تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاتحاد الأوروبي أمام تحديات الحاضر والمستقبل

ترجمة
الأثنين 15-12-2008
ترجمة: حسن حسن

عشر سنوات مضت على اللقاء الذي جمع بين القيادات الفرنسية والبريطانية في سان مالو. كان شاغلهم الأكبر آنذاك هو النزاع الخطير في البلقان والذي أظهر أوروبا بمظهر العاجز عن وضع حد له.

عقب ذلك خلص الطرفان الفرنسي والبريطاني إلى نتيجة مفادها أن أوروبا هي أحوج ماتكون إلى مقاربة جديدة لحل الأزمات، وعليه فإن على أوروبا أن تجد لنفسها طريقة للتعاون في مجالي الدفاع والأمن، مضافاً إليها حلف شمال الأطلسي.‏

اليوم، يبدو البلقان بصورة اجمالية في حالة سلام والتحديات الحالية وأغلبها منتظر حدوثها في الغد القريب يمكن أن تأتينا من بعيد، ولاسيما من الدول المفلسة والضعيفة والتي يجد فيها المجرمون والارهابيون ملاذاً آمناً لهم، والحقيقة التي ستبقى ماثلة أمام أعين الدول الاوروبية هي أن عليها الاستعداد لمواجهتها معاً.‏

عشر سنوات مضت على اعلان سان مالو، الذي تقرر فيه أنه على الاتحاد الأوروبي «امتلاك قوة عمل مستقلة، مستندة إلى قوات عسكرية موثوقة» وأن الدفاع والأمن الاوروبيين بلغا حد النضج فمنذ أن أوكلت إليها المهمة الأولى في مراقبة البلقان في كانون الأول عام 2000، أطلق الاتحاد الاوروبي أكثر من عشرين عملية مدنية وعسكرية شملت قارات ثلاثاً.‏

جنود، ورجال أمن وخبراء مدنيون من الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي قاموا بالإشراف على تشكيل وتدريب القوات الأمنية في البوسنة وأفغانستان وفلسطين وراقبوا اتفاق السلام في اندونيسيا وساهموا في حماية سكان وحفظ الأمن في المناطق الشرقية في كل من الكونغو وتشاد ومهمة جديدة هي «دولة القانون» التي بدأت رسمياً بمساعدة كوسوفو على تكوين قوات الأمن والجهاز القضائي ومصلحة الجمارك وعلى أثر الجولة الدبلوماسية المكوكية التي قام بها الرئيس نيكولاي ساركوزي في آب الماضي، أرسل الاتحاد الاوروبي أكثر من 200 مراقب مدني إلى جورجيا. وقد لعبوا دوراً أساسياً ومهماً في تهدئة الأوضاع هناك.‏

قبل أن تصبح سان مالو مكاناً لعقد القمم والمؤتمرات، كانت تعرف ببحارتها الشجعان وقراصنتها ولهذا وجد الاتحاد الاوروبي وبمناسبة حلول الذكرى السنوية العاشرة لقمة 1998 التي عقدت فيها، فرصة لإطلاق عمليته البحرية الأولى لمكافحة القراصنة في خليج عدن. هذا الخريف خمس عشرة سفينة وأكثر من 350 شخصاً أخذوا كرهائن والقراصنة لايشكلون خطراً على السفن الأوروبية المتجهة نحو قناة السويس فحسب، بل على المساعدة الغذائية المقدمة من الامم المتحدة إلى الصومال الذي تمزقه الحرب وهي تخص أكثر من 2 مليون صومالي.‏

لقد استغلت فرنسا رئاستها للاتحاد الاوروبي لإعطاء دفعة جديدة لهذه الجهود، فمواجهة العنف وعدم الاستقرار في البلقان، وإفريقيا وأفغانستان ليست في مصلحتنا فحسب، بل هي واجبنا أيضاً. كان أحد أهداف الرئاسة الفرنسية وهي حمل أوروبا على بذل المزيد من الجهود لمواجهة التحديات الراهنة، من خلال العمل على سبيل المثال عبر الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الأطلسي لكي تعد البلدان الاوروبية التجهيزات والترتيبات اللازمة لمواجهة الأزمات الناشئة والطارئة كما قرر الفرنسيون والبريطانيون في سان مالو زيادة تعاونهما في إفريقيا، ومن هذا المنطلق قمنا بتعميق تعاون الاتحاد الاوروبي مع الاتحاد الافريقي والمنظمات الاقليمية والحكومات وذلك في سبيل تعزيز القدرات الافريقية للوقاية وادارة الأزمات. في الصومال ساهمت بريطانيا وفرنسا وبفعالية في برامج التنمية الرامية إلى إعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد وكذلك في جمهورية الكونغو الديمقراطية راقبنا تدهور الأوضاع عن كثب وقدمنا دعماً لقوات الامم المتحدة بقوات اضافية وبصورة أساسية فإن الوضع في الكونغو لايمكن تسويته إلا عبر الوسائل الدبلوماسية.‏

أما العملية البحرية التي يقوم بها الاتحاد الاوروبي لمواجهة القرصنة ستتم بالموازاة مع الجهود التي يبذلها حلف شمال الاطلسي اليوم، الحلف الاطلسي والاتحاد الاوروبي يعملان جنباً إلى جنب في أفغانستان والبلقان.‏

ويظل حلف شمال الأطلسي حجر الزاوية في دفاعنا الجماعي، فهو من يملك القدرة على قيادة سلسلة العمليات العسكرية أما الاتحاد الاوروبي فيقدم الدعم اللوجستي من مال وعتاد ورجال وكذلك المساندة الدبلوماسية وعلينا هنا أن نستغل هاتين الورقتين الرابحتين.‏

إنه وأكثر من أي وقت مضى، تفرض علينا التشابك في المشكلات الأمنية تقارباً تاماً. وفي ظل الرئاسة الفرنسية فقد أخرج الاتحاد الاوروبي استراتيجيته الامنية إلى خير الفعل. وهذه الاستراتيجية تبرهن أنه علينا مواصلة العمل لمواجهة قضايا عدم الاستقرار المتجذرة وكذلك عوارضها الظاهرة للعيان.‏

إن التهديدات التي نواجهها اليوم هي تهديدات حقيقية وأساسية مثل: انتشار أسلحة الدمار الشامل، والجريمة المنظمة، الإرهاب والهزات التي أصيب بها اقتصاد بلداننا.‏

إن إعلان سان مالو يرتكز على قناعة راسخة وهي إذا ما أردنا معالجة تلك التهديدات لابد من ايجاد جملة من الوسائل من خلال الاتحاد الاوروبي، ومن خلال حلف شمال الأطلسي وكذلك الامم المتحدة وبعد عشرسنوات يمكن للاتحاد الاوروبي أن يفاخر بإنجازاته والتي يبدي عزماً وتصميماً على تطويرهاوالتقدم بها.‏

-دايفيد ميليباند‏

وزير خارجية بريطانيا‏

-برنارد كوشنير‏

وزير خارجية فرنسا‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية