تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ماذا تريد المرأة ؟

آراء
الخميس 22-11-2012
حنان درويش

في جلسة ودية بين مجموعة من الأصدقاء سمعت أحد الشبان يروي قصة انفصاله عن خطيبته قائلاً بحسرة بعد تنهيدة طويلة درجت من قلب مجروح.

لقد جمع الحب الصادق بين قلبي وقلبها كما لم يجمع بين أي قلبين في الوجود قد عبرت لي حبيبتي قبل أن أتقدم لطلب يدها بأنها راضية بكل شيء وقانعة بواقعي كموظف ليس لديه في الدنيا سوى راتبه الذي لايكاد يكفيه ..وأنها مستعدة للعيش معي ضمن الظروف المتاحة وعلى حصيرة كمايقولون .. ولكن عندما جد الجد وصارت الأمور على بساط النقاش وضمن حيز التنفيذ طالبت وأهلها مني مهراً كبيراً يكسر الظهر إضافة إلى سكن منفرد بعيد عن والدي العجوزين ، طبعاً انسحبت من المزاد فوراً عندما أتى من يدفع أكثر ، وقررت عدم الزواج طوال العمر مادامت فتياتنا مصرات على الاقتداء بكليوبترا، وبالمهر الذي قدمه لها أنطونيو عربوناً لحبه، وكان ذلك المهر مدناً كبيرة، وسواحل واسعة رحبة، ومصرات على الاقتداء بـ قطر الندى زوجة المعتضد بالله العباسي حيث حملت لها القوافل من الذهب والحناء والماس والمتاع، مايعجز القلم عن ذكره كهدايا لزواجهما .‏

إن السؤال الذي يحاصرني الآن يقول: ماذا تختلف فتاة اليوم عن فتاة عصر النخاسة عندما تطلب ثمناً لإنسانيتها ؟.. ألا يعتبر ذلك بيعاً كما كانت الجواري تباع أيام زمان..؟ إن المرأة تساهم بشكل أو بآخر بقضية استلابها وتحفظ من قيمتها عن طريق مثل هذه السلوكيات التي لاتليق بمفهوم اليوم بالنسبة لطبيعتها ووجودها كشريكة وصديقة وإنسانة، وليست كمحظية تباع وتشرى .‏

أما أشكال استلاب المرأة لنفسها فإننا نراه باستمرار عن طريق وسائل الإعلام كافة وخصوصاً عن طريق الشاشة الصغيرة بدءاً من الإعلانات التي تحدثت عنها سابقاً ، ووصولاً إلى بعض البرامج ولابد أن معظمنا قد شاهد منذ فترة وجيزة برنامجاً على شاكلة برنامج طرائف من العالم وشاهد تلك القطة المخجلة والمؤذية حيث ابتكر الفنانون في إحدى الدول الأجنبية طريقة للتعبير عن إبداعهم الراقي وذلك بالريشة والألوان على أجساد النساء العارية، فظهرت مجموعة منهن بشكل مزعج للنفس والعين معاً .‏

فأين هو الفن ياروّاد الفن ؟ وأين هي فينوس وأفروديت وعشتار ومنيرفا وغيرهن من آلهات الأساطير اللاتي كرسن قيمة الخير والأمومة والجمال في أجسادهن وكله يهون عند أولئك اللواتي لم يجدن رياضة تليق بهن إلا رياضة المصارعة الحرة والملاكمة ورفع الأثقال بالاضافة إلى ممارسات أخرى لاتعبر عن شيء سوى التشبه الأجوف.‏

وليس معنى ماأقول إنني أكرس حال المرأة الضعيفة ولاأحب المرأة المسترجلة أيضاً .‏

وإنما أريدها متوازنة مع نفسها قولاً وعملاً ومتوائمة مع طبيعتها ودورها الحقيقي وأن تفهم معنى التحرر بدقة متناهية والذي يعني وقبل كل شيء التحرر الفكري وأن المرأة المتحررة هي التي تقاوم الجهل وشتى الأمراض الاجتماعية الأخرى فتمنعها من التسلل إلى نفسها ونفوس أبنائها، وتعمل على تغذيتهم بفكر نظيف، يحدوها إيمان برسالتها واضعة أمام عينيها فكرة مضيئة تقول: بأنها وكي تكون محترمة من قبل الآخرين يجب أن تحترم نفسها أولاً .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية