموازنة العامة للدولة, لذلك فالواجب الوطني يدعونا إلى إقناع الناس بضرورة قبول القرار الحكومي ولو كان غير شعبي اليوم, فربما ستجعله النتائج المتوخاة شعبياً في الغد! وبالمناسبة نرجو أن يكون آخر قرار غير شعبي لحكومتنا الرشيدة.‏

لكن السوال الذي يفرض نفسه هو: لماذا وصل اقتصادنا إلى حالة لم يعد يستطيع فيها أن يتحمل دعم المشتقات النفطية?! ألأن الاستهلاك زاد أكثر من المتوقع?! أم هناك أسباب أخرى لم تتم دراستها, وكان مكن أن نتحمل هذا العبء وغيره لو كان وضعنا الاقتصادي أفضل!‏

إذا كنا نحمّل الاستهلاك الذي ارتفع بمعدلات تتراوح بين 8-10% كل المسؤولية, فإننا نغفل عوامل أخرى يجب دراستها وكان يمكن التحكم بها لمصلحة دعم وتعزيز الاقتصاد الوطني,وهذه العوامل تتعلق بوضعنا الإنتاجي ولاسيما في قطاعي الزراعة والصناعة حيث تراجعت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي خلال العامين الماضيين لصالح قطاعات البناء والتشييد والإنفاق الاستهلاكي وسواه,وهذا خلل كان يجب العمل على تلافيه!.‏

أما فيما يتعلق بزيادة الاستهلاك نتيجة وجود نحو اكثر من 1,4مليون عراقي في سورية فهذا لا يرفع الاستهلاك بالنسب التي يتم الحديث حكومياً عنها,إضافة إلى أن التدفق العراقي إلى سورية بدأ منذ أوائل العام 2003 وبالإمكان اعتبار هؤلاء زواراً سياحاً ولاسيما أن تصريحاتنا السياحية تؤكد أنها تعمل لاستقطاب ثمانية ملايين سائح مع نهاية الخطة الخمسية العاشرة فهل سيتم إيواء هؤلاء بلا محروقات أو كهرباء? وهذه وغيرها أسئلة أو تساؤلات يطرحها المواطن أيضاً يتساءل عن الأرقام الجميلة التي يتم الإعلان عنها في نسب نمو جيدة وموارد للخزينة تتزايد والتي لم يشعر أنها انعكست عليه ولو بجزء يسير.‏

أريد القول إننا مع الحكومة لإنهاء التشوه في قضية الدعم لكننا مع المواطن من أجل حل أزماته وعدم تفاقمها لأن وضعنا الاقتصادي ليس كما تصوره الأرقام الجميلة.‏

فتعالوا نبحث معاً لماذا وصلنا إلى هذه الحال? ومن المسؤول? وكيف ننهض باقتصادنا نهوضاً حقيقياً وينمو نمواً حقيقياً?‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية