تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الارهابيون.. رأس حربة الكيان الإسرائيلي

عن : الواشنطن بوست
متابعات سياسية
الأثنين 26-1-2015
عبد الحليم سعود

منذ بداية الأزمة المفتعلة في سورية قبل نحو أربع سنوات والكيان الصهيوني اللقيط والغريب عن المنطقة بنشأته المشبوهة ونظامه السياسي والديني المتطرف وتركيبته السكانية العنصرية وأهدافه العدوانية وطموحاته التوسعية

يحاول أن يستفيد من الفرص التي أتاحتها أمامه الفوضى المدمرة التي اجتاحت منطقتنا تحت عنوان «الربيع العربي»، وأن يقدم نفسه للعالم كجزء من التركيبة الاجتماعية والثقافية والجيوسياسية للمنطقة، لكنه فشل في أن يخرج من عزلته الإقليمية أو يفرض حضوره في أي فعالية أو مؤتمر أو تجمع إقليمي أو دولي يبحث قضايا المنطقة ويُعنى بمشاكلها، إلا من خلال حضوره المستتر عبر بعض وكلائه وحلفائه من الصهاينة العرب وبعض قادة الغرب الأكثر تحمسا لخدمة إسرائيل من خدمة بلادهم وشعوبهم.‏

فبعد فشله في أن يكون جزءاً من الصراع الدولي حول ملف إيران النووي أو طرفاً في السداسية الدولية التي تفاوض إيران حول هذا الملف، وعجزه عن أن يكون لاعباً أساسياً في الصراع والجدل السياسي القائم في لبنان حول جدوى المقاومة وشرعية سلاحها، توهم حكام إسرائيل وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإرهابي بنيامين نتنياهو لبعض الوقت ومازالوا يتوهمون أن مثل هذه الفرصة باتت متاحة في سورية، بعد تفجر الأزمة فيها وانتشار الإرهاب التكفيري في المنطقة، واعتقدوا أن بإمكانهم الدخول إلى التفاصيل الصغيرة واليومية من أجل إنتاج واقع جيوسياسي جديد داخل سورية يخدم مصالحهم وأطماعهم، واستعانوا ببعض وكلائهم من الأنظمة الإقليمية المأجورة كتركيا وقطر والسعودية والأردن وإلى بعض التنظيمات الإرهابية التي ساهم الغرب إلى جانب ممالك البترودولار بإنتاجها من أجل استخدامها كوسيلة للضغط على الدول والشعوب الممانعة وذريعة للعودة والتدخل المباشر في شؤون هذه الدول من جديد.‏

وعندما عجز الصهاينة في سورية عبر الاعتماد على مرتزقتهم من الإرهابيين التكفيريين في جبهة النصرة وداعش وما يسمى «الجيش الحر» وحلفائهم من الصهاينة العرب والأتراك عن فك رموز صمود الدولة السورية وصمود محورها المقاوم في مواجهة هذه الحرب الكونية، لجؤوا إلى آخر الأوراق في أيديهم وهي سياسة شن الاعتداءات المحدودة تحت مبررات وذرائع مختلفة، حيث تبين أن غاية الكيان الصهيوني منها إعادة خلط الأوراق ورفع معنويات الجماعات التكفيرية المحبطة وإرباك سورية وحلفائها وجرهم إلى حرب تكون فيها إسرائيل في موقف الدفاع ما يقتضي تدخل الولايات المتحدة الساعية للوصول إلى نهاية إيجابية للملف النووي الإيراني بشكل مباشر بمشاركة بعض الدول الغربية، لأن إسرائيل وجبهتها الداخلية أضعف بكثير من أن تتحمل نتائج شن حرب بمفردها مع محور المقاومة، فمازال تقرير فينوغراد حول فشل حرب تموز 2006 يؤرق الرؤوس الحامية وصناع القرار في الكيان المحتل، وما زالت صواريخ المقاومة الفلسطينية التي وصلت أصداؤها إلى تل أبيب أثناء العدوان الأخير على غزة تقض مضجع إسرائيل ومستوطنيها، فكيف تستطيع إسرائيل أن تتحمل ثلاث أو أربع جبهات تطلق منها صواريخ نوعية مدمرة قادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلي وضرب أي منطقة حساسة فيه مع وجود احتمالات كبرى لانتقال الحرب البرية إلى داخل الجليل كما وعد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وهو احتمال تعيه إسرائيل جيداً وتخشاه كثيراً..؟!‏

من حيث المبدأ كل عدوان تشنه إسرائيل على الأراضي السورية يؤجج المشاعر القومية والوطنية عند كل مواطن لديه عروبة أو شرف ويدفع باتجاه الرد القاسي والمؤلم ضد كيان الإرهاب الصهيوني، فكيف إذا كان هذا المواطن يختزل كل قيم الشرف والعروبة والمشاعر القومية كما هي حال أكثرية السوريين، ولكن ضرورات وأولويات المعركة الجارية تقتضي استكمال الحرب ضد الإرهابيين وكسب النصر فيها وعدم تضييع أي جهد في معارك تبدو في اللحظة الراهنة هامشية وغير مجدية قياساً بالتحدي الذي يفرضه الإرهاب التكفيري، لأن هذا الإرهاب بات رأس حربة الكيان الصهيوني، وأي انتصار عليه هو نصر مباشر على إسرائيل ويكاد يكون تأثيره أكبر وأقوى.‏

يدرك السوريون أن المعركة مع الكيان الصهيوني قادمة لا محالة وهي مصيرية وحتمية مهما تأجلت أو تأخرت، ولذلك فإن غاية الإرهاب الذي يستهدف سورية اليوم هو إضعاف الدولة السورية ومنعها من خوض معركة يمكن أن يتحقق فيها نصر حاسم، فالإرهابيون لم يشعروا بأي حرج وهم يعبرون عن امتنانهم لإسرائيل وشكرهم لمساعدتها ودعمها ورغبتهم في التعاون وإقامة «السلام» معها دون مقابل، ولو كانوا سوريين أو فيهم ذرة من عروبة أو إسلام أو شرف أو كرامة لما أداروا ظهورهم لإسرائيل المحتلة الغاصبة المعتدية ووجهوا فوهات بنادقهم نحو سورية عرين العروبة وقلعة المقاومة.‏

كما يدرك السوريون أن مخططات إسرائيل في الجولان المحتل ستفشل كما فشلت في جنوب لبنان في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، إذ سبق لها أن سلحت ودعمت ميليشيات عميلة وأسمتها جيش لبنان الجنوبي، ولكن سرعان ما اندحرت هذه المليشيات وفرت مهزومة من أرض المعركة تحت ضربات المقاومة اللبنانية الباسلة بعد أن تخلت عنها إسرائيل وأغلقت في وجهها الحدود، وحتى الذين تمكنوا من عبور الحدود يعيشون اليوم في إسرائيل حياة ملؤها الذل والهوان والاحتقار، وهو نفس المصير الذي ينتظر إرهابيي جبهة النصرة وغيرهم في الجولان المحتل لأن من هزم إسرائيل وعملاءها في جنوب لبنان قادر بكل تأكيد على استعادة التاريخ وتكرار الانتصار، وإن غداً لناظره قريب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية