|
قاعدة الحدث فبعد عدوان الـ23 يوما كان من المفترض أن تعطى لأهل غزة الفرصة للملمة جراحهم وإعادة بناء وترميم بيوتهم، وإعادة بناء مؤسساتهم التعليمية والاستشفائية التي هدمت على رؤوس المرضى والأطفال، وإصلاح مرافقهم الإنتاجية الزراعية والصناعية المتضررة، وان يسمح لهم باستيراد الورق لطباعة الكتب للتلامذة، وان يسمح بوصول التجهيزات لإصلاح الآبار وتجهيز محطات المياه والخزانات وشبكات المياه حتى يحصلوا على المياه التي بدونها تستحيل الحياة، وأن تعود الكهرباء لضخ مياه الشرب وتشغيل محطات التكرير لعدم تلويث الحقول والمياه الجوفية، وان يسمح للهبات والمساعدات العينية والمالية أن تصل إلى مستحقيها. تقدر الخسائر الاقتصادية نتيجة الحصار بأكثر من 3 مليارات دولار أي حوالي 60% من حجم الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني، والتقديرات الدولية والمحلية تقدر الخسائر اليومية لقطاع غزة بمليون دولار يومياً نتيجة إغلاق المعابر التجارية فقط, بالإضافة إلى خسائر القطاعات الاقتصادية الأخرى، وحسب تقديرات «الاونكتاد» فإن الحصار والإغلاق المتواصلين يكلفان الاقتصاد الفلسطيني خسارة ما بين 600 و800 مليون دولار في السنة، أي قرابة 13% من إجمالي الناتج المحلي، وحين تضاف كلفة الأضرار المادية التي خلفتها الحرب الأخيرة على قطاع غزة 1.3 مليار دولار إلى الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة التي تكبدتها الأراضي الفلسطينية المحتلة ما بين 2008 و2011 ستصل إجمالي الخسائر إلى 3.1 مليار دولار إلى جانب خسارة الفلسطينيين لما بين 60 و80 ألف فرصة عمل سنوياً لنفس الأسباب. كما تراجع دخل الفرد الفلسطيني إلى 650 دولار سنوياً فقط، أي إن دخله يومياً يقل عن دولارين؛ إضافةً إلى توقف 140 ألف عامل عن العمل وتوقف قطاع البناء كلياً، وتزداد حالة السكان المدنيين الاقتصادية والاجتماعية تفاقماً في قطاع غزة مع ارتفاع حدة الفقر والبطالة بينهم، خاصة مع تشديد وإحكام الحصار الشامل على القطاع، وفي ظل التوقف التام لكافة المرافق الاقتصادية الإنتاجية، بما فيها المرافق الصناعية والزراعية والخدمية، والناجم عن حظر الواردات والصادرات، وبسبب التدمير المنهجي لتلك المرافق خلال العدوان على القطاع. لقد بات الهم الأساسي لنحو 1.8 مليون فلسطيني من سكان القطاع الحصول على الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والدواء، وتوفير الاحتياجات الأساسية لآلاف العائلات والأسر التي أصبحت بلا مأوى جراء تدمير منازلها وفقدانها لكافة ممتلكاتها، وتزداد الأوضاع الإنسانية تدهوراً مع استمرار حظر دخول أي مواد أولية خاصة بالبناء والإعمار، بسبب فرض حصار شامل على واردات القطاع من مواد البناء والإنشاء التي تمثل حاجة قصوى وطارئة، لإعادة بناء وترميم كافة المنشآت والأعيان المدنية التي تعرضت لعمليات تدمير شامل وجزئي خلال العدوان الحربي على القطاع. وكان لأداء محطة توليد الكهرباء نصيب في تداعيات هذا الحصار، حيث تشهد جميع مناطق قطاع غزة انقطاعاً مستمراً، ولساعات طويلة للتيار الكهربائي، كما يعاني قطاع المياه والصرف الصحي عجزاً كبيراً بسبب استمرار منع توريد المعدات وقطع الغيار اللازمة لإصلاح وتأهيل آبار المياه، الشبكات الداخلية ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، ويتزامن ذلك مع ظهور تعقيدات كبيرة تتعلق بإصلاح الأضرار الجسيمة التي نجمت عن العدوان الإسرائيلي في قطاع المياه، حيث دمرت عشرات آبار للمياه بشكل كلي، وأخرى دمرت بشكل جزئي في شمال القطاع، كما تضررت البنية الأساسية لشبكات المياه في معظم المناطق التي تعرضت لاجتياح القوات المحتلة البرية، ولحقت أضرار بالغة بأحواض معالجة مياه الصرف الصحي، في منطقة الشيخ عجلين جنوب غربي مدينة غزة. وقد بلغت إجمالي الخسائر المباشرة التي لحقت بقطاع المياه إثر العدوان بلغت 6 ملايين دولار. من أشد الآثار السلبية لهذا الحصار كان على الأطفال ولم تكن قاصرة على الموت، فقد ظهرت آثار أخرى تمثلت في النسبة الهائلة لمن يعانون من سوء التغذية وفقر الدم لدى الأطفال، ووفقاً للدراسات والأبحاث الطبية فإن نسبة 75% من الأطفال الفلسطينيين في عمر التسعة أشهر مصابون بفقر الدم، وأشارت وزارة الصحة في دراسة أن 600 حالة مرضية من الأطفال رقدوا على أسرة الشفاء في مستشفيات القطاع نتيجة تدهور أوضاعهم الصحية بسبب نقص المستلزمات الطبية والأغذية اللازمة لعلاج أمراضهم بينما شهد العام الماضي ارتفاع عدد حالات الأطفال الوافدين إلى المستشفيات نتيجة إصابتهم بأمراض فقر الدم والكساح إلى 1700 حالة. وقد أوضحت منظمة «اليونيسيف» أن أطفال غزة يعانون بسبب الحصار من نقص كبير في أربعة عناصر أساسية هي الحديد، وفيتامين A وفيتامين D ومادة الأيوداي «اليود» ما يفسر ارتفاع نسبة الأطفال المصابين بفقر الدم في القطاع، وأشارت المنظمة إلى أن 64% من أطفال القطاع يعانون من نقص في كمية الحديد، و22% يعانون من نقص في فيتامين A، و15% يعانون من نقص في مادة اليود مما يؤثر على تفاصيل صحتهم، ووفقا لدراسات أجريت يعاني 10.4% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهرا من قصر القامة بسبب سوء التغذية. إضافة إلى وجود حالات من المرضى الأطفال بين بسيطة وخطيرة وأخرى على حافة الموت هم أكثر من 400 طفل مصاب بأمراض الدم والأورام السرطانية ينتظرون على قائمة الموت بفعل الإغلاق وحرمانهم من السفر لتلقي العلاج، جهة أخرى فقد أشار إلى آثار نفسية على أهالي القطاع خصوصاً الأطفال، إضافة إلى آثار صحية سلبية على المرضى، خصوصاً الذين ينتظرون العلاج خارج القطاع ولا يتمكنون من ذلك، وقد بلغ عددهم 1500 مريض، مات منهم 103 عقب الحصار، والآخرون ما زالوا ينتظرون الموت. |
|