تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المسؤولية المجتمعية إزاء القضايا الإنسانية

مجتمع
الأثنين 15-12-2008
ملك خدام

منذ فترة ليست بعيدة، بدأ يتبلور مفهوم المسؤولية المجتمعية إزاء القضايا الإنسانية، وأبرزها مكافحة الفقر، والبطالة، وتفعيل دور ذوي الاحتياجات الخاصة في عملية التنمية ودمجهم بالمجتمع..

وهذا المفهوم كان -غائباً- في حقبة ماضية أو مغيَّباً لأسباب متعددة ومتشعبة، أهمها إلقاء هذه المسؤولية على كاهل الدولة، انطلاقاً من دورها الأبوي في رعاية وتأمين كافة احتياجات المواطنين.‏

اليوم، اختلفت المسألة، ليس من جراء زيادة أعباء المسؤوليات، ولا هوضعف أو عدم تحمل الدولة لهذه الأعباء.. وإنما لأن المعطيات والمتغيرات العالمية والمحلية، أناطت بالدولة دوراً آخر، أهم وأكبر من سابقه، هو الإشراف وتوجيه المسؤولية المجتمعية من خلال التشبيك مع الحكومة والمنظمات وتوعية أفراد المجتمع إلى أهمية تكامل دور الجمعيات مع العمل الحكومي، لأن هذا التكامل مفتاح النجاح..‏

نعم، نحن بدأنا نلمس تكامل الأدوار بين هؤلاء على أرض الواقع في أكثر من قضية إنسانية -كالتعليم- على سبيل المثال، والصحة على نطاق أضيق، حيث صرنا نسمع عن صندوق كفالة طالب العلم، تطلقه بعض الجمعيات والجامعات التي تبرعت بمنح وكراس مجانية للمتفوقين في مرحلة التعليم الأساسي، الذين لم تتح لهم فرصة الالتحاق بالجامعة بسبب ضيق ذات اليد.‏

كما أننا شهدنا افتتاح بعض دور الإيواء لضحايا العنف العائلي الممولة -كمشروع إنساني- من قطاع غير حكومي، حيث انصرف القائمون عليها إلى تأهيل وتعليم هؤلاء الضحايا بما يوفر لهم فرصة العمل اللائق، فلا يبقى أحدهم عبد حاجته.. وإنما يمتلك بالتعليم والتأهيل مفاتيح تغيير ظروفه والانتصار عليها..‏

بيد أن النظرة إلى هذه الدور اختلفت أيضاً تحت متغيرات المسؤولية المجتمعية التي بادرت لحمل أعبائها أو جزء منها عن الدولة، إذ يؤكد الدكتور ملهم الحراكي مدير قسم الإرشاد النفسي أنه من الضروري العمل على البناء النفسي المتوازن للأطفال الأيتام ومجهولي النسب خاصة حتى نحقق النتيجة المرجوة من الإيواء في هذه الدور، فالحياة من وجهة نظر الحراكي عبارة عن ممرات، والغاية من الدار تحسين ظروف المرور، لأن الدار ممر وليست قصراً..‏

من جهة أخرى، صارت بعض الجمعيات الأهلية تخرج عن مفهوم الصدقة والإحسان في العمل الخيري إلى رحاب التعليم والعمل والتأهيل المجتمعي على مبدأ لا تطعمه سمكة وإنما علمه -الصيد- مع ما ينجم عن هذا التوجه البناء من الحد بشكل لافت من نسب الفقر والبطالة وتخفيض أعداد المتسولين..‏

كل هذا وسواه، يأتي تحت عنوان المسؤولية المجتمعية التي تصدّت حتى لمشاريع نموذجية ذات ريعية يديرها «ذوو الاحتياجات الخاصة» كل بحسب درجة إعاقته ونوعها، الأمر الذي يعني في النتيجة أن الثمار بدأت تؤتي أكلها في التخفيف من المعاناة الإنسانية وتجاوز المحن.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية