تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حروب البيئة

على الملأ
الأحد 14-12-2008
مصطفى المقداد

بعيداً عن ميادين السياسة وحروبها، ثمة حرب تستند الى خلفيات ذات صبغة سياسية تدور رحاها بين الساعين للحفاظ على البيئة ووقف تدهورها من جهة، وبين المتسببين في تدمير بنيتها وموت رئاتها النباتية والحيوية من جهة اخرى .

فمع ظهور الآثار المدمرة للبيئة التي ترافقت مع التطوير الصناعي العالمي، بدأت الحملة المضادة الهادفة الى الحفاظ على البيئة والمواءمة بين التطوير الصناعي والمحيط البيئي بشكل يحفظ توازنها المحقق بشكل طبيعي، بعيداً عن التدخل البشري .‏

وفي ظل الخلافات ما بين الدول الاكثر تقدماً والاخرى الفقيرة جاء انعقاد مؤتمر يوزنان في بولندا والذي اختتم امس الاول بالاتفاق على سلسلة اهداف ستشكل اسس معاهدة المناخ الجديدة للعام 2009 والمنتظر عرضها على زعماء العالم في ايلول القادم من خلال مؤتمر البيئة الذي ترعاه الامم المتحدة، والذي سيشكل تجاوزاً للعقبات التي تواجه معاهدة كيوتو بشأن المناخ والذي تنتهي صلاحيتها بنهاية العام 2012 ، الامر الذي يستدعي ضرورة تكثيف الجهود الدولية لغرض تدابير تخفف من آثار الانبعاث الحراري، وتقلل من انبعاثات غاز ثاني اكسيد الفحم الناجم عن تراجع نسبة مساحات الغابات في العالم.‏

والامر الذي يدعو الى التفاؤل ان البيان الصادر عن امانة تغير المناخ في الامم المتحدة اكد التوصل الى اتفاق بشأن معاهدة المناخ الجديدة، فضلاً عن التوافق على وضع خطة عمل الامانة للعام القادم.‏

وفي الوقت ذاته اوضحت الادارة الاميركية ان مجلس الشيوخ الاميركي سيسمح للرئيس المنتخب باراك اوباما بتوقيع معاهدة الامم المتحدة بشأن الحد من الانحباس الحراري المتوقع انعقاده في ايلول القادم .‏

ويذكر هذا الامر بطريقة التعامل الاميركية مع اتفاق كيوتو بشأن المناخ اذ وقع وثيقته الرئيس السابق بيل كلينتون لكن الاتفاق لم يعرض على مجلس الشيوخ لتصديقه ، وبالتالي فإن الصناعة الاميركية لم تلتزم ابداً بمعايير كيوتو .‏

والسؤال هنا هل تصديق الادارة الاميركية في الالتزام بمعايير البيئة، وهي الدولة الاكثر تسبباً في تدمير بنيتها؟.‏

وباعتقادي ان الامر لن يكون سهلاً، وخاصة في ظل الظروف الراهنة، فالامر قد كان اسهل منالاً في فترة الازدهار الاقتصادي والمالي السابق، ولكن ظروف الازمة المالية الحالية ستجعل الامر غاية في الصعوبة، لانه لن يكون سهلاً على الشركات الصناعية زيادة تكاليفها نتيجة الالتزام بادخال تحسينات بيئية مطلوبة الامر الذي ينذر باستمرار رحى الحرب غير السياسية والمستندة إليها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية