تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


آلاف الشهداء والجرحى ... من «الرصاص المسكوب» إلى «عمود السحاب».. عدوان بدعم غربي وصمت عربي

قاعدة الحدث
الخميس 22-11-2012
إعداد: منهل إبراهيم

من الرصاص المسكوب إلى عمود السحاب الذي حاول حجب شمس المقاومة دون جدوى..

شتاءان قاسيان مر بهما قطاع غزة أمطرت به آلة الاحتلال الإسرائيلي الأهالي عن سابق إصرار وترصد بوابل من حقدها بعدما أنضجت حكومات الاحتلال لهما الأجواء ووضع الغرب عليها عباءته لتستتر بها وتبرر عدوانها، والعرب لا حول لهم ولا قوة سوى المسرحيات الاستعراضية البهلوانية وتوزيع الأدوار للتباكي على الغزاويين المقاومين.‏

العدوان على غزة أو معركة الفرقان كما تطلق عليها المقاومة الفلسطينية أو عملية الرصاص المسكوب كما يطلق عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي، هي عملية عسكرية ممتدة شنتها إسرائيل على قطاع غزة في فلسطين المحتلة أواخر شهر 12-2008 وشهر 1-2009.‏

كان اليوم الأول من الهجوم اليوم الأكثر دموية إذ تسبب القصف الجوي الإسرائيلي في خلال ساعات قليلة باستشهاد أكثر من 205 فلسطينيين وجرح أكثر من 750 آخرين في عملية عسكرية تسببت بأكبر مذبحة يتم ارتكابها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين منذ حرب 67حيث بدأت هذه العملية يوم السبت الموافق 27 كانون الأول 2008 في ساعة الذروة.‏

الهجوم الشامل على القطاع كان واضحاً حيث قام الجيش الصهيوني بهجوم جوي وبري شديد استهدف كل المقار الأمنية في قطاع غزة والكثير من المنازل والمساجد والجامعات والمستشفيات والمناطق الحيوية... بمعنى آخر دمرت البنية التحتية في قطاع غزة واستخدمت إسرائيل حسب العديد من المنظمات الدولية ومنها منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأسلحة الفوسفورية التي تصيب بحروق مؤلمة وقاتلة ومن الصعب الابتعاد عنها وبحلول الليلة الأولى أطلق سلاح الجو الإسرائيلي تقريباً 100 طن من الذخائر.‏

جاء العدوان على غزة عام 2008 بعد انتهاء تهدئة دامت ستة أشهر كان قد تم التوصل إليها بين المقاومة من جهة وإسرائيل من جهة أخرى برعاية مصرية في الشهر 6من عام 2008 وتم خرق التهدئة من الجانب الإسرائيلي أكثر من 100 مرة (أشدها غارة في شهر 11 /2008 واستشهاد 6 أعضاء من المقاومة) وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين 1400 شهيد و5300 جريح.‏

وفي عدوانها الحالي على غزة والذي افتتحته باغتيال القائد العسكري في كتائب القسام أحمد الجعبري أعلنت إسرائيل، بالكلمة والقذيفة، دخولها في حرب (عمود السحاب) باستهدافها المدنيين في غزة، ومحاولتها التنافس مع نفسها في سباق القتل وكررت الطائرات الإسرائيلية (مجزرة الزيتون) المشهورة، فقتلت هذه المرة 12 شخصاً من أفراد عائلة الدلو، مدّعية أنها قضت على قائد وحدة الصواريخ في حركة حماس، والأطفال أبرز ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة حيث سقط منهم العديد من الشهداء والجرحى بعدما تعرضوا لعمليات قتل بشعة بعد أن أصابت شظايا الصواريخ الإسرائيلية والقذائف المدفعية أجسادهم بشكل كامل وارتفع عدد الشهداء إلى أكثر من 93 شهيدا وأكثر من 740 جريحا.‏

وبدا المشهد في القطاع وكأن إسرائيل جنّت إثر العدد الكبير للغارات من ناحية، وتحوّلها إلى استهداف البيوت ووسائل الإعلام والمساجد والمدارس والمنشآت العامة... ويتجلى الجنون الجوي والبحري الإسرائيلي بشكل أشد كلما طالت فترة التردد عن دخول المرحلة البرية بعد حشد عشرات الألوف من جنود الاحتياط، وبدء ظهور الشروخ في الاستعداد من ناحية والتحفظات من ناحية أخرى.‏

وتبدت هذه التحفظات في أن الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل في ما تسميه (حقها بالدفاع عن نفسها) قد أصبح يحذر من مخاطر الدخول في عملية برية، قد تسهم في إحداث تغييرات استراتيجية في المنطقة في غير مصلحة أميركا وإسرائيل.‏

وهكذا تكثفت التحذيرات الأميركية والأوروبية من مخاطر العملية البرية الإسرائيلية، وهو ما أظهر التهديد بهذه العملية وكأنه أقرب إلى نوع من الحرب النفسية ضد الفلسطينيين والعالم، أكثر مما هو توجه حقيقي، فالأصوات في إسرائيل بدأت ترتفع محذرة من العودة إلى أوحال غزة في الظروف الإقليمية والدولية الجديدة.‏

القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية تشعر بنكسة، فمحاولة ترميم قدرة الردع التي تآكلت مُنيت بنكسة قوية بتعاظم تدهور وتردي قدرة الردع هذه، فالصواريخ المصنعة، في غزة المحاصرة، قادرة على أن تخلق معادلة (غزة مقابل تل أبيب) أو العكس، وهو ما لم يكن في حسبان إسرائيل.‏

وتصر المقاومة على وجوب التزام إسرائيل بعدم اللجوء للاغتيالات فضلاً عن فك الحصار وكل هذه أمور مرفوضة من جانب إسرائيل، الأمر الذي يقود في النهاية غالباً، إلى اعتبارات مختلفة، للتوافق على تفاهمات مؤقتة أساسها وقف إطلاق النار من دون اشتراطات.‏

وتأرجحت ردود الفعل الدولية بين التقليدي والداعم لإسرائيل، بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة دعا إلى ضبط النفس، الولايات المتحدة التي تراقب عن كثب ما يجري في فلسطين، أكدت على ما اسمته حق إسرائيل بالـ (دفاع عن نفسها ضد الإرهاب)، وهو ما دعمته بريطانيا وفرنسا أيضاً وبين هذا وذاك، غزة اليوم برسم العرب والربيع.‏

مسؤولون فلسطينيون قالوا: عار على جامعة الدول العربية أن تعاقب الشعب السوري وتصمت على جرائم العدو الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، واصفين موقفها بالمخزي والمشبوه من العدوان أنه عبودية سياسية للمشروع الأميركي بالمنطقة وغياب الإرادة السياسية الرسمية للجامعة العربية عن مواجهة الحرب الصهيونية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية