|
دراسات بعد الغزو الذي زعمت من ورائه أميركا أنها آتية لتحرير الشعوب ونشر الديمقراطية وإزالة أسلحة الدمار الشامل التي لم يظهر لها أي أثر، واليوم يعتبر الرئيس الأميركي جورج بوش المنتهية ولايته أن الكشف عن عمليات تعذيب السجناء في السجن المشؤوم كانت خيبة أمل رهيبة وأن ما حصل في العراق أعطى صورة لا يتمنى رؤيتها عن أميركا وجيشها، وأن ذلك أضر بهيبة الولايات المتحدة وتبعته وزيرة خارجيته كونداليزا رايس مشككة بصحة المعلومات الاستخباراتية التي كانت سبباً من أسباب الغزو. إن صور أبو غريب والممارسات الأميركية في العراق وعلى الرغم مما سببته من صدمة مثيرة للاستغراب على مدار العامين المنصرمين وبالرغم من تواصل ظهور أدلة بصورة مطردة على الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال خارج السجون وداخلها وغير ذلك من ضروب إساءة المعاملة في إطار ما يسمى الحرب على الارهاب، لم توجه منظمة العفو الدولية وغيرها من المؤسسات التابعة للأمم المتحدة أي تهمة لا للولايات المتحدة ولا لحلفائها بارتكاب جرائم حرب أو ممارسة التعذيب كما لم تخضع للمحاكمة العسكرية سوى عدد صغير من الجنود وهم بشكل رئيسي من أولئك الذين فضح أمرهم نتيجة ظهورهم في صور أبو غريب، أما أعضاء الإدارة الأميركية الذين زعموا أن الولايات المتحدة الأميركية تعامل جميع المحتجزين بصورة إنسانية وأن أي اساءات هي من فعل قلة من الجنود المارقين فلم تطلهم يد التحقيق المستقل رغم مسؤوليتهم الجنائية المحتملة عما ارتكب من انتهاكات. والسؤال ما الفائدة من تصريحات بوش بعد أن وقعت الكارثة وعمت الفوضى وأزهقت أرواح الأبرياء؟ وما الفائدة إذا لم يتغير شيئ فيما يخص العراقيين سواء في المعتقلات أم خارجها من ارتكاب الجرائم بحق الآمنين من السكان إلى حملات الاعتقال التي طالت الآلاف إلى بث الفوضى والفتنة وإثارة النعرات الطائفية انتهاء بالاتفاقية الأمنية التي فرضتها ليكون الشعب العراقي بالنتيجة هو الخاسر الأكبر من حرب مجنونة؟ فلا المنظمات الدولية ولا الإدارة الأميركية قادرة على إعادة ما هدر في العراق من ثروات وإمكانيات وكرامات رغم أن الأميركيين أيضاً خسروا حربهم في العراق والدليل على ذلك الخسائر البشرية المتلاحقة وتخبط سياساتهم واستفحال تناقضاتهم في الداخل الأميركي وعجزهم عن إخماد المقاومة العراقية أو إضعافها والعجز الكلي عن ضبط حدود العراق مع الجوار وعدم قدرته على حماية قواعده العسكرية وأمن المنطقة الخضراء داخل العاصمة العراقية. أمام هذه الظروف مجتمعة لابد لهذا الاحتلال من إعادة النظر فيما وصل إليه بدلاً من التصريحات التي لا تجدي نفعاً هنا أو هناك، وكما قالت رايس: ليس بوسع الأميركيين العودة إلى الوراء لمعرفة ما كان بحوزة العراق مضيفة: إنها «نادمة حين لا ينفع الندم» فهل هي نادمة على تهجير العراقيين أو قتلهم أم سجنهم أم على تبديد ثرواتهم وامتهان كراماتهم..!؟ |
|