|
مجتمع
فمع تغير معطيات العصر بدأت تتغير مجريات حياة الأسر ولاسيما التطورات التكنولوجية الخطيرة كالفضائيات وغيرها من الوسائل الأخرى، وعوامل اجتماعية أخرى سببها تغير العلاقات الاجتماعية، تغيرت معها سلوكيات الأفراد ما أثر بشكل واضح على المجتمع الذي نعيش فيه، ولذلك لم يستطع بعض الأفراد التأقلم مع متغيرات العصر، نتيجة تغير متطلبات الحياة وتفاوت مستوى المعيشة وتباينه من بيئة لأخرى ومن أسرة لأخرى.
والأمثلة على التفكك الأسري والظروف الذي يعانيها الأبناء أكثر من أن تعد وتحصى فهنا فتاة يتيمة الاهل عاشت في بيت غير بيتها وربما لدى أناس لا يستطيعون تأمين لقمة عيشهم ، فكيف إذا زاد عدد أفراد أسرتهم ، وفي لحظة طيش أو ضيق تجد نفسها خارج المنزل لتأمين حياتها بعيداً عن حاجة الناس، وخاصة بعد أن قادها حظها العاثر للتعرف على شاب غرر بها وحصل على ما يريد وتركها تعاني المأساة بمفردها، وأخرى هربت من المنزل نتيجة الخلافات المتواصلة بين والديها ، وثالثة أجبرت على الزواج من شخص لا ترغب الارتباط به لأنها لم تجد فيه الرجل المناسب ، ما دفعها للزواج من شاب الذي ظنت أنه يحبها ويؤمن لها مستقبلها، فأخذ ما أراد وهرب وتركها وحيدة، وحالات أخرى محزنة متنوعة وكثيرة، لكل من هؤلاء الفتيات قصة معينة تدمع لها العين عند سماعها. في المكان الذي التقينا فيه المسؤولين عن الفتيات والذي يمكننا أن نعده داراً لإعادة التأهيل هؤلاء الفتيات وليس سجناً لهم. ومن خلال لقائنا مع مديرة معهد الرعاية الاجتماعية للفتيات الجانحات السيدة عروبة دياب أوضحت لنا أن هذا المعهد هو بطبيعته إصلاحي لفتيات أعمارهن بين /12 و17/ سنة وعددهن حوالي العشرة فتيات وأرجعت سبب تواجدهن إلى مجموعة من العوامل أهمها التفكك الأسري وزواج الأب من أخرى بعد انفصاله عن زوجته أو وفاتها مما يؤدي في بعض الحالات أن تستخدم زوجة الأب أو زوج الأم أسلوب العنف الجسدي أو النفسي ضد الفتاة وهذا بدوره ينعكس سلبا عليها فتخطئ وتتجه إلى طرق غير سوية فسوء التربية من قبل الأهل والفقر الشديد ايضا له دور هام فإذا لم يكن للأهل القدرة على تلبية احتياجات بناتهم فليس عليهم انجاب اولاد يفوق أعدادهم خمسة أولاد فبهذه الحالة لايكون هناك رعاية واهتمام أبدا والاسرة التي تعاني من خلل مافي البيت تعاني بالنتيجة من فقدان الأمان والحب في داخلها، ويمكن للفتاة ان تعتقد بأن الشخص الذي ستهرب معه بعيداً عن أنظار والديها سيؤمن لها حياة أسرية كريمة ويصوّر الكون لها بأنه جنة ، وأضافت أن لرفيقات السوء دوراً في الانحياد عن الطريق السوي بالسرقة أوالفساد الأخلاقي و ارتكاب الفاحشة أو الوصول إلى القتل.ومن حيث الخدمات أضافت أن المعهد يقدّم خدمات متنوعة من مبيت وإطعام وتوجيه تربوي وإرشادي وتبقى الجانحات في المعهد لحين نظر القاضي بأمرهن ويتم بعد ذلك إخلاء سبيلهن أو إذا كانت الجنحة مثل القتل يتم تحويلهن إلى سجن النساء بعدرا. ومن حيث الاهتمام بالفتيات تابعت قائلة انه يوجد مرشد ديني وهو السيد أحمد الحمصي الذي له دور مهم بتوجيه الجانحات نحو السلوك السوي والصحيح في الدنيا وعدم السير وراء الأمور الخاطئة التي تضر بصاحبتها وتؤدي بها لدخول المعهد،ويرشد الفتيات بطريقة دينية صحيحة تردع عن الخطيئة مستقبلاً وتوعيهن خلقياً وسلوكياً. ومن جهتها أفادت أمينة المكتبة نوال الضاهر بأن وجود مكتبة في المعهد من الامور المهمة وتقوم يإعارة الكتب للفتيات فمنهم من يرغب بمطالعة الكتب لملء وقت الفراغ الكبير. وتقوم وزارة الثقافة بتقديم مجموعة من الكتب للأميات لوجود نسبة منهن لا يعرفن القراءة والكتابة وأضافت السيدة دياب بوجود برنامج أسبوعي لتعليم الفتيات الحاسب واللغة الانكليزية والرسم والرياضيات، وتابعت قائلة بأنه يوجد نشاطات ترفيهية لفتيات المعهد ففي الشهر الماضي كان لهن نشاط ترفيهي لفريق الشام القديمة بقيادة السيد إياد عويص الذي يهتم بإضفاء الجو الترفيهي للفتيات من مسرحيات وأنشطة متنوعة. وأثناء زيارتنا للمعهد كانت السيدة ليزا مسؤولة الانتاج والتسويق في الاتحاد النسائي والمسؤولة عن اعطاء دروس تدريبية حول تركيب الاكسسوارات ، وقالت لنا أن تقديم شيء للفتيات أمر مهم لتتمكن مستقبلا من أن تكون في يدها مهنة أو حرفة معينة تتمكن من خلالها من كسب رزقها وأضافت ان هناك جسراً دائماً للتواصل بين الاتحاد والمعهد لتقديم دورات يدوية حول تركيب الاكسسوارات ،وفي الأيام القادمة سيكون هناك دوارت للفتيات في العمل بالسنارة والتطريز وتلبيس الزجاج بالفضة بالإضافة لصناعة الحلويات و دورات تدريبية حول مهارة التواصل مع رؤسائهم وتواصل المراهقات مع الناس من حولهم مستقبلاً أثناء خروجهم من المعهد . الآنسة جيلان اختصاصية علم نفس أوضحت أنه يتم التعامل مع الفتيات في المعهد منذ لحظة مجيئهم من خلال تقديم الدعم المعنوي لهن والاحتياجات اللازمة في جميع النواحي وحفظ أسرارهن وارشادهم نحو الطرق التي تخفف من معناتهم وإن وجدت واحدة من الفتيات تكذب تجري لها دراسة حالة عدة مرات بعد ذلك يكسبن ثقتها وتتعامل الفتاة معا بصدق تام .وتضيف قائلة أن الفتيات من خلال دخولهن إلى المعهد منهن من يبدأ سلوكهن بالتحسن التدريجي. إذاً الخروج عن الطريق الصحيح أو ما يسمى الانحراف ما من شك أن علاجه يكمن في شيء واحد، يكمن في التمسك بالمبادئ والقيم والاخلاق، وتربية الافراد تربية كاملة جسداً وعقلاً وسلوكاً، فالانحراف دائماً ينشأ نتيجة البعد عن تلك القيم، وهذا ما يتحمل مسؤوليته الأهل ،لأنه كما يقال فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا هم بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا». |
|