تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فك الارتباط.. خطة شارون للانقلاب على الاتفاقات السابقة

قاعدة الحدث
الخميس 22-11-2012
إعداد: دينا الحمد

يعتبر رئيس وزراء إسرائيل الإرهابي ارئيل شارون صاحب خطة فك الارتباط عن غزة، وقد جاءت هذه الخطة كبديل عن خريطة الطريق الفاشلة والتي أراد شارون من ورائها ايهام العالم أن إسرائيل ستنسحب من بعض الأراضي الفلسطينية المحتلة،

وقد تم تطوير تفاصيل هذه الخطة من قبل طاقم وزاري يعمل من مكتب شارون وتم الترحيب بها آنذاك من قبل الرئيس الأميركي جورج بوش.‏

وعكست الخطة آنذاك مدى مراوغة الحكومة الإسرائيلية والشكوك الدولية حول مدى التزامها بالقرارات الدولية التي تدعوها للانسحاب من الأراضي الفلسطينية حتى حدود عام 1967 حيث أشارت تصريحات شارون آنذاك إلى انسحابات محدودة ضمن القطاع مع استمرار السيطرة على معابرة وحدوده مع مصر وعلى مياهه الاقليمية وأجوائه.‏

وقد كانت خطة شارون هروباً من استحقاق الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة حيث كان يروج للحلول المرحلية طويلة الأمد، والتي تمتد إلى عقدين من الزمن، لكن شارون واجه كغيره من رؤساء الوزراء الذين سبقوه، معضلة أساسية فشلت إسرائيل في إيجاد حل لها منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية في العام 1967 وحتى الآن وتنبع هذه المعضلة المزمنة من التناقض القائم بين المطلب الصهيوني في الضم من ناحية والحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية من ناحية أخرى، فضم الأراضي الفلسطينية المحتلة يلغي على أرض الواقع إسرائيل كدولة يهوية ويحولها موضوعياً إلى دولة ثنائية القومية يزداد عدد العرب الفلسطينيين فيها بنسبة عالية، ليصبحوا أغلبية كبيرة. أما الانسحاب من الأراضي المحتلة، فإنه يتناقض مع العقيدة الصهيونية.‏

وفي سياق تطبيق قناعته القائمة على رفض الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران 1967، وإدراكه خطورة ما يطلق عليه صهيونياً «الخطر الديمغرافي»، سعى شارون إلى إقامة نظام فصل عنصري في فلسطين التاريخية. ووفق رؤيته، تنسحب إسرائيل من داخل قطاع غزة ومن 42 بالمئة من الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، وفي المقابل تضم إسرائيل الأراضي الفلسطينية التي أقيمت عليها المستوطنات، وكذلك تضم ما أمكنها من مناطق أخرى في الضفة الغربية.‏

وقد ساهمت مجموعة من العوامل في التأثير على شارون لطرح خطته، وأهمها: أولاً خشيته من أن تواجه إسرائيل وضعاً يسعى فيه المجتمع الدولي إلى فرض حل على إسرائيل مثل خارطة الطريق أو المبادرة العربية أو غيرها من المبادرات. ثانياً فشل إسرائيل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني وتواصل الانتفاضة الفلسطينية وما تلحقه بإسرائيل من أذى منظور وغير منظور. ثالثاً خشية شارون مما يعرف صهيونياً بخطر المسألة الديمغرافية.‏

وقد جاءات هذه الخطة في سياق استراتيجية شارون الساعية إلى شطب الاتفاقات السابقة وإلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني وتركيعه وتغيير قيادته وإلى وقف المقاومة الفلسطينية بشقيها المسلح والشعبي وتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية وساهمت مجموعة من العوامل في نجاح شارون في تجميد خطة خارطة الطريق وجعل خطته اللعبة الوحيدة في المدينة أبرزها:‏

أولاً: علاقات إسرائيل القوية والخاصة مع الولايات المتحدة الأميركية في عالم أحادي القطب.‏

ثانيا: حالة الضعف العربي وعدم وجود استراتيجية عربية وفلسطينية لتحرير الأراضي العربية المحتلة.‏

وكان من المفروض أن تواجه خطة فك الارتباط من جانب واحد معارضة من واضعي خطة خريطة الطريق أو من أوروبا أو من الدول العربية بيد أن هذا لم يحدث فبعد فترة تردد قصيرة دخلت واشنطن في مفاوضات طويلة مع شارون حول خطته وسرعان ما تمحورت المفاوضات حول الثمن الذي ستدفعه الإدارة الأميركية للطرف الذي يجمد خطتها خطة خريطة الطريق ويضعها على الرف ويستبدلها بخطة متناقضة معها.‏

ومن المفارقات أن العقبة الأساسية التي وقفت أمام خطة فك الارتباط تمثلت في المعارضة القوية والفعالة داخل إسرائيل وبالذات داخل حزب الليكود الحاكم واليمين المتطرف الإسرائيلي وفي ظل تبني خطة شارون دولياً وإقليمياً لم يبق أمام صاحب الخطة سوى أن يمررها عبر عدة محطات، مركز حزب الليكود كتلة حزب الليكود، في الكنيست الحكومة الإسرائيلية والكنيست، وفي كل محطة من محطات هذه الخطة واحتدام الصراع حولها بين مؤيد ومعارض كان شارون يعزز مكانته على الصعيدين الإقليمي والدولي كرجل سلام لا كمجرم حرب، ليس هذا فحسب ففي كثير من الأحيان تجندت بعض الدول وخاصة الولايات المتحدة الأميركية وعدة دول في المنطقة لتمرير خطته إسرائيليا.‏

وتمحورت المفاوضات الإسرائيلية - الأميركية أساساً حول مضامين رسالة الضمانات الأميركية وأحرزت إسرائيل تقدماً، فقد استجاب الرئيس الأميركي جورج بوش في تلك الرسالة التي أرسلها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، على شكل بيان رئاسي لمعظم المطالب الإسرائيلية إن لم يكن كلها ويمكن ايجاز النقاط المركزية في رسالة الضمانات أنها تبنت خطة فك الارتباط من جانب واحد ووضعتها على رأس الأجندة السياسية لسنوات طويلة وجعلتها عملياً وان لم يكن رسمياً الخطة الوحيدة القائمة على الساحة والمفروضة على جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية للتعاطي معها وبذلك جمدت خريطة الطريق وحولتها إلى جسم محنط.‏

وكان ايهود باراك قد استكمل هذه الخطة لاحقاً بما أسماه عملية الانطواء التي أطلقها مع حكومة سلام فياض وقوامها الانسحاب من بعض المناطق المسماة (ج) تحت ذريعة تطويرها اقتصادياً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية