تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الحادثة فخ التكرار السينمائي

سينما
الأثنين 15-12-2008
محمد قاسم الخليل

يعد رشيد فرشيو مخرج فيلم (الحادثة) من المخرجين المخضرمين في السينما التونسية بل هو الآن أكبرهم سنا ( 67 ) عاما ،

ولكن حياته السينمائية محدودة قياسا على سنوات عمله في الحقل السينمائي ، أعتبر كثير من النقاد أن فيلم الحادثة فتح جديد في السينما التونسية ، وأنه يعالج قضية المرأة بفكر جديد ، لكن يبدو ان هؤلاء لا يتابعون السينما العربية جيدا ومنها التونسية ، وارى أن كتاباتهم التشجيعية من قبيل الفرقعة الإعلامية التي كانت سائدة في كتابات الستينيات ، فالموضوع ذاته سبق وأن عالجه نوري بو زيد، في ( بنت فاميليا ) .كما نلاحظ تشابه عدد من الخيوط الدراميه مع المشاهد الرئيسية لآخر أفلام يوسف شاهين ( هي فوضى ) الذي كان سابقا على فيلم الحادثة بعام على الأقل .‏

وقع فرشيو في فخ الرتابة السينمائية كما جال في عدة مواضيع ، مما يعني أن الفيلم لا يضع قضية محورية تحوم حولها كل القصص الأخرى، بل انه تحرك داخل عالم صغير تترابط فيه الأحداث والقضايا وتتداخل حيث يبدأ الفيلم بمشاهد بانورامية تركز على سيارات الأجرة حتى تكشف الكاميرا سيارة بطل الحادثة فارس ثم تتوالى الرتابة عبر مشاهد طويلة، متناغمة مع موسيقا مرحة ، لكننا سنكتشف لاحقًا انه الهدوء الذي يسبق العاصفة ، بعد ذلك نتعرف على فارس عندما يتوجه الى المستشفى لاصطحاب زوجته التي أنجبت له ولدًا نحو منزل والدته و تنقلب حياة البطل رأسًا على عقب، حين يلتقي سيدة جميلة، لكن جمالها يخفي مأساة خاصة ، وتطلب السيدة - لعبت دورها سناء كسوس - ان يوصلها الى مكان ما، ومن خلال الأمكنة والحوار الذي دار بينهما نفهم انها تريد الخلاص من زوجها المستبد.‏

بداية اختارت البحر ثم قررت الاستجابة لطلب فارس لاصطحابها إلى شقته، في حين أن زوجته وأمه وابنه ينتظرونه ، لاحظوا غرائبية هذا التصرف الشبيه بغرائبية بطل الفيلم الإيطالي (الغريب ) لفيسكونتي ، وهكذا يتعرى ضمير البطل من خلال الكشف عن صراع باطني ينتهي في الأخير لصالح مواصلة المغامرة ، وهو القرار الذي اتخذه حين وعد صديقته الطارئة على حياته بأنه سيعود بعد نصف ساعة، وهو زمن جلب أغراض الوليد الجديد لزوجته.‏

وهو في طريق العودة يدهس مارًا بسيارته، و يقع في فخ مفتش شرطة متسلط ومتغطرس هنا التشابه مع فيلم ( هي فوضى ) ، وطبعا النهاية السعيدة التعيسة أن مفتش الشرطة يكتشف أن الصديقة الجديدة للسائق ليست سوى زوجته وهنا تبدأ مساومة من نوع مختلف .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية