تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الضغوطات الدراسية والاكتئاب

مجتمع
الخميس 22-11-2012
أنيسة أبو غليون

يبدو أنه ما عاد مقبولاً من أهالي تلاميذ المدارس أن ينال أبناؤهم علامات مثل «مقبول» أو «ناجح فقط« ويدفعهم هذا الوضع أكثر فأكثر نحو تسليط المزيد من الضغوط على أطفالهم بهدف دفعهم لتحقيق علامات أفضل.

ويعزو اتحاد علماء نفس المدارس في ولاية هيسن الألمانية، أن الأطفال أنفسهم يشعرون بأنهم يتعرضون إلى ضغوط إضافية من الأهل، وتضع هذه الضغوط الأطفال في حالة خوف رغم أنه من المعروف أن الطفل يتعلم بشكل أسوأ حينما يشعر بالخوف، وعلى الأهل أن ينتبهوا إلى صحة ومزاج الطفل وما إذا كان يشعر بالارتياح.... وليس أن ينتبهوا إلى العلامات التي يحققها فقط.‏

وهناك نسبة عالية من التلاميذ يشعرون بضغط كبير من الأهل وبالنظر لتزايد ضغوط الأهل« الدراسية» فقد ارتفع عدد حالات الكآبة بين أطفال المدارس، وأصبح العديد منهم أقل استيعاباً للدروس... وأضافت الدراسة أيضاً لعلماء نفس المدارس الألمانية إلى أن الكآبة تجعل الأطفال يتصرفون«كالموتى» في الصف، وتعوقهم عن المشاركة في الأخذ والرد على السؤال والجواب... وهذا ما يحدث عادة في المدارس الابتدائية، أما تلاميذ المرحلة الإعدادية والثانوية فإن الضغوط تنعكس عليهم بشكل«تمرد» على الأهل، أو التخلف عن الدراسة أو تركها نهائياً، لذلك على الأهل متابعة مسيرة الطفل في المدرسة بالكامل وليس علاماته فقط.... وأن الوقوف كالمتفرج، ومن ثم التدخل الموسمي« بضغطٍ عالٍ» حين حصول الطفل على علامات منخفضة لن ينفع الطفل دراسياً أبداً.‏

وهناك بعض الأسر ترسم مسيرة ابنها إلى الجامعة منذ يوم ولادته، وإن وضع عارضة القفز للطفل على ارتفاع مترين مسبقاً يعيق تطور الطفل.‏

إن ضعف قدرة الطفل على التجاوب مع طموحات الوالدين تدفعه نحو كآبة أعمق، ولهذا فمن الضروري مراعاة قدرات الطفل الحقيقية، من خلال الحديث مع مدرسيه...‏

وتسهم العطلة الصيفية بقسط وافر ليس في منح الطفل ما يكفي من وقت الاسترخاء، وإنما في مفاقمة ضغوط الأهل.... فبعض الأسر لا تعرف كيفية رعاية أطفالها خلال العطلة الصيفية، وخصوصاً بعض الأسر التي تحول ظروفها المادية من توفير الاستجمام والسياحة لأبنائها... فيؤدي وجود الطفل في البيت إلى مزيد من ضغوط الأهل... وإلى مزيد من حالات العناد ويهرع بعض أهالي الطلاب والتلاميذ إلى إرسال أولادهم إلى معاهد صيفية لاتباع دورات تعليمية بهدف تقوية أبنائهم في مواد دراسية مهمة ويحرم هذا الوضع الطالب من وقت راحته، كما يزيده عناداً أمام الأهل، وهو ما يزيد من حالته المكتئبة... ويزداد التناقض بين الطفل ووالديه حينما يوجد الجميع معاً في المنزل يومياً... وتتفاقم الحالة حينما يتابع الأهل الطفل في العطلة ويجبرونه على الدرس كي يحقق نتائج أفضل في السنة الدراسية المقبلة.. وعلى الأغلب لا يستفيد الطالب من هذه الدروس، لأن فترة العطلة الصيفية تكفي كي ينسى الدروس التي تعلمها في الشتاء، لهذا من الضروري إعادة تنظيم وبرمجة العطل الدراسية بما يقلل احتكاك الطفل بجو« البطالة» في البيت ، ويضمن عدم نسيانه المواد... وتكفي العطلة الصيفية فقط لفرض تطوير ملكات الطفل العقلية في ألعاب علمية وجماعية، وليس من خلال الدروس الصعبة فقط.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية