تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مكعبــــــات الثلــــــج

رؤيـــــــة
الأربعاء13-1-2010
سوزان ابراهيم

تحولت اوروبا مؤخراً إلى مكعب ثلج كبير, فتعطلت كثير من مظاهر الحياة الحيوية, أما نحن العرب فقد تحولنا إلى عدد من مكعبات الثلج منذ أمد, بفعل عصر جليدي دخلناه بإرادتنا طائعين, قبل أن يسلط علينا الغرب تقنيات تحويل المياه الدافئة إلى جليد.

صرنا مكعبات جليد لا حياة فيها, وإن اختزن بعضها الحياة, فهي حياة معطلة تحتاج إلى شمس ساطعة! نحن في ثلاجة لحفظ النوع كما الأجنة المجمدة التي نحاول اختبار زرعها وإعادتها للحياة حين الطلب.‏‏

بيننا بالطبع من يشذ عن القواعد كما شذوذ الماء الذي يبدأ برفض التجمد عند الدرجة 4 مئوية, ليستعيد قدرته على احتضان الحياة, ولولا شذوذ الماء هذا, لانتهت الحياة في أعماق المحيطات, ولولا شذوذ بعضنا لانتهينا جميعاً إلى مصير جليدي واحد!‏‏

يشكو العالم من احتباس حراري يعمل على صهر الجبال الجليدية, ما يهدد بطغيان الماء وغرق شواطئ ومدن وبعض الكائنات حين تفقد موئلها الطبيعي, أما نحن قأعتقد أننا بحاجة إلى احتباس حراري عربي فعلي – رغم أن الشمس تكاد لا تفارق أراضينا - يصهر جليدنا, ولتغرق شواطئ ومدن التواكل والاستقالة, ولتنقرض بعض أنواعنا الطفيلية التي لولا جليدنا لما عاشت.‏‏

هل تتخيلون منظر دلو خاص بمكعبات الثلج يوضع على مائدة يعمل الجالسون حولها على التصرف به بملقط, هكذا يتعامل الغرب معنا في كل تفاصيل حياتنا, لتبريد حمى رأسه. لقد حوّلنا إلى ملعب كبير يمارس فوق جليده هوايته المفضلة بالتزلج!‏‏

اليوم هو يركز جهود جليده على العقول والهويات والذاكرة, فهل من احتباس حراري عربي قادم؟!‏‏

suzani@aloola.sy ‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية