|
شؤون سياسية قائد القوات الأميركية في العراق وريان كروكر سفير واشنطن في بغداد, في شهادتهما أمام الكونغرس. علماً أن معارضي الحرب أكدوا أن البيت الأبيض أملى عليهما الشهادتين اللتين أدليا بها, رغم محاولات نفي التهمة من قبل مسؤولين في الإدارة الأميركية. وقبل ذلك فضح البريغادير البريطاني جيمس باشال في صحيفة / ذي ديلي تلغراف /, الضغوط التي مارستها واشنطن على لندن لتأجيل انسحابها من وسط البصرة, مؤكداً أن الإجراء الصحيح كان بسحب القوات البريطانية قبل ذلك بوقت طويل. فلماذا كل هذا الإصرار المتعنت لإبقاء القوات الأميركية في العراق, علماً أن استطلاعات الرأي الأخيرة داخل الولايات المتحدة تشير إلى أن أغلبية الأميركيين تريد الخروج من العراق, ناهيك عن الأغلبية في الكونغرس التي ترى أن الجيش الأميركي يتآكل هناك, وأن العائلات الأميركية تجبر على المعاناة وتضحي بأبنائها دون سبب واقعي ويقتلون بشكل عبثي ودون طائل. أما الكلفة العالية للحرب فباهظة وقد بلغت 400 مليار دولار, وهي مرشحة للزيادة, وتأتي هذه الكلفة المالية على حساب معالجة قضايا حيوية للأميركيين مثل الرعاية الصحية والبنية التحتية المتهاوية والتعليم العام المتدهور ومشاكل البيئة, إضافة إلى الالتزامات العالمية الأخرى. وبالتالي فإن استمرار الحرب العبثية سيترك آثاره على المجتمع الأميركي لعقود طويلة, سيتحمل أكلافها المادية والمعنوية الأحفاد وبالتالي فإن زيادة القوات الأميركية كهدف استراتيجي أعلنه سابقاً البيت الأبيض, كان المقصود منه شراء الوقت, والوقائع على الأرض تؤكد ذلك. ويبدو جلياً أن الإدارة المالية لاتريد التعلم من أخطاء الماضي وبدلاً من البدء بجدولة انسحابها من العراق, نراها تحاول ذر الرماد في العيون وخداع الأميركيين بإعلان الجنرال بترايوس في شهادته أمام الكونغرس ضرورة سحب لواء من العراق, وهي لاتعني سوى همسة سياسية برأي رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس ( توم لانتوس ), وهو أمر غير مقبول للشعب الأميركي ولأغلبية أعضاء الكونغرس. وبغياب الإحصائيات والمعطيات التي تقنع الأميركيين بضرورة بقاء قواتهم في العراق, فإن مصداقية إدارة بوش وصلت إلى الحضيض, وهي تكرر أخطاءها في أفغانستان, وتعيد تجاربها الفاشلة هناك لتطبقها على العراق. ففي العراق تجاوز عدد القتلى المليون منذ بدء الاحتلال الأميركي ,وهناك ملايين النازحين واللاجئين, وتم تدمير بلد بأكمله باسم ( نشر الديمقراطية ) والقضاء على (الإرهاب ). وتزداد الصورة القاتمة مأساوية يوماً بعد يوم, ولاأمل يذكر في الخروج من النفق المظلم الذي وضعت به إدارة بوش الأميركيين والعراقيين فيه. وهذا يؤكد من جديد أن عصابة المحافظين الجدد التي اختطفت القرار الأميركي في غفلة من الزمن, ورغم الخسائر التي تلاحقها, ورغم الوهن الذي يصيبها, تمضي في مخططاتها الشريرة, غير عابئة باحتجاجات الأميركيين ورفضهم المتنامي للبقاء في العراق, وهي تريد كسب الوقت المتبقي لرئيس فاشل, كي تحبط أي محاولات جادة لجدولة انسحاب ( مشرف ) من العراق, بل تخطط لإشعال حروب جديدة في المنطقة تحت يافطة مزعومة هي ( محاربة الإرهاب ) رغم أن الإرهاب قد ازداد عشرات المرات, بسبب التنسيق الخفي والأهداف والغايات المشتركة للقاعدة وزمرة المحافظين الجدد, فهما فعلاً وكما يقال وجهان لعملة واحدة. وكما احترقت روما قديماً, فهم بتعنتهم وأوهامهم يسعون لإحراق المعمورة. ولم يبق أمام الشعوب قاطبة بما فيها الشعب الأميركي, سوى مواجهة هذه العصابة ولسان حالهم يقول ياشعوب الأرض تكاتفوا ضد طغيان ممثلي الليبرالية المتوحشة والتي تنوي لو أفسح لها المجال أن تخرب مابنته يد الإنسان منذ بدء الخليقة وحتى الآن. |
|