|
ثقافة في أحد كتبه ذكر مارسيل بروست: «.. لقد كنت مخطئاً عندما ظننت أن بإمكاني رؤية ما في قلبي بوضوح، ولكن تلك المعرفة التي لم أكن لأخطئ بها حتى من أكثر مدارك العقل ذكاءً حصلت عليها الآن راسخةً لامعة وغريبة مثل بلورات الملح، وكل ذلك من خلال ردّ الفعل المفاجئ للألم».. هل للألم قوة تجعله مسباراً يكشف خبايا الذات..؟؟ في زمن الحب عن بعد، والعلاقات عن بعد، لوهلة تعتقد أن كل خطوة تخطوها نحو «الآخر»، بمختلف انتماءاته، تبدو خطوة لاكتشاف جوانب أخرى خفية في ذاتك.. وكلّما اعتقدتَ أن الاتصال/التواصل أصبح أكثر يسرة وسهولة، كلّما اكتشفتَ أن طرقه الملتوية أصبحت أكثر تعرّجاً وضياعاً.. هل نقترب من ذواتنا أكثر حين نسلك سبل الالتقاء مع الآخر بهيئاته الافتراضية.. أم نتوه عنها أكثر..؟؟ أتزيدنا تشعبات التواصل الاجتماعي معرفةً بذواتنا أم تزيد هجرنا لها..؟؟ في كتابه «الذاكرة، التاريخ، النسيان» يتساءل بول ريكور: (ماذا يعني أن يبقى المرء هو عينه؟).. بالنسبة لموجات الانشغال الطويلة التي نلج ضمنها منصّات التواصل الافتراضي «الوهمي»، هل كانت أداةً مارست نوعاً من الانزياح في فهمنا لذواتنا وهوياتنا.. هل جعلتنا نتنبّه لهشاشة «من نكون»..؟؟! في اللحظة التي نظن بها أن شبكات التواصل ليست أكثر من مرايا تعيد انعكاس صور لذواتنا أكثر وضوحاً إلينا، ندرك أنها تزيد من غشاوة الرؤية.. وتُفقد القدرة على إدارة بوصلة التمسك بذاتٍ أصيلة.. وبالتالي اكتشاف مزيد من هشاشةٍ تسوّر وجودنا في فضاء من سيولة الحضور.. تلك السيولة التي «تطرح أمامنا الخيارات اللامتناهية، تضيّق علينا أكثر.. فلا سكينة ولا هدوء روحي بسبب امتزاج كل شيء وغياب الشيء الواضح والمفهوم والثابت» وفق رؤية زيجموند "باومن. lamisali25@yahoo.com |
|