تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خاطِرَتانِ بِلَونِ البَنَفْسَج

ملحق ثقافي
الثلاثاء 3 /1/2006
عـــــدنان كنــــفاني

(1) أيتها السماء العابقة بالنور..

أهطلي عليّ من بروجك العالية نيازكَ دهشة‏

وأمطريني بألوان الفراشاتِ المُعتّقة بسحرِ الضياء‏

كانت راكعةً إلى جانبي..‏

تحضن راحتيّ بوجيب رُموشها الحائرة‏

وتُهدينا "أنا وقلبي" ذلك الصفاء المُبحر سُكوناً بين بياض العينين، وشطآن الجُفون‏

- أَتُحِبُني..؟‏

لستُ أدري كم استغرقت رحلةُ الحُروفِ وُصولاً إلى مَسامعي.!‏

أصغيت واجماً.. حائراً..!‏

أحقاً وصلني منكِ ذلك السؤال.؟‏

أم أنها دوائر وهم غيورةٍ ترصدنا..؟‏

هل ذلك الذي لمسني سوط السؤال.؟‏

أم نزيفُ دمعةٍ انسكبت على ركبتيّ، فأحرقت مسامات الشجن فيَّ.؟‏

أيتها العصافير المحلّقة تعباً حول برج شقوتي‏

المجنّحة بقيود لحظة تمنيتها لو تستغرقني الدهر كله وأنا بين رحلات الحب والدهشة في عينيها.‏

أيتها القطرات السائبة من علياء نشوةٍ ما طرقت يوماً حشاشة كبدي بذات العنف كما الآن.‏

من منّا يُعلن الجواب.؟‏

- أتحبني..؟‏

في تلك اللحظة المعبأة بهمسِ الحيرة‏

تسلّلت من عينيّ قطرات دافئات، التحمت بدهشة السؤال‏

مفردات كثيرة فرّت من فرجة صغيرةٍ محشورة بترف بين شفتيها.. وراحتيّ.. وكومة دموع.‏

التحمت مع النيازك الهاطلة..‏

وتلوّنت بأجنحة الفراشات..‏

وكتبت بحروف من نور كلمات على مَدى القوس القُزحيّ‏

ـ رباه كَم أُحبُكِ..!؟‏

(2)‏

عندما سَحَب ثوبك الكستنائي آخر أزرارِهِ عن شاشةِ رؤياي.‏

وغابَ بكِ وراء جدارٍ من صَمت.‏

تسلّلت قطرةُ ماءٍ من سواقٍ باهتةٍ مركونةٍ في عَتمة الحُزن،‏

وَرَسَمت رُكامَ غيمةٍ أسرَجت على متْنها حُلمي وصَبوَتي، وَذَوّبت سُكّر حبيبتي على صَهوتها، وطارت بهم بعيداً.. بعيداً..‏

لحظتها.! تدفّقت من فُرجاتِ الفَقد المَفجوع رَوائحَ زَيزفون، لوّنت روحي بِماءٍ استَجدى من أديمِ الشِريانِ النازفِ لونَ البنفسج، فأثرى فيَّ نَبضَ الحياة.‏

كان الوقتُ يركبُ ظهرَ سُلحفاةٍ كَسولة، قيّدني برعشة أملٍ حالمَةٍ.‏

فألقيتُ مَراسيَّ في مينائِها، وأقمتُ خيمةً بلا أعمدة..‏

سأسكنُ في مِحرابها منذ الآن أرقب الأفق..‏

وأقترفُ انتظارَ ثوبٍ كستنائي، يخرجُ من وراء جدارِ الصَمت.S‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية