تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الصين.. الصعود القوي في آسيا الوسطى

شؤون سياسية
الأربعاء 13-1-2010م
بقلم : توفيق المديني 

الصين الحريصة على تنويع امداداتها من الطاقة وتعزيز نفوذها في آسيا الوسطى، قطعت مرحلة رمزية في هذا الاتجاه ،

عندما قام الرئيس الصيني هوجين تاو ونظراؤه التركماني قربان قولى بيردى محمدوف ورئيس كازاخستان نور سلطان نزار باييف والرئيس الأوزبكي اسلام كريموف بافتتاح تدفق الغاز الطبيعي في محطة الغاز على الضفة اليمنى لنهر امو داريا، يوم الاثنين 14 كانون الأول 2009.‏

وخلال مراسم افتتاح محطة للغاز الطبيعي بالقرب من الحدود بين تركمانستان وأوزبكستان قال: الرئيس الصيني: إن خط أنابيب الغاز الطبيعي الذي يربط بين الصين وآسيا الوسطى هو نموذج للتضامن المخلص والتعاون المتبادل النفع بين الدول الأربع.‏

ويبدأ خط الأنابيب الذي يمتد بطول 1833 كيلو متراً من محطة الغاز الطبيعي بالقرب من تلك المدينة الحدودية في تركمانستان ويمر عبر وسط أوزبكستان وجنوب قازاقستان ويدخل الصين عند معبر هورجوس الحدودي في منطقة شينجيانغ بشمال غرب البلاد، وهناك سوف يتصل مع خط الأنابيب الصيني رقم 2، وطوله 8653 كم من منطقة هورجوس في شينجيانغ ، ويمر عبر 14 مقاطعة، ومنطقة ذاتية الحكم، وبلدية، ومنطقة إدارية خاصة، من بينها شانغهاي، وهونغ كونغ، لكي يحمل الغاز الطبيعي المنتج في تركمانستان إلى المدن الصينية الكبيرة مثل شانغهاي وقوانغتشو وهونغ كونغ، وينتظر أن ينقل الخط 40 مليار متر مكعب من الغاز إلى الصين حين يعمل بكامل طاقته في عام 2013.‏

بدىءالعمل في بناء خط الأنابيب لنقل الغاز من تركمانستان إلى الصين في تموز 2008 وهو ما اعتبره المحللون كسراً للسيطرة الروسية الطويلة الأمد على امدادات الغاز الكبيرة من تركمانستان، وتتويجاً لاستراتيجية الحضور الاقتصادي الصيني في هذه المنطقة، التي أعطتها الأزمة الاقتصادية دفعة قوية.‏

وكانت الصين الحاضرة في كازاخستان قدمت أيضاً قروضاً للبلدان المتضررة من انهيار أسعار المواد الأولية، ولاسيما النفط، في مقابل القيام بمشاريع استثمارية في مجال الطاقة أو في البنية التحتية، فقد استفادت تركمانستان من قرض صيني بقيمة 3 مليارات دولار للتنقيب عن الغاز في حقل يولوتان عثمان الجنوبي الذي يقع قرب الحدود مع أفغانستان، كما تسهم الصين أيضاً في إزالة العقبات المتعلقة بالطاقة من أمام هذه البلدان، التي غالباً مايتودد إليها الغرب.‏

وتنتج تركمانستان نحو70 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، وتصدر منها 50 مليار متر مكعب إلى روسيا، -زبون تركمانستان الرئيسي - حتى وقت قريب، بيد أن الانفجار الذي وقع في نيسان 2009، على خط أنابيب الغاز الذي شيدته الشركة الروسية العملاقة غازبروم في آسيا الوسطى، أسهم في تعطيل الإمدادات من الغاز إلى روسيا، حيث لم يتوصل البلدان حتى الآن إلى شروط جديدة ما أدى إلى خسارة تركمانستان نحو مليار دولار شهرياً، وأدى ذلك إلى إعلان الرئيس بردي محمدوف عن رغبة بلاده في تطوير طرق امداد أخرى، وتوشك تركمانستان على إكمال خط أنابيب آخر إلى إيران وأعربت عن رغبتها في دعم خط أنابيب نابوكو إلى الاتحاد الأوروبي.‏

من وجهة النظر الصينية، تعتبر التنمية الاقتصادية الضمانة الحقيقية لتأمين الاستقرار في منطقة آسيا الوسطى، فالأمر يتعلق بالمحافظة على إقليم شينجيانغ الذي يقع شمال غرب الصين، و الذي شهد اضطرابات اثنية كبيرة في تموز 2009، لكي تجعل منه الصين المركز الصناعي و التجاري في المنطقة، الذي تمر عبره الصادرات الصينية المتنامية نحو آسيا الوسطى.‏

وشكلت منظمة «شنغهاي للتعاون» التي تأسست من قبل موسكو وبكين سنة 2001، وتضم كازاخستان وقرغيزيا واالصين وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان، وتنتسب إليها كل من منغوليا وباكستان والهند وإيران بصفة مراقب، إحدى الرافعات التي سهلت الصعود الصيني القوي في منطقة آسيا الوسطى.‏

 كاتب تونسي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية