تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مكافحة الإرهاب على الطريقة الأميركية

متابعات سياسية
الأثنين 26-1-2015
د.أحمد نزار الوادي

لا شك ان العالم بات ينظراليوم الى الهجمات الإرهابية في باريس و لندن وسيدني و كندا و غيرها كارتدادات للحرب الكونية التي تشن ضد سورية ،

فالإرهاب يمثل تهديد جدي لعوامل الأمن والاستقرار في جميع الدول دونما استثناء، والمتابع للسياسة الأميركية يدرك تماما أن الاستراتيجية الأميركية مبنية على افتعال الحروب والأزمات فهي لاترغب في الحفاظ على أمن واستقرار العالم ومستمرة بنفس الوقت في تنفيذ مخططات عدوانية استعمارية معدة مسبقا لمنطقة الشرق الأوسط ينفذها بالوكالة عنها ملوك ومشيخات البترودولار الذين يقدمون الدعم المادي ويسخرون المرتزقة والمأجورين وشيوخ الفتنة من أجل تشجيع الإرهاب المنظم في الدول التي تقاوم المشاريع التقسيمية للمنطقة , وماتشهده كلا من سورية والعراق من إرهاب هو جزء من هذا المخطط الصهيو-أميركي الاستعماري الهادف إلى تدمير سورية والعراق من أجل ضمان المصالح الأميركية وأمن الكيان الصهيوني.‏

يعتقد الكثير من المحللين أن أمريكا والسعودية عملتا على تعزيز المناخ الملائم لتشكيل داعش مماساهم في انتشار نفوذها في المنطقة مع مواصلة أمريكا لدعمها للحركات الإرهابية التكفيرية وتزويدها بمختلف أنواع الأسلحة والمال عن طريق وكلائها وبنفس الوقت تظاهرت بمحاربتها بقصف جوي لم يثبت فاعليته، بينما بقيت إمكانات داعش على حالها وبقي التمويل المالي المقدم له من الخليج مستمراً وكذلك التسهيلات اللوجستية من تركيا منوهين إلى أنه بعد إعلان مايسمى دولة الخلافة الإسلامية عن نيتها توسيع نفوذها ليشمل السعودية والأردن ودول عربية واخرى,أدرك الاستراتيجيون الأمريكيون ذلك وأخبروا حلفاءهم بالخطر الحقيقي وعملوا على إنشاء ائتلاف لمكافحة الإرهاب وذلك لتحقيق الدعاية الأمريكية للتعويض عن فشل واشنطن على كافة المجالات الرئيسية لسياستها الخارجية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وأوكرانيا.‏

المستشار السابق في مجلس الشيوخ الأمريكي جيمس غاتراس أكد أن أمريكا هي من صنعت بأيديها وحش «داعش»، كما أن السياسة الأمريكية تخطئ مجدداً حين تظن أن بإمكانها استخدام الإرهابيين في تحقيق مصالحها من دون أن يشكلوا تهديداً عليها،‏ ما جعل العديد من رافضي السياسة الامريكية وصف تلك السياسة بجملة واحدة وهي أنها تدعم الإرهاب وتسهم في تصعيد النزاعات في العالم وتحارب ما نتج عن سياساتها وبالتالي فهي تدفع ثمن ذلك أكثر فأكثر من خلال ارتداد الإرهاب إليها والى غيرها ، فارتدادات الإرهاب الذي تم تصنيعه أميركياً وغربياً واسرائيلياً بمساعدة دول إقليمية وعربية ليكون الذراع العسكرية التي تستخدم لتدمير دول المنطقة بدأت تظهر ملامحه على صانعيه.‏

ما هو مؤكد أن الغرب ومن وراءه الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل قد وجد في أحداث باريس الأخيرة مبررا للمضي قدما بسياساته الاستعمارية في المنطقة ممتطيا شعار محاربة الإرهاب والقضاء عليه الأمر الذي يدعم الفرضية القائلة بان كل ما يحصل في العالم من أحداث دراماتيكية وراءه الولايات المتحدة التي تحاول الهروب الى الأمام عندما تحشر في عنق الزجاجة باتباع سياسات تهدف الى إدارة البوصلة عن وجهتها الحقيقية وتشتيت الرأي العام وخلط الأوراق حتى يتسنى لها إعادة ترتيبها كما يجب أن يكون .‏‏

وما هو مؤكد أيضا و رغم كل تلك الشعارات الزائفة التي يرفعها الغرب والولايات المتحدة ، فان أحداً لم يعد مقتنعا بتلك الإجراءات والمواقف ما لم تقترن بتغيير جوهري وحقيقي يتضمن الاعتراف الواضح بدعم واحتضان الإرهاب من قبل الغرب عموماً وتحديد كل الأطراف المسؤولة عن هذا الدعم سواء بالأصالة أو بالوكالة أو بالتبعية، ومن ثم اتخاذ قرار صريح وواضح بوقف هذا الدعم ومحاسبة كل المسؤولين عن دعم وتنامي وحش الإرهاب ، وغير ذلك لا يعدو كونه ادعاءات باطلة واستهتاراً بعقول الشعوب، فكيف للإرهاب أن يدعي انه يحارب إرهاباً.‏‏

وبالتالي فإن المواقف الامريكية والغربية الداعمة والمشجعة على الإرهاب هي التي أوصلت المنطقة إلى ماهي عليه من حرائق وحروب,فقد تعاملت الولايات المتحدة ومن خلفها اوروبا بمعايير مزدوجة ازاء مايحدث في سورية والعراق وفلسطين المحتلة واوكرانيا وشجعت الإرهاب الممنهج والإرهابيين بكل الوسائل ولم يقف الامر عند حد التشجيع بل مدت الإرهابيين بكل مايلزم من السلاح والمال وفتحت لهم مراكز تدريب في دول الجوار الإقليمي.‏

والواقع يشير إلى أن الإدارة الأمريكية التي أعمتها أطماعها في المنطقة لاتستطيع الالتفات لشؤونها الداخلية بل مواصلة حربها المزعومة على الإرهاب في سورية والعراق كذريعة لتنفيذ مخططاتها الأمر الذي سيرتد عليها وعلى مصالحها.‏

فهل حان الوقت لأن تتعلم أوروبا من تجاربها, وخاصة في شراكاتها مع الولايات المتحدة في حروبها خارج الحدود في أفغانستان والعراق وغيرهما أن تلك الحروب لم تقض على الإرهاب، وأن واشنطن الحليف الرئيسي لأوروبا يتبنى سياسات متناقضة تصب في مصلحته أولاً ويستخدم أوروبا تابعاً له!! في حين تتلقى أوروبا الهجمات الإرهابية ويدفع المواطن الأوروبي ثمن رعونة سياسة قادته وحماقة سياسة واشنطن في العالم وخصوصاً في مسألة مكافحة الإرهاب .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية