تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ضفــــــاف الفــــــرات.. تاريــــــــخ وإبـــــداع

ثقافة
الأربعاء13-1-2010
متابعة: رانيا الحسن

(الحياة على ضفاف الفرات المتوسط في العصور القديمة) عنوان المحاضرة التي ألقيت مؤخراً في المركز الثقافي الفرنسي ألقت المحاضرة (جوستين غابوري) عالمة آثار تعمل في المعهد الفرنسي

للشرق الأدنى مختصة بحوثها في الجغرافيا التاريخية في منطقة شمال سورية (تنقيبات منبج في سيروس) بعد أن درست وادي الفرات حيث شاركت في تنقيبات المواقع الهلينستية والرومانية والبيزنطية في تل السن ودورا أوربوس في سورية وزوغما أفاميا في تركيا.‏

الفترة التي تحدثت عنها المحاضرة هي من القرن الثالث ق.م وحتى القرن السابع بعد الميلاد وتحديداً التنقيبات الرومانية والبيزنطية في موقع دورا أوربوس وزوغما في الفترة الهلينستية من الغزو المقدوني وحتى الزمن الروماني ثم فترة السلام تخللتها الحروب الساسانية ثم الفترة الإسلامية.‏

أما جغرافيا المكان فيمكن تتبع النهر ابتداءً من الجبال الارمينية على مدى 470كم والنهر يصل إلى مستواه الأدنى في الخريف حيث انخفاض المياه ثم ارتفاع منسوبه في الشتاء مع هطول الأمطار الأناضولية وفي الربيع يحدث الطمي والطوفانات القوية حسب اختلاف الأمطار وخاصة المتأخرة.‏

وينخفض منسوب المياه في الخليج وفي الفرات الأوسط وفي جبل بشري وعبد العزيز في الجزيرة العليا وروافده الساجور والبليخ والخابور.‏

المياه حفرت مجراه وأعطت هيكله على شكل نوع من الحويصلات بينها فواصل وهناك اختناقات حيث يضيق في خانوقات بين الرقة ودير الزور وفي داخل المجرى يتسارع ويتعمق ويفقد السرعة والعمق عندما يصل السهل وعندما يتاخم التضاريس يصطدم بعائق يتسارع مجراه واتجاه الحقول والمساكن تساعد على معرفة الحلقات المختلفة والفرات الأوسط همزة وصل بين الشمال والجنوب وبفضل دخول الروافد منذ القرن الرابع كان عاملاً لنشر الثقافات والازدهار الاقتصادي مؤمن نتيجة توحيد الوادي بسبب الوحدة السياسية. كل إشارة للتخوم الرومانية نقاط حدود بين الامبراطوريتين الرومانية والبارثية وتوجد أماكن محصنة على طوله.‏

الحياة‏

على ضفاف النهر‏

السكنى هي إيجاد توازن في الحصول على الماء وتحضير الطعام وتتضاعف المياه في فترة الطمي فتتضاعف أربعة أضعاف وهذا يبرر توزع المدن على مرتفعات عليا في مأمن من الفيضان وتتكثف في المواقع البعيدة عن النهر وتتشكل قرب الروافد مثل أبو حسن شمال البوكمال على الضفة الشمالية اليسرى حيث حث النهر الجدران وتل قصرة شمال دير الزور والتلويات أكلت الهضبة البليستو سينية وفي حلبية زنوبيا الشرقي متصل بالفرات ووضعه درامي اليوم.‏

البناة البيزنطيون بنوا جدران احتماءً من النهر واستعملوا البازلت ولكنها انهارت اليوم على هذا الأساس في الفترة البيزنطية كان الهطول المطري كثيفاً والحرارة أكثر برودة.‏

أما الري القديم فكان رياً ربيعياً ومن أجل إيصال التغذية كان لابد من الإبحار في النهر مع أن الفرات الأوسط لم يكن مناسباً للإبحار، ففي الخريف ينخفض المنسوب والفيضان في نيسان وأيار كان يعوق الإبحار والفترة المناسبة للإبحار كانت من كانون وحتى آذار وهناك صعوبة في تحديد أهم مجرى للنهر.‏

فالألمان والانكليز خسروا العديد من سفنهم عند البوكمال، فالسفن ذات الحمولة الصغيرة نقلوا فيها البضائع أما البحرية فكانت تنقل الخيول والجمال، وتحدث المؤرخون عن شاتوشات وهي سفن مدورة استخدمت في سافلة النهر وهي جلود ماعز منفوخة.‏

وهناك تشكيل في شمال الفرات (هيروهيك) ويفترض أنه رصيف للربط بين الأرصفة لعبور الفرات وكانت تستعمل دائماً جسوراً مصنوعة من السفن.‏

وكلمة (زوغما) باليونانية تشير إلى الجسر التيار يمكن أن يجعل السفن تجنح باتجاه سافلة النهر وقد يكون السفر طويلاً فيستمر نهاراً بطوله إذا كان المسافر ينوي عبور النهر ويجب تجنب الانعطافات اختصاراً للطريق.‏

النهر كان يربط بين عدة مدن صناعية كانت مصادر للزفت والحجر الأوبسيدي فالزفت استخدم للأواني لجعلها غير نفوذة للماء وأيضاً هناك مصادر للحجر أمدت عدة مدن بمواد البناء والتغذية افترضت وسائل نقل محلية واستفادت مدن الفرات من تلك الحركة الكثيفة حيث كانت هناك نقطة دفع (المكس) في مدينة زوغما أما الفيلسوف فكان لا يدفع مالاً بل يحمل الفضيلة والحكمة بدل المال.‏

وفي عام 315 أصبح سلوقس سيد المناطق الشمالية وحصل كل المستوطنين المقدونين على قطعة أرض للزراعة وكانت سلوقية دجلة هي العاصمة وأعيد استيطان مواقع متروكة مثل زوغما وأفاميا ودورا أوروبوس عند جرابلس وجبل خالد.‏

أفاميا شيدت على الضفة اليسرى في السهل وسلوقيا تكمله وجبل خالد يطل على الوادي مع سلسلة من الأسوار ودورا أوربوس على الضفة اليمنى.‏

والمدن في الضفة اليمنى أقل من المدن في الضفة اليسرى وتزويد المدن بالمؤن كان حصرياً على الضفة اليسرى وعن ثقافات تلك الشعوب فقد عثر على شواهد بالآرامية والتدمرية ونصوص سريانية، فالآراميون يتعلمون الآرامية والإغريق يتعلمون الإغريقية وعن نمط المساكن في المناطق الشمالية في الفترة المتأخرة في زوغما عبارة عن باحات وحوض مرصوف بالموزاييك وجناح للضيوف وجناح للخدم وقسم للمساكن الخاصة ورسوم الفسيفساء لأيروس وأريادني وهناك غرف منحوتة كلياً أو جزئياً في الصخر للمنافع وأيضاً غرف خاصة مزينة تمثل أخيل يختبئ بين النساء لكي لا يذهب إلى حرب طروادة وهناك نحت أيضاً له عندما أخذ الدرع.‏

وفي دورا أوربوس وجد بيت يفضي إلى باحة مركزية ومنها نصل إلى الجناح الخاص وإلى قاعة الاستقبال وهما أكبر وكلما كانت المنزلة الاجتماعية كبيرة اتسعت مساحة هاتين الغرفتين.‏

وعن العبادات توجد عن العبادات الإغريقية والرومانية في دور أوربوس 17 معبداً وتتنوع الأديان (حدد، أفلات) أدخله سكان أتوا من مدينة عناة وهناك الإله النهر إذ إن الطقوس الإغريقية والرومانية تقتضي عبادة الأنهار وتؤلهها وهناك لوحة فسيفسائية تشير إلى عبادة الفرات الإله النهري الشاب وأسماء بالإغريقية والسريانية ويعبر الشاب (النهر) ذاته من خلال العوامل الجوية كهبوب العواصف عندما يغضب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية