|
الجولان في القلب بدأت (إسرائيل) تتعامل معه وكأنه جزء لا يتجزأ من أملاكها، فلم يكن مستغرباً أن حكومة مناحيم بيغن الليكودية أدرجت مسألة ضم الجولان على سلم أولوياتها، بعد إعلانها ضم القدس المحتلة في الفترة الأولى من احتلالها ولم تكن هذه المحاولة هي الأولى من نوعها، فقد ظهرت أولى بوادر إعلان الضم بتاريخ 12 كانون الثاني 1978، حيث ذكرت إذاعة (إسرائيل) باللغة العبرية أن الإسرائيليين يطالبون بتطبيق القانون المدني الإسرائيلي على الجولان لخلق حقائق واقعية في المنطقة.
وإن مسألة ضم الجولان كانت تحظى تقريباً بإجماع من قبل جميع الأحزاب السياسية الإسرائيلية، قوبلت هذه المبادرة بالرفض القاطع من قبل الأهالي، ما دفع بيغن في 14/12/1981 إلى اتخاذ قراره بضم الجولان السوري المحتل، داعياً وزرائه لجلسة استثنائية، أحيطت بسرية تامة وافق المجتمعون خلالها على مشروع قانون الضم، لم يقف أبناء الجولان مكتوفي اليد أمام قرار حكومة العدو، ولذلك انتقلت المقاومة في الجولان إلى العمل النضالي والسياسي شبه العلني وأخذت الطابع الجماهيري خلال أحداث عام 1979/1982 اثر إعلان حكومة (إسرائيل) فرض الجنسية الإسرائيلية على سكان الجولان تمهيداً لضمه وإلحاقه إلى كيانها مخالفة كل المعاهدات الدولية التي تنص عليها معاهدات جنيف، ضاربة عرض الحائط رفض السكان العرب السوريين لأي محاولة إسرائيلية، لسلخهم عن وطنهم الأم سورية، وأمتهم العربية العريقة. بعونه تعالى نحن جماهير الجولان السوري المحتل، وبعد أن حضر ممثلو قرى مرتفعات الجولان السورية المحتلة إلى هذا الاجتماع الجماهيري المنعقد في رحاب المجلس الديني في مجدل شمس، وبعد أن تشاورنا وتبادلنا الرأي قررنا بالأصالة عن أنفسنا وبالنيابة عن ذوينا وبالإجماع أن نرفض المشروع الداعي إلى تسليمنا هويات إسرائيلية رفضاً باتاً، وأن نتبرأ من كل الداعين والعاملين لتنفيذ ذلك والإعلان أنهم لا يمثلونا بأي حال من الأحوال ولا يحق لهم التكلم باسمنا وبنفس الوقت ندين كل شخص من منطقتنا يطابق أو يوافق على هذا ونعتبره خارجاً على ما أجمعت عليه إرادتنا واتفقت بشأنه كلمتنا ومتلاعباً بكرامة مجتمعنا ومدنساً لأصالتنا العربية وخائناً يستحق منا الاحتقار والسخط وغضب المجتمع عليه. لقد عبر مواطنو الجولان في اجتماعهم الشعبي الذي شارك فيه أكثر من 1200 مواطن في بلدة مجدل شمس عن رفضهم للمخطط الإسرائيلي الذي هدف إلى خداع الرأي العام العالمي والعربي بأن سكان الجولان أصبحوا مواطنين في (إسرائيل)، حسب الهويات والجنسيات التي بحوزتهم، ويجب إخضاع الأرض والسيادة عليها إلى سلطة القانون الإسرائيلي، الأمر الذي جعل قادة (إسرائيل) يتصرفون بسرعة دراماتيكية ومفاجئة وغريبة، في إقرار تشريع قانون ضم الجولان خلال 24 ساعة في الرابع عشر من كانون الأول عام 1981، أمام هذا الوضع الجديد، الذي فرضته سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أرض الجولان وتحقق توقعات رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك «مناحيم بيغن» التي عبر عنها أمام الكنيست الإسرائيلي: «إن كل ردود الفعل العالمية والعربية على قرار (إسرائيل) بضم الجولان ستقتصر على الشجب والصراخ، الذي سيزول بعد فترة قصيرة جداً». كان لابد لمواطني الجولان من تجنيد قواهم، والدفاع عن وجودهم وانتمائهم التاريخي والحضاري لأمتهم وشعبهم كما يحتمه الواجب الوطني والقومي والإنساني فكانت وقفتهم الجماهيرية والشعبية الواحدة نبراساً لانتزاع حقوقهم التي تستلب منهم، وتصادر عنوة، فكان إعلانهم بخوض الإضراب العام والمفتوح بتاريخ 13/2/1982 احتجاجاً على الممارسات الإسرائيلية. نحن المواطنين السوريين في المرتفعات السورية المحتلة، نرى لزاماً علينا أن نعلن لكل الجهات الرسمية والشعبية في العالم أجمع، ولمنظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها، وللرأي العام العالمي والإسرائيلي، ومن أجل الحقيقة والتاريخ وبصراحة ووضوح تامين عن حقيقة موقفنا من الاحتلال الإسرائيلي ودأبه المستمر لابتلاع شخصيتنا الوطنية، ومحاولته ضم الهضبة السورية المحتلة حيناً، وتطبيق القانون الإسرائيلي علينا حيناً آخر وجرنا بطريق مختلفة للاندماج بالكيان الصهيوني، والانصهار في بوتقته ولتجريدنا من جنسيتنا العربية السورية التي نعتز ونتشرف بالانتساب إليها ولا نريد عنها بديلاً، والتي ورثناها عن أجدادنا الكرام، الذين تحدرنا من أصلابهم وأخذنا عنهم لغتنا العربية التي نتكلمها بكل فخر واعتزاز، وليس لنا لغة قومية سواها، وأخذنا عنهم أراضينا الغالية على قلوبنا وورثناها أباً عن جد منذ وجد الإنسان العربي في هذه البلاد قبل آلاف السنين، أراضينا المجبولة بعرقنا وبدماء أهلنا وأسلافنا، حيث لم يقصروا يوماً في الذود عنها وتحريرها من كل الغزاة والغاصبين على مر التاريخ، والتي نقطع العهد على أنفسنا أن نبقى ما حيينا أوفياء ومخلصين لما خلفوه لنا، وألا نفرط بشيء منه مهما طال زمن الاحتلال الإسرائيلي ومهما قويت الضغوط علينا من قبل السلطة المحتلة لإكراهنا أو إغرائنا لسلب جنسيتنا، ولو كلفنا ذلك أغلى التضحيات وهذا موقف بديهي وطبيعي جداً أن نقفه، وهو موقف كل شعب يتعرض كله أو جزء منه للاحتلال، وانطلاقاً من شعورنا بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا تجاه أنفسنا وأبنائنا وأجيالنا القادمة أصدرنا هذه الوثيقة. واستطاعت الحكومة السورية من دعوة مجلس الأمن للانعقاد والنظر بقرار الحكومة الإسرائيلية ضم الجولان السوري المحتل، وتمكنت من استصدار قرار يعتبر إجراءات (إسرائيل) وقرارها بفرض قوانينها وتشريعاتها و نظمها الإدارية على الجولان باطلاً وكأن لم يكن وعديم الأثر قانونياً على الصعيد الدولي وفيما يلي: نص قرار مجلس الأمن رقم 497 المتعلق بالجولان المحتل: إن مجلس الأمن، بعد أن نظر في الرسالة المؤرخة في 11 كانون الأول سنة 1981، من الممثل الدائم للجمهورية العربية السورية، وإذ يؤكد من جديد أن اكتساب الأراضي بالقوة أمر مرفوض بموجب نصوص ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والقرارات الصريحة لمجلس الأمن يقرر: أولاً: إن القرار الذي اتخذته (إسرائيل) بفرض قوانينها وتشريعاتها ونظمها الإدارية على مرتفعات الجولان المحتلة يعد باطلاً وكأن لم يكن وعديم الأثر قانونياً على الصعيد الدولي. ثانياً: يطلب إلى (إسرائيل) - الدولة القائمة بالاحتلال- إلغاء قرارها فوراً ودون إبطاء. ثالثاً: يعلن أن كافة أحكام معاهدة جنيف الموقعة في 12 آب 1949 المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين في أوقات الحرب - لا تزال سارية على الأراضي السورية التي تحتلها (إسرائيل) منذ حزيران 1967. رابعاً: يدعى السكرتير العام إلى تقديم تقرير إلى مجلس الأمن عن تطبيق هذا القرار - في خلال أسبوعين من تاريخه ويقرر أنه في حالة عدم امتثال (إسرائيل) فإن المجلس سيعقد جلسة طارئة في موعد لا يتعدى الخامس من كانون الثاني 1982 للنظر في اتخاذ الإجراءات المناسبة. وقد تبنى المجلس هذا القرار في جلسته رقم 2319، "بالإجماع. khaledgolan@yahoo.com |
|