|
آراء بعد أربعة أيام من العدوان المستمر على قطاع غزة جاء اجتماع وزراء الخارجية العرب خجولاً، بدا الوزراء الخطباء مربكين، وأظنهم كانوا خائفين من ردود الفعل عليهم من أميركا التي تتهدد بتوسيع دائرة الربيع العربي. لم نقرأ في خطاب «حمد القطري» صديق إسرائيل الحميم العبارات الحماسية التي كانت تتضمنها خطبه التحريضية على سورية، فهو لم يطالب بتسليح الغزاويين، وبقطع علاقات بلاده وبلدان عربية مع إسرائيل، ولا بنقل ملف غزة إلى مجلس الأمن لإصدار قرار من المجلس يدين إسرائيل تحت الفصل السابع كما فعل في الموضوع السوري، ورفض أن يطلق على أصحابه الإسرائيليين صفة الذئاب، ولكنه تشجع ووصف العرب بالنعاج. أراد حمد بخطابه المقتضب أن يزرع الشعور بالضعف في نفوس وزراء الخارجية العربية بالقول: «ماذا أنتم فاعلون»؟ وأعلن ضعف العرب عسكرياً، في حين هو غير ذلك عندما يتحدث عن سورية في الجامعة العربية ومجلس الأمم وفي اجتماعات ما يسمى بأصدقاء سورية، فهو يتهدد، وعباراته حماسية، تفيض بلغة السلاح والفصل السابع والدعوات للهجوم، ومقاتلة النظام. إن الوضع العربي اليوم في ظل مايسمى «الربيع العربي» أو « الفسيخ العربي» كما أطلق عليه مسؤول الأمن الإماراتي «ضاحي خلفان » أكثر سوءاً، وسوداوية من أي وقت مضى، فلم نسمع خطاباً واحداً في اجتماع جماعة الفسيخ العربي ينبض بالروح العربية سوى في خطاب وزير خارجية لبنان، أما بقية الخطب كانت أشبه بميراث في إعلان موت أمة. بدا العدوان على غزة فرصة للاستعراض السياسي، فلقد ذهب رئيس وزراء مصر إلى القطاع في زيارة قصيرة في ظل هدنة إسرائيلية مؤقتة، بدت الزيارة أشبه بمسرحية سيئة الإخراج، فلقد خيّب المسؤول المصري آمال العرب والفلسطينيين، فهو لم يعد الغزاويين بتقديم السلاح، أو بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، أو بإلغاء كامب ديفيد التي نحصد مآسيها، ولا طالب أميركا بتحمل مسؤولياتها تجاه مايجري. وتبعه في زيارة إلى غزة وزير الخارجية التونسي، ويوم الثلاثاء تبعهما وفد الجامعة العربية.. لقد بدت كل هذه الزيارات أشبه باستعراضات سخيفة العروض في مهرجان العدوان على غزة. والسؤال: ماقيمة أو ماجدوى تلك الزيارات، وغزة تحت سطوة العدوان، وسطوة حصار قاس منذ ست سنوات كان العرب أدواته.. فليتخذوا قراراً بكسر الحصار، والسماح للغزاويين بترتيب أمورهم بما في ذلك مقومات مقاومتهم التي كانت تهرب إليهم من سورية ودول المقاومة عبر الأنفاق. إن صمود غزة اليوم هو بفضل سورية ودعم قوى المقاومة، فهل يعترف العرب بفضل سورية التي تنادوا لقتلها إرضاء لإسرائيل وأميركا. يقول قائد فلسطيني: «كلمة حق يجب أن تقال، لولا سورية وقوى المقاومة في لبنان وإيران لكانت غزة اليوم بحيرة من دم، تضرب، وتدمر، ويتم اجتياحها من غير قدرة على الدفاع والرد» إن العدوان الإسرائيلي على غزة يتم بموافقة عربية كما تم بموافقة عربية على لبنان عام 2006، وعلى غزة عام 2008 للتخلص من المقاومة وجرها إلى الاستسلام. ليت العربان في اجتماعهم طالبوا برفع الحصار عن غزة، وليتهم رفعوا أصواتهم بقطع كل العلاقات مع إسرائيل، أو على الأقل ليت حمد القطري تجرأ ووصف إسرائيل بربع ماوصف به النظام السوري. لم نسمع صوت وزير الخارجية السعودي الذي يقطر سماً على سورية، أليست دماء الغزاويين في ضميرك كما هي دماء السوريين في ضميرك كما تدعي؟ أليس الغزاويون بحاجة إلى السلاح كالقتلة الذين ترسلهم إلى سورية؟!.. إن العدوان على غزة، كان فرصة لعقد اللقاءات بين قادة الأنظمة، والقيادات الإخوانية.. لكن العدوان على غزة فضحهم، وفضح مزايدتهم، وتاريخهم، وشجاعتهم الكاذبة. لم يقل أي من أردوغان، ومرسي وحمد إن نظام إسرائيل فقد شرعيته، وأن عليه أن يسقط، كما يقولون عن النظام في سورية، ولم يطالب أي منهم بقطع علاقات بلاده مع إسرائيل كما فعلوا مع سورية. لم نسمع خلال العدوان على غزة أصوات شيوخ الفتنة على سورية.. لم نسمع «القرضاوي» يصدر فتاوى تقضي بتحويل مسار الإرهابيين الذين يسفكون دماء السوريين نحو غزة لنصرة أهلها، أو إلى فلسطين المحتلة لمواجهة جنود الاحتلال الصهيوني، لتحرير القدس، والأقصى ومجمل الأراضي الفلسطينية، أليس هو من أفتى للأنظمة الأخوانية بالقول: «لو كان النبي محمد في زماننا لأقام علاقات مع إسرائيل»؟ |
|