تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مشروع قانون الوظيفة العامة.. أسس ومعايير تواجه الفساد والمفسدين وإدارة رشيدة تحقق العدالة وتكافؤ الفرص

اقتصاد
الخميس 22-11-2012
حازم شعار

أمراض الوظيفة العامة كثيرة ومتنوعة وتشكل بؤرة كبيرة من بؤر الفساد الذي استشرى في الكثير من مفاصل العمل الحكومي, حتى غدت معظم الاليات والاجراءات المرتبطة بالوظيفة العامة بشكل أو باخر مقترنة

بالفساد بدءا من التعيين الذي لا يتم غالبا الا بالوساطات والمحسوبيات والرشاوى حتى المسابقات التي تجريها الجهات العامة لا تخلو من ذلك مرورا بشغل المواقع الادارية التي تحدد غالبا بعيدا عن الكفاءات والقدرات, وحتى الايفاد والمهمات الخارجية لا تتم فق اسس ومعايير معينة بل وفق حسابات أخرى بات يعرفها الجميع وانتهاء بشغل المناصب العليا التي تتم أحيانا حسب الولاءات للأشخاص الذين يمتلكون قرار التعيين وأحيانا أخرى حسب المصالح والقدرة على تمرير»الصفقات» ونادرا ما يتم التعيين وفقا للمصلحة العامة,ناهيك عن الخلل الكبير الذي يصيب الوظيفة العامة في مقتل وهو قياس جميع العاملين في الدولة بمسطرة واحدة في الرواتب والترفيع والتقييم الأمر الذي يقضي على الكفاءات والمبادرات ... والسبب في كل هذه الأمراض غياب الاسس والمعايير والتصنيفات و المحددات ..ألخ التي تنظم شؤون الوظيفة العامة لدرجة اصبح موضوع اصلاح الوظيفة العامة وتطويرها أحد أهم الركائز التي سيبنى عليها الاصلاح الاداري.‏

من هنا تأتي أهمية مشروع قانون «تنظيم الوظيفة العامة» الذي أحاله مجلس الشعب مؤخرا إلى لجنتي الشؤون الدستورية والتشريعية والخدمات لدراسته واعداد لتقارير اللازمة حوله والذي يجب أن يشبع دراسة ونقاشا فضلا عن ضرورة تناوله بالتحليل والنقاش من قبل اقتصاديين اكاديميين ومهتمين في وسائل الاعلام لما للموضوع من أهمية كبرى في عملية الاصلاح الاقتصادي والاداري.‏

يعالج الأمراض المستعصية‏

وبطبيعة الحال فإن مشروع القانون وما تضمنه من مواد وفصول أحاط الى حد كبير بالأمراض والمشكلات والصعوبات التي تعاني منها الوظيفة العامة حتى أن الأسباب الموجبة للمشروع وصفت الخلل الكبير والصعوبات التي تعاني منها الوظيفة العامة ومنها ما يتعلق بسلالم الاجور والتعويضات وبتخطيط وادارة الموارد البشرية وبالعمالة واليات ترشيدها وبتوصيف المهام والمسؤوليات واجراءات العمل وبقياس جميع العاملين في الدولة بمقياس واحد وعدم انتظامهم في مسالك وظيفية متعددة تعبر عن الاختلاف في مهامهم وطبيعة عملهم وبمعايير واليات تقييم الاداء وبعدم وجود معايير واضحة لاختيار أصلح المرشحين لشغل الوظائف وبخاصة وظائف الادارة العليا وبتعريف المسارات الوظيفية وما يرتبط بها من برامج التأهيل والتدريب.‏

هذه المشكلات نتج عنها كل تلك الأمراض التي ذكرناه انفا وشكلت منبعا من منابع الفساد, ومشروع القانون كما جاء في الأسباب الموجبة سوف يجد الحلول المناسبة لمعالجتها عبر وضع جملة من التشريعات واللوائح التنظيمية المبنية على دراسات للوضع الراهن وأفضل الممارسات العالمية بحيث يجري الانتقال تدريجيا الى الوضع الجديد المرغوب.‏

جهاز إشراف وآخر للتنفيذ‏

ووضع مشروع القانون هيكلية لتنظيم وادارة شؤون الوظيفة العامة مؤلفة من جهازين الأول اشرافي يهتم بوضع السياسات سمي بــ «المجلس الأعلى للوظيفة العامة» والثاني تنفيذي يتابع تطبيق أحكام هذا «القانون» سمي بـ»الجهاز التنفيذي للوظيفة العام.‏

وبحسب مشروع القانون فإن المجلس الأعلى يتولى تنظيم شؤون الوظيفة العامة ويقترح السياسات العامة للدولة في هذا المجال ويضع الخطط الاستراتيجية المرتبط بها ويقترح التشريعات اللازمة ويقر التعليمات لتنفيذ القوانين والانظمة المتعلقة بالوظيفة العامة والاشراف على حسن تطبيقها لاسيما المتعلقة بتخطيط وادارة وتنمية المواردالبشرية وتحديدا اسس الاختيار والتعيين وتصنيف وتوصيف الوظائف واقرار ضوابط اختيار المرشحين لشغلها وفقا للمؤهلات اللازمة لذلك وإقرار أسس ومعايير تقييم الاداء الفردي والمؤسسي كما يتولى دراسة الترشيحات لشغل الوظائف العليا في الجهات العامة واقراراختيار المرشح المناسب لها.‏

أما الجهاز التنفيذي للوظيفة العامة فهو الذراع الذي سينفذ المجلس الأعلى سياساته وتشريعاته من خلاله حيث سيتولى مؤازرة المجلس في أداء مهامه وتقديم ما يلزم له من معلومات ودراسات وتتبع حسن تطبيق الجهات العامة للقوانين والانظمة المتعلقة بالوظيفة العامة.‏

الكفاءة بدل الواسطة‏

اذا.. الوظيفة العامة تحتاج الى «حوكمة» بمعنى ادارة رشيدة ولدينا في سورية تجربة مهمة فيها ولكنها في القطاع الخاص وليس في القطاع العام وتحديدا في قطاع المصارف والتامين, ومن خلال مهام المجلس الاعلى في وضع الأسس والمعايير والضوابط والتوصيفات بطريقة علمية وممنهجة لا تخلو من الاعتماد على الخبرات يمكن ان نصل الى الادارة الرشيدة لأنه عندما يتم وضع معايير واسس في هذا المجال تتحقق العدالة ومبدأ تكافؤ الفرص والجدارة في شغل هذه الوظيفة أو ذاك المنصب, وتنتفي الحاجة لهذا وذاك في البحث عن «واسطة» للوصول الى المكان الذي يريده.‏

وبصراحة فإن مشروع القانون يستحق الاهتمام من قبل المتابعين والمهتمين ويستحق الدراسة والنقاش بشكل كاف وجدي في مجلس الشعب للوصول الى صيغة قابلة للتنفيذ بعيدة عن الثغرات والمطبات بشرط أن يمتلك الذين سيتولون المهام في الجهاز التنفيذي ميزات الحكم الرشيد, وفي ظني أن مشروع القانون هذا عندما يقدر له ان يصبح قانونا ويدخل حيز التنفيذ فإنه سيحدث فتحا كبيرا في الوظيفة العامة ومرتكزا مهما لعملية الاصلاح الاداري, فغير القضايا التنظيمية وعملية ادارة الموارد البشرية فان «القانون» سيضع حدا للفساد من خلال الاسس والتوصيف والمعايير في الاختيار.‏

H_shaar@hotmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية