|
ملحق ثقافي وقد نقل عنه الجاحظ بأنه جاع حتى أكل الطين، وأنه اضطر أن يبيع قميصه ليأكل من ثمنه، وأن أحد مخالفيه أشفق عليه فبعث له ثلاثين ديناراً، فقال النظام بأنه لم يملك قبل في جميع دهره ثلاثين ديناراً. في صباه الباكر التقى بالخليل بن أحمد الفراهيدي، وتوفي سنة 231، أي أنه عاصر من الخلفاء الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق. هو أبو إسحق إبراهيم بن سيار النظام البصري، أحد أكبر المعتزلة في التاريخ الإسلامي، وقال عنه الجاحظ: «لا نظير لأبي إسحق النظام». واشتهر بأنه سريع التعلم وشديد النباهة، إذ حفظ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وتفسيرها، مع كم هائل من الأشعار والأخبار. جاء إلى بغداد أيام هارون الرشيد، وصار يرتاد مجلس يحيى بن خالد البرمكي، وفي بغداد تعرّف على الفلسفة اليونانية في بيت الحكمة، فقرأ أرسطوطاليس، وكتب نقداً عليه. سافر إلى الكوفة والتقى هشام بن الحكم، ثم زار الأهواز، وطاف كثيراً من البلدان. تعلم على يدي المعتزلي أبي الهذيل العلاف، ما لبث أن خالفه في كثير من الآراء والمسائل حول الوجود. ومع علو شأنه تبعه بعض التلاميذ، وكان في مقدمتهم أبو عثمان الجاحظ وعلي الأسواري، وسمي أتباعه «النظامية» لا يوجد الآن أي كتاب للنظام، ولكن كتبه ذكرت في مؤلفات الآخرين، كابن الريوندي والخياط، ومنها: كتاب العالم، كتاب في التوحيد، كتاب في الجزء، كتاب نقض أرسطوطاليس، كتاب في الثنوية. رد بعض المعتزلة عليه بكتب، ومنهم أستاذه العلاف، وأبو جعفر الإسكافي، وجعفر بن حرب، وأبو علي الجبائي. وكتب الأشعري أيضاً ثلاثة كتب في الرد على النظام. إن سعة معرفة النظام واطلاعه على الفلسفات القديمة، جعله حالة فكرية متقدمة، وقد أحدث في الفكر الإسلامي جدلاً مهماً، استدعى التفكر في آرائه ومحاولة نقضها وإفحامها. واعتبره البعض ألمع من تفلسف من المتكلمين. يقول الجاحظ: «الأوائل يقولون في كل ألف سنة رجل لا نظير له، فإن كان هذا صحيحاً، فهو أبو إسحق النظام». |
|