تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حفلة تنكرية...لكن على الحلبة !

فضائيات
الأربعاء 13-1-2010م
لميس علي

 لا لزوم .. بتاتاً .. لأن  يشرّق خيالك ويغرّب صوب الحفلات التنكرية الواقعية .

التنكر المقصود ..  هو إلباس مظاهر عنيفة بلبوس رياضي..بحجة الرياضة ، أو الروح الرياضية التي تبدو لديهم ذات قدرة على التمدّد _ الشط والمط _  هائلة فظيعة ، يقدمون رياضة المصارعة الحرّة المشتملة أطناناً من العنف ، قبالة غرامات من الرياضة الحقّّة .‏

ويبدو أن سمة الحرية وصمت كل شيء في المجتمع الأمريكي حتى غدت المصارعة أيضاً ( حرّة بنت حرّة ) لكن بشروطهم ووفقاً لحيلهم .‏

تقدّم بعض المحطات العربية الرياضية ، برامج تُعنى بعرض مباريات لهذا النوع من المصارعة ..الكويت الرياضية ، حيث (الدبليو اكسبرينس _ أو الديب شو ) برنامج اميركي يسوّق لهذا النوع من المصارعة ، ويقابله نظيره المعرّب  (الضربة القاضية ) على النيل الرياضية ، إضافةً إلى  ما تختص به (mbc أكشن ) من هكذا عروض .‏

 في ذلك الفضاء العجائبي ..‏

كل شيء خرقاً للمألوف مسموح .. والركون إلى خُلق رياضي ،  يهّذب ويشذب ، ممنوع .. لتختصّ هذه الحلبات تقديم جرعات من العنف المتنكر بالزي الرياضي .‏

قد يُبرر لهذه الرياضة أنها تندرج تحت مسمّى ( الحرّة ) ..لكن المبالغة في تقديم وترويج هذا العنف  ، ينسف أي أساس رياضي حقيقي قامت عليه ..‏

فالحلبة تُوظّف مسرحاً لمظاهر خشونة أكثر من مقصودة .. و الأمر يزداد استفزازاً لك كلّما زاد العنف .. أحدهم يضرب الآخر بسلم حديدي .. يكسر الطاولات وكل ما يحيط بالحلبة .. يصعد مصارعان إلى ما بين الجمهور إكمالاً للجولة .. وثالث يصعد بدوره على سلم وصولاً إلى (حزام البطولة ) المعلّق أعلى الحلبة..‏

   والمصيبة أن ينشد غالبية المشاهدين لهذه الخدعة .. الأقرب إلى  التمثيل  والفبركة  .. تتفاجأ بل قد تُصاب بالجمدة وتهمد ( بفرد همدة ) عندما ترى أحدهم  وقد أُشبع ضرباً وسفقاً، ثم من غامض علمه ينهض فجأة ً ليرد ضربات الخصم عند اللحظة الحاسمة ..‏

الموضوع أقرب إلى خطط تكتيكية تُعدّ مسبقاً لزيادة الإثارة لدى تلك الجموع المتهافتة لمشاهدة هذا العنف السافر ..‏

العنف المصدّر إلينا هو عنف مشكّل .. ملوّن .. وما ذلك إلا تمويه..  ‏

يظهر المصارع بالألوان .. أصباغ على الوجه وأوشام على كامل الجسد .. وأزياء عجيبة غريبة يرتدونها ..‏

عنف على المستوى البصري يجعلك لوهلة تعتقد أنك بحفلة تنكرية ..وعنف آخر على مستوى التطبيق العملي .. إلا أنه تطبيق مدهون تمثيلاً ، ومطروش افتعالاً ..‏

  وكأنما في الأمر لعبة ( تقريش ) لا أحد يملك مفاتيحها سوى شركات إنتاج ضخمة لها أن تُكسي فضاء الصراع ذاك كسوةً واقعية .. هكذا يمكن إيهام المشاهدين أن كل ما تمسّه تلك البلدوزرات البشرية هو حقيقي .. سلم .. كرسي .. كل ما هو قريب من الحلبة ..‏

لكن ما هو سر وجود كتل بشرية هائلة ، ملاصقة ، مبحلقة بمناظر العنف تلك .. هل يأتي الأمر إشباعاً لرؤية الدم .. اذاً هل هي ساديّة مبطّنة  ..‏

أغلب الظن أنها مجرّد ( رهانات ) تُقدم عليها تلك الجموع على سبيل التسلية ..‏

    يلهون باستعراض العنف متنكراً بثوبه الرياضي صيداً لمتعةٍ تسلوية ..‏

ومصيبة المصائب أن تسرّب إلينا التسلية معلّبة عنفاً واضحاً حتى لو كان مجرد تمثيل ..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية