تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الكيان الصهيوني.. قلــــــق بعـــــد انتخـــــاب أوبــــاما

دراسات
الأثنين 15-12-2008
غالب حسن محمد

يبدو أنه لدى المسؤولين الإسرائيليين قلق من نيات الرئيس المنتخب «باراك أوباما» ومن رغبته في تغيير وتجميل صورة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم..

ولديهم أيضاً خوف من أن تكون تصريحاته التي أعلنها في حملته الانتخابية والمؤيدة لإسرائيل دون رصيد حقيقي.. فما تعبر عنه الصحافة الصهيونية داخل الكيان يظهر الكثير من الريبة ويزيد من الاقتناع بالتغيير في مفهوم الصديق الذي سيطر على صورة العلاقات على الولايات المتحدة الأمريكية.‏

إن تفسير مفهوم الصديق لإسرائيل عبر عنه الكاتب «جدعون ليفني» في صحيفة «هآرتس...» يوم 19/11/2008 بعنوان «المهم ألا يكون صديقاً لإسرائيل» كتب يقول: (في اسرائيل فزع وهلع من رئيس أمريكي يحن إلى السلام وإنهاء الاحتلال... لماذا الفزع؟! هل للخوف من ألايكون أوباما صديقاً لإسرائيل كسابقه «بوش»؟!.. عندما يقولون صديقاً لإسرائيل يقصدون صدقه لمشروع الاحتلال ومطالب تسليح اسرائيل... ويقصدون المعجب بلغة القوة المفرطة التي يستخدمها ويؤيد كل أخطائها الإقليمية.. ويعطي لها الضوء الأخضر لكل مغامرة عنيفة تقدم عليها وكل رفض للسلام.‏

على الرئيس «أوباما» أن يتذكر أن الصداقة لاتعني التأييد الأعمى.. عليه أن يتفاوض مع إيران ومع حزب الله ومع حركة حماس.. وأن يتفاوض قدر استطاعته مع كل من يمكنه ذلك قبل الحرب وليس بعدها.. وأن يتذكر أن بإمكانه أن يفعل ذلك.. كان بإمكان كل رئيس أمريكي أن يغير وجه الشرق الأوسط بالضغط على اسرائيل لإنهاء الاحتلال وأغلبهم وقف مكتوف الأيدي خائفاً باسم الصداقة.‏

دعونا منذ الآن نأمل بألايكون الرئيس أوباما صديقاً لإسرائيل!... وألايتصرف بعيون مغمضة وفقاً لموقف اللوبي الصهيوني وحكومة اسرائيل... لقد وعدنا أوباما بالتغيير.. أليس كذلك؟!..‏

خوف القادة الصهاينة من التغيير..وأفضل من يعبر عن ملامح التغيير في صورة العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة هم مجموعة الصحفيين والكتاب القريبين من دوائر صنع القرار في الكيان الصهيوني.. ومنهم الكاتب «شمعون شيفر» بصحيفة يديعوت احرونوت - حيث يقول: «إن أوباما سيتبع سياسة الحوار المفتوح وسيرفع الحظر المفروض على أشخاص وحركات سياسية معينة.. فقد قام اثنان من المقربين من أوباما اللذان يتوقع أن يشغلا مناصب رفيعة في الإدارة المقبلة بلقاء رئيس الدائرة السياسية لحركة «حماس» في دمشق.. ويتوقع أن يفتح أوباما قنوات الحوار مع «حماس» ولن يكون لدى أوباما أشخاص أو حركات مستعدة وسيبدأ مبعوثوه في الحوار مع الجميع.‏

وبعد سيطرة الديمقراطيين على الكونجرس فلن يكون بإمكان اسرائيل استخدام مجلس النواب الأمريكي لمناكفة الرئيس كما اعتادت في الماضي.‏

وحسب الرسائل التي نقلها أمريكيون لموفدين صهاينة فإن أوباما سيعمل على تجديد المفاوضات بين سورية و«اسرائيل» برعاية امريكية، لأنه يعتقد أن الحديث عن التوصل إلى حل مرضٍ أمر ممكن بسرعة بخلاف الصعوبات التي تعتري المفاوضات مع الفلسطينيين.. والاعتقاد السائد أن وزير الخارجية القادم لن يتجاهل دمشق ودورها كما تجاهلتها إدارة بوش.‏

إن سياسة أوباما ستكون مختلفة تجاه اسرائيل والشرق الأوسط إذ إنه يفضل الدبلوماسية الفعالة مقابل الحلول العسكرية.. وأوباما لايربط المفاوضات التي ينوي إجراءها مع الايرانيين بتنفيذهم شروطاً مسبقة ويرى أن قصف المنشآت النووية الإيرانية ليس إلا مخرجاً أخيراً.. وهو يخالف رأي الجمهوريين الذين وضعوا شروطاً مسبقة على الإيرانيين..‏

مستقبل المساعدات العسكرية والتعاون الأمني يشكل هاجساً آخر يقلق السياسة الحالية لدولة العدوان.. فالأزمة المالية العالمية سيكون لها تأثير بعيد المدى عليها وإذا تحققت التوقعات بحدوث تراجع اقتصادي خطير فإسرائيل لن تستطيع الحصول على المساعدات مثلما عليه الآن..‏

لقد حصلت حكومة العدو على 30 مليار دولار كمساعدات عسكرية تمتد على عشر سنوات في العام الماضي أما في العام الحالي فقد وصلت المساعدات إلى 2.55 مليار دولار أي بزيادة 150 مليون دولار عن العام الماضي وهذه الأموال تشكل سدس ميزانية الأمن.. ووفق الاتفاق مع الإدارة الأمريكية تستطيع «اسرائيل» تحويل ربع هذه الأموال لشراء معدات عسكرية من الصناعات المحلية. وهذا يتم بالطبع بمساعدة اللوبي اليهودي في أمريكا.‏

إن الأزمة الاقتصادية العالمية سيكون لها أبعاد مهمة على السياسة الخارحية والأمنية للكيان الصهيوني وسيضطر الكيان بسبب الأزمة إلى التنازل عن جزء كبير من المساعدات التي يتلقاها من الولايات المتحدة والتي تساعد على الاحتفاظ بالتفوق النوعي لجيش الاحتلال. الآن يعمل موظفو الخارجية الصهيونية للتقرب من مستشاري أوباما بهدف إيجاد علاقات طيبة معهم، حيث يعتبر المسؤولون أن الطريق إلى عصر أوباما يمر عبر مستشاريه.. ومنهم جون بايدن نائب أوباما الذي أعرب عن تعاطف كبير مع اسرائيل.. وأوباما أعلن أنه يريد التغيير.. تغيير صورة أمريكا في العالم.. فهل يستطيع تغييرها وألا يكون صديقاً لإسرائيل بالمفهوم الذي عبر عنه الكاتب «جدعون ليفني» في صحيفة هآرتس؟!..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية