تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الحصار الجائر والعالم المتفرّج

ترجمة
الأثنين 15-12-2008
ترجمة حكمت فاكه

تفرض إسرائيل عقوبة جماعية على قطاع غزة البالغ عدد سكانه مليوناً ونصف المليون نسمة من خلال حصار خانق لم يسبق له مثيل ، منتهكة بذلك الأعراف والقوانين الدولية وإغلاقها المعابر والمنافذ المؤدية إلى القطاع لاتستطيع وكالات الغوث التابعة للأمم المتحدة

إيصال مساعداتها الغذائية لحوالي 750 ألف مواطن من مواطني القطاع وأكثر من ذلك قطعت إسرائيل الوقود عن محطة الطاقة الكهربائية الوحيدة في القطاع الذي تحول إلى متاهة من الجوع والدمار والشلل الاقتصادي والعزلة الدولية .‏

وقد ساهم المجتمع الدولي بخطأ كبير عندما أهمل وتجاهل فظاعات إسرائيل تجاه الأسرى الفلسطينيين في الضفة والقطاع ، وهناك شعور عام بالقلق يسود كلاً من مقر الأمم المتحدة في نيويورك والدوائر الحكومية في كل من لندن وباريس من أن الوضع في الأراضي الفلسطينية قد يؤدي إلى انفجار ربما يؤدي إلى إشعال المنطقة بكاملها. وكانت اثنتا عشرة وكالة دولية وقد حذرت من حصول كارثة إنسانية ، كما كرر الأمين العام للأمم المتحدة بانكي مون تحذيره لإسرائيل من استمرارها في انتهاكها الصارخ لحقوق الإنسان والقانون الدولي ، لكن إسرائيل غير مبالية أو مهتمة بهذه التحذيرات والنداءات ، بل على العكس من ذلك فقد قتلت أكثر 514فلسطينياً وجرحت أكثر من 2112 شخصاً من بينهم الكثير من الأطفال خلال السنة الماضية ، أي منذ انعقاد مؤتمر أنابوليس في السابع والعشرين من تشرين الثاني العام الماضي 2007م وحتى الشهر الحالي . ومعروف أن الهدف الذي عقد من أجله مؤتمر أنابوليس هو استئناف عملية السلام لكن ماذا حصل لعملية السلام؟ لم تقف الأمور عند هذا الحد بل دمرت الجرافات الإسرائيلية 330 بيتاً فلسطينياً من بينها 95 في القدس الشرقية ، وأصدرت إسرائيل قرارات بإنشاء 2210 وحدات سكنية جديدة غيرمشروعة في القدس الشرقية والضفة الغربية ومن بين الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين قيدت إسرائيل حركة هؤلاء الفلسطينيين في الضفة الغربية بإقامة حوالي 630 نقطة تفتيش وحواجز طرق واستمرت في الوقت نفسه معاناتهم من الهجمات المتكررة والإهانات المنظمة من قبل المتطرفين والجنود الإسرائيليين سوية.‏

وفي إجراء استثنائي وفريد من نوعه اتهمت سويسرا إسرائيل علانية مؤخراً في مذكرة شديدة اللهجة بعثتها إليها لدهمها بيوت الفلسطينيين في القدس الشرقية والمناطق المجاورة لرام الله وهذا يمثل انتهاكاً لمواثيق ونصوص معاهدة جنيف لعام 1949م، كما عبرت بريطانيا أيضاً عن رفضها إعفاء السلع والبضائع المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية من التعرفة والرسوم الجمركية. الجدير بالذكر أن حصار غزة بدأ في الرابع من تشرين الثاني المنصرم ، عندما اجتاحت اسرائيل أراضي القطاع في انتهاك صارخ لهدنة إطلاق النار الجارية لمدة ستة أشهر والموقعة بين إسرائيل وحركة حماس وقتل في ذلك الاجتياح ستة من أعضاء حركة حماس ، بينما قتل خمسة آخرون عندما شنت إسرائيل غارة على القطاع .ومن المتوقع أن تنتهي فترة سريان الهدنة الحالية في التاسع عشر من كانون الأول والتي يريد تمديدها كل من إسرائيل وحماس ولكن وفقاً لشروط خاصة لكل طرف ، فمن جهتها تريد حماس أن يكون التمديد مصحوباً بإعادة فتح المعابر ، بينما تريد إسرائيل تجويع الفلسطينيين ومواصلة فرض الحصار عليهم بحريتها الكاملة على أمل أن تطيح بحكومة حماس. وكما هو واضح فإن طموح إسرائيل هو أن تكون لها الحرية المطلقة في قتل الآخر دون أن يحق لهذا الآخر الرد على اعتداءاتها فهي تريد تأمين الحماية اللازمة لمواطنيها بينما تحرم الآخرين الحق من هذه الحماية لكن تنسى إسرائيل أنه يستحيل عليها أن تنام هانئة قريرة العين طالما تواصل حرمان جيرانها الفلسطينيين هذا الأمن والطمأنينة ، فالأمن واحد لايتجزأ ولايجوز لجهة التمتع به دون الأخرى ، وهذا هو جوهر مشكلة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وكما هو واضح فإن إسرائيل لاتهتم كثيراً للدمار العالمي الذي لحق بصورتها وقد لاتهتم كثيراً بالدمار الذي ألحقته بشعبها بفعل قهرها المستمر لجيرانها الفلسطينيين ومن الطبيعي أن تكره شعوب العالم العربي والإسلامي إسرائيل.‏

وكان رئيس وزراء حكومة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية سلام فياض قد ناشد الفرنسيين أثناء زيارته لباريس مؤخراً أن تتدخل فوراً لوضع حد لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية ، وأكد خلال مناشدته قائلاً : إن توسيع المستوطنات يقتل أي فرصة في حل الدولتين المتجاورتين للصراع، وفي تصريح صحفي له في باريس قال: لم يعد بوسعنا الانتظار أكثر مما فعلنا ويتعين على المجتمع الدولي التدخل لإنقاذ عملية السلام ، ولام فياض الإسرائيليين لعدم ذكر أي منهم لخطورة التوسع الاستيطاني الذي تواصله بلادهم بالرغم من استعدادهم جميعاً للانتخابات العامة القادمة في شباط المقبل .‏

الجديربالذكر أن الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر قال في حديث له إلى شبكة سي .ان.ان C.N.N مؤخراً : إنه تلقى وعداً شخصياً من الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما بالعمل سريعاً والتصدي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بعد توليه مهامه الرئاسية في شهر كانون الثاني القادم وبلاشك فإن العالم بكامله يأمل أن يتحلى أوباما بالشجاعة الكافية ليفي بما وعد ، ولكن الخوف كل الخوف ألا يفعل أوباما شيئاً تجاه الصراع العربي الفلسطيني - الإسرائيلي كما فعل غيره من الرؤساء الأميركيين السابقين ، إلا بعد خروجه من البيت الأبيض بعدة سنين ، وهذا ماحصل مع جيمي كارتر نفسه إذ لم يتحدث عن عدالة القضية الفلسطينية إلا بعد خروجه من السلطة .‏

الانترنت Gulf.news‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية