تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


غوانتانامو.. مواجهة الأسئلة الصعبة

ترجمة
الأثنين 15-12-2008
ترجمة : ريما الرفاعي

منذ توليه منصب وزير الدفاع، أعلن الجنرال روبرت غيتس عزمه إغلاق سجن غوانتانامو الذي تتولاه القوات الأميركية، لكن السجن ما زال موجوداً بعد عامين من هذا التاريخ. مثله أيضاً أبدت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس رغبتها في إغلاق السجن،

والمؤكد اليوم أنها سوف تغادر وتتركه مفتوحاً.‏

إن المتابع لمظاهر الاحتفال بالنصر الكبير الذي حققه باراك أوباما وحزبه الديمقراطي في المعركة الانتخابية ربما يخيل إليه أن هذه الوصمة العالقة على جبين أميركا توشك أن تزول وأن أفضل حل للمشكلة هو إغلاق السجن فوراً. وتعزز هذا الشعور بعد تأكيدات الرئيس المنتخب لوعوده الانتخابية بإغلاقه.‏

الحقيقية التي لا يتم التركيز عليها في هذه الأجواء هي أن إغلاق سجن غوانتانامو لن يكون بهذه البساطة، خاصة إذا لم يترافق ذلك مع تغييرات جذرية يجريها أوباما بشأن سياسات الاعتقال التي تتبناها الولايات المتحدة حالياً، واكتفى بمجرد إحداث تغيير جغرافي على أماكن تطبيق السياسات السارية حالياً. بهذا المعنى، يستطيع أوباما الوفاء بوعوده لناخبيه من خلال نقل السجناء الحاليين إلى سجن آخر، دون أند يغير ذلك شيئاً في وضعيتهم القانونية بوصفهم كما صنفتهم إدارة بوش «أعداء مقاتلين». حينذاك يتحول التحدي الكبير المحيط بإغلاق السجن، إلى مجرد مسائل إدارية لوجستية ليس أكثر!.‏

إن حل مشكلة غوانتانامو يتطلب اتخاذ قرارات هامة وأكثر شمولاً بشأن سياسة الاعتقال في إطار مكافحة الإرهاب. وعلى سبيل المثال: متى يمكن للولايات المتحدة أن تقوم بعمليات الاعتقال الوقائي للمشتبه بهم في الجرائم ذات الصلة بالإرهاب، إذا كان ينبغي اتباع مثل هذه السياسة أصلاً؟ وإذا تمت اعتقالات على أساس وقائي، كيف يجب معاملتهم؟ هل هم أعداء مقاتلون يتم التعامل معهم بموجب قانون الحرب، أم بموجب نصوص قانونية أخرى؟ بما فيها سن تشريع جديد خاص بالاعتقال؟ وما الحقوق التي يجب على القانون أن يكفلها للمعتقلين؟ وما الذي يتعين على الحكومة إبرازه من أدلة وبراهين إثبات ضدهم؟ وأمام أي شكل من أشكال المحاكمة؟‏

إن أفراد المعسكر الديمقراطي يروجون بتبسيط شديد لمسألة إغلاق معتقل غوانتانامو، وإنه يحتاج فقط للإرادة القادرة على اتخاذ القرار، لكن في الحقيقة لا يستطيع أوباما تجاهل هذه الأسئلة الصعبة التي من غير المجدي مواجهتها بإجابات سهلة، خاصة في ظل غياب المراجعة الشاملة لحالات المعتقلين أنفسهم، بما فيها المعلومات السرية المتوفرة عن كل حالة، وهذه عملية تحتاج بحد ذاتها إلى وقت ليس بالقصير.‏

وحسب علمي، فإن معتقلي سجن غوانتانامو ينقسمون إلى ثلاث فئات رئيسية لكل منها مشكلات خاصة بها بشأن السياسات الواجب اعتمادها حيالها. هناك أولاً فئة المعتقلين الذين يمكن تقديمهم للمحاكمة. وبحسب أغلب المراقبين لأوضاع المعتقلين، فإن توجيه الاتهامات ضدهم هو أفضل خيار لتحديد المشتبه بهم في جرائم الإرهارب، وتقديم الأسباب الكافية لإطالة أمد اعتقالهم، بينما يعتقد آخرون أن المحاكمة هي الوسيلة الشرعية الوحيدة لإغلاق الطريق في وجه أعداء أميركا.‏

ولكن علينا أن نتساءل عن عدد المعتقلين الذين يندرجون تحت هذه الفئة أصلاً؟ ولأي مدى يحدد حجم هذه الفئة، نوع المحاكمة التي يمكن أن يقدم إليها أفرادها؟ هل هي مجموعة كبيرة بحيث يمكن تقديمها إلى المحاكم الفيدرالية، أم ينبغي تقديمها إلى محاكم عسكرية بدلاً من اللجان العسكرية التي شكلتها إدارة بوش والتي تسببت بكل هذه الانتقادات اللاذعة لأميركا؟‏

وثانياً هناك نحو 60 معتقلاً في غوانتانامو تمت تبرئتهم من التهم الموجهة إليهم، الأمر الذي يفتح الطريق لإطلاق سراحهم وترحيلهم إلى بلدانهم. ولكن هل تدواجه إدارة أوباما المقبلة صعوبات أقل مما واجهته إدارة بوش في محاولتها إقناع حكومات الدول التي ينتمي إليها هؤلاء المعتقلون باستقبالهم؟ أم إن أوباما سوف يقرر استضافة عدد منهم في أميركا؟ وما مصير من يتبقى منهم؟‏

والفئة الثالثة التي تثير مصاعب أكبر من غيرها، تلك التي يصنف أفرادها على أنهم العناصر الأشد خطورة ولا سبيل لإطلاق سراحهم، كما لا يمكن توجيه أي اتهامات جنائية لهم. ولكن كم يبلغ عدد هؤلاء وما مدى تأثيرهم على رسم سياسات أوباما الخاصة بالاعتقال؟‏

علينا أن ننتظر لنرى ما سيحدث، وإلى ذلك الوقت سوف تظل هذه الأسئلة على قدر كبير من الأهمية بشأن مراجعة موقف الولايات المتحدة من سياسة الاعتقال الوقائي.‏

 بقلم :بنجامين وايتس‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية