تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نصائح غيتس (البريئة)؟!

الافتتاحية
الأثنين 15-12-2008
بقلم رئيس التحرير: أســـــــــعد عبـــود

الحرص وحده دفع وزير الدفاع الأميركي باتجاه المنطقة، وحضور مؤتمر حوار المنامة , وما ذكره أمام المؤتمرين في العراق.. وأيضاً في أفغانستان قبل ذلك طابعه الحرص بالتأكيد..

الحرص على ماذا..؟!‏

لا أعتقد أن عاقلاً يقول: إن أولوية ما في العالم قد تتقدم على, أو تتساوى مع أولوية المصلحة القومية لبلد ما في ذهن وزير دفاعه.. المصلحة القومية لسورية مثلاً، هي أولى أولويات وزير الدفاع السوري، والمعيار الأساسي للمصالح التي يحرص عليها.. وكذا وزير الدفاع الأميركي.. وهذا من طبيعة الأمور.‏

إذن, الوزير الأميركي في أفغانستان.. في المنامة.. في بغداد.. وأينما حل هو يسعى للمصلحة الأميركية، وهي الأولوية الأولى للحرص عنده.‏

وفي كل ما قاله ويقوله يمثل المصلحة الأميركية..‏

هل بالضرورة أن تتناقض المصلحة الأميركية مع المصالح المختلفة لشعوب المنطقة..؟!‏

هل بالضرورة أن تتناقض مع مصلحة دول الخليج العربي والعراق أيضاً..‏

أو مع المصالح العربية عموماً..؟‏

أبداً ليس بالضرورة.. ودائماً هناك هامش في وسط الصفحة للمصالح المشتركة بين الدول.‏

هذا الهامش مرن يتسع ويضيق حسب السياسة التي ترسم خطوطه..! ووحدها السياسة الأميركية منذ ما يتجاوز نصف القرن التي جعلت هذا الهامش ليس مرناً وإنما قلقٌ؟! إلى درجة أن تشعر شعوب المنطقة -غالباً- أن مصالحها تكون حيث لا تكون المصلحة الأميركية.‏

الأخوة العرب في الخليج عموماً كانت علاقاتهم مع الولايات المتحدة ربما الأفضل بين الدول العربية.. وبالتالي طبعاً هناك هامش عريض لمصالح مشتركة.. والأمر مشوب بالاعتبارات الثلاثة التالية:‏

1- إن المصالح الأميركية متسعة جداً لا تقف عند حدود الكرة الأرضية بل تصل إلى الفضاء. وبالتالي رؤيتهم لهامش المصالح المشتركة مع شعوب جادة مناضلة كأبناء الخليج قد تختلف.‏

2- إن المصلحة الإسرائيلية دائماً هي الأولوية الأولى للولايات المتحدة.. ومن أجلها لا يقيمون اعتباراً يذكر لعلاقاتهم ومصالحهم المشتركة مع خليج.. ولا مع عرب.. بل حتى ولا مع أوروبا.‏

3- أولوية إسرائيل والحرص الكلي على كل ما تريد أوجدا حالة عداء شبه مستعصية مع إيران.. ومع غيرها..‏

الآن نسأل:‏

ترى هل لدول الخليج؟!‏

هل للدول العربية..؟!‏

هل لدول المنطقة كلها..؟!‏

هل لها مصلحة في عداء غير مبرر لإيران، استجابة للأجندة السياسية الأميركية المتبنية لما تريده إسرائيل؟!‏

لا حاجة للاتهام ولا لنظرية المؤامرة -والمؤامرة حقيقة قائمة دوماً- فما صرح به السيد روبرت غيتس واضح لا يترك مجالاً للتنظير والاستنتاج.‏

فقد دعا دول الخليج والشرق الأوسط بوضوح إلى الاشتراك في «حصار» إيران.. وضم العراق إلى دول مجلس التعاون الخليجي لحمايته من إيران..‏

مصالح من التي يحرص عليها السيد غيتس في هذا وذاك..؟‏

مصالح الخليج العربي..؟!‏

عموماً الخليجيون رفضوا طلبي الوزير الأميركي.. وعلى مستوى متابعتنا وسمعنا - على الأقل- لم يرحب بها أحد.. وبالتالي إذا كانت ثمة عوالق سياسية بين إيران ودول الخليج، فإن حلها يكون بالحوار في ظل السلام والتعاون وليس بالحصار والعداء..‏

هذا ما أكده بوضوح الشيخ خالد بن حمد آل خليفة وزير خارجية البحرين في خطابه الذي افتتح به حوار المنامة الخامس.‏

الأدهى من ذلك كله أن يلجأ وزير دفاع الدولة الكبرى العلمانية المتعددة الاجناس والاعراق والأديان إلى إثارة النعرات الطائفية ليتمكن - وفق نياته - من استثارة الدول العربية ضد إيران..‏

من له مصلحة في ذلك؟!‏

أميركا..؟!‏

أبداً لا مصلحة فعلية أميركية في هذه الادعاءات السياسية.. بل هي المصلحة الإسرائيلية!‏

وهذه من عجائب الامور وغرائب المواقف الدولية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية