|
ثقافة دمشق سليلة المجد، مهد الحضارات، منبت الإبداع، العزة والفخار، المدينة الخالدة بقاسيونها الأشم ومنازلها البهية، بأزقتها المعطرة بأريج الياسمين, بنسيمها العليل
كل ماقُيل عنها وسيقال ليس بالجديد فكل من لامست قدماه هذه المدينة عشقها وأصبح متيماً بها وكتب فيها الأشعار, فالشعر الفن القائم بحد ذاته يصبح أجمل بكثير عندما يتحدث عن مدينة دمشق.!! عشرُ قصائدَ أبدعها الشاعر سعيد عقل عن الشام (سائليني يا شآم)، (أحب دمشق)، (يا شام عاد الصيف)، (شام يا ذا الصيف)، (حملت بيروت)، (نسمت من صوب سورية الجنوب)، (قرأت مجدك)، (خذني بعينيك)، (مرّ بي يا واعداً وعدا) و(بالغار كُللت)... وأولُ قصيدةٍ أبدعها سعيد عقل لدمشق كانت (سائليني ياشآم) عام 1953، وبلغ عددُ أبياتها سبعين بيتاً نذكر منها:
سائليني حين عطرت السلام كيف غار الورد و اعتل الخزام و أنا لو رحت استرضي الشذا لانثنى لبنان عطراً يا شآم ضفتاك ارتاحتا في خاطري واحتمى طيرك في الظل و حام نقلة في الزهر أم عندلة أنت في الصحو و تصفيق يمام أنا إن أودعت شعري سكرة كنت أنت السكب أو كنت المدام رد لي من صبوتي يا بردى ذكريات زرن في ليا قوام ليلة ارتاح لنا الحور فلا غصن إلا شج أو مستهام وبعد (سائليني يا شآم) توالتْ قصائدُ سعيد عقل التي شدتْ بها فيروز عن الشام. ولايمكن الحديث عن دمشق دون ذكر شاعر دمشق الشاعر الكبير نزار قباني الذي أحب دمشق وعاش بين أزقتها وبيوتها وياسمينها فهو دمشقي الهوى، ودمشقي الشعر، فجاءت قصيدته (ياشام) ليقول بها: فرشت فوق ثراك الطاهر الهدبا فيا دمشق لماذا نبدأ العتبا ؟ حبيبتي أنت فاستلقي كأغنية على ذراعي ولا تستوضحي السببا أنت النساء جميعاً ما من امرأة أحببتها بعدك، إلا خلتها كذبا يا شام إن جراحي لا ضفاف لها فامسحي عن جبيني الحزن والتعبا أرجعيني إلى أسوار مدرستي وأرجعي الحبر و الطبشور والكتبا أيضاً قصيدته الدمشقية الشهيرة حين تغزل في دمشق فقال: هذي دمشقُ.. وهذي الكأسُ والرّاحُ إنّي أحبُّ... وبعضُ الحبِّ ذبّاحُ أنا الدمشقيُّ.. لو شرحتمُ جسدي لسالَ منهُ عناقيدٌ.... وتفّاحُ و لو فتحتُم شراييني بمديتكم سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا زراعةُ القلبِ.. تشفي بعضَ من عشقوا وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ مآذنُ الشّامِ تبكي إذ تعانقني و للمآذنِ.. كالأشجارِ.. أرواحُ وهنا يستحضرني وصية الشاعر العراقي (محمد مهدي الجواهري) عندما قال:
(أريد أن أدفن في دمشق حتى لو تغيّر نظام الحكم في بغداد.. بغداد وطني ودمشق وطن الأمة ) فبعد أن هام ترحالاً يبحث خلاله عن وطن هو وطن الأمة ليجده أخيراً في دمشق حيث استقر فيها مواطناً آمناً وشاعراً. وهو القائل قصيدته الجميلة (دمشق ياجبهة المجد ): شممتُ تربكِ لا زُلفى ولا مَلقا وسرتُ قصدكِ لا خِبّاً ولا مَذِقا وما وجدتُ إلى لقياكِ منعطفاً إلا إليكِ وما ألفيتُ مُفترقا وكان قلبي إلى رؤياكِ باصرتي حتى اتهمت عليكِ العينَ والحدقا نعم.. لقد امتزج إبداع الشعراء بذاكرة مدينة دمشق, فقد سطّروا أجمل مايحتفظ به الدمشقيون من مشاعر جميلة اتجاه مدينة العز والإباء.
|
|