تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حرق الأعصاب

حدث وتعليق
الأحد18 /3/2007
علي نصر الله

ان السياسة هي سباق في القدرة على التحمل , وان الحقيقة اهم بكثير من الشعبية.

بهذه الكلمات توجه ايهود اولمرت الى مناصري كاديما وهو يقف بأعصاب تحترق على اعتاب زلزال سيحدثه تقرير لجنة فينو غراد الذي سيكشف في اقل تقدير جزءا من الحقيقة التي لن يتحملها اولمرت لاعلى المستوى الشخصي ولا على المستوى الشعبي.‏

واذا كان اولمرت يحاول بخطابه الجديد ان يجعله حمال أوجه , فهو خطاب وان كان مفعماً بعبارات التحدي الا انه ينطوي على مدلولات واحدة اساسها ان الرجل يستشعر حجم الهزيمة التي مني بها في الحرب والسياسة , ويستعد لمواجهة خصومه وهو يدرك جيدا ان مجتمعا متطرفا كالمجتمع الاسرائيلي لايمكنه ان يتسامح مع الضعفاء والفاشلين والملاحقين بسلسلة غير قصيرة من الفضائح المالية.‏

اولمرت الذي احرق مستقبله وتحترق اعصابه هذه الايام يعرف ان محاولات استحضار شارون لن تجدي نفعا , لكنه يعرف ايضا انه مامن بدائل امامه سوى العمل على ذلك , واستباق الزلزال باعترافات كالتي كشف عنها مؤخرا لجهة الاقرار بان الحرب على لبنان تم الاعداد لها في كنف شارون وعلى مكتبه , ولم يكن ينقصه الا ان يقول كنت اطلع روحه وهي في غيبوبتها على كل التفاصيل !!.‏

آخر اعترافات اولمرت ماقاله بالامس من انه يعلم ان شعبيته ضعيفة جدا , وان الاستطلاعات والمعارضة ونتانياهو والكثير من اعضاء وانصار كاديما يقولون ذلك , لكنه في موسم الاعترافات هذه وفي محاولة لرفع المعنويات يقول انه ثعلب قديم في السياسة ويعرف كيف يكون بمقدوره ان يكون اكثر شعبية .‏

هذه الاعترافات لاتعكس سوى حقيقة واحدة هي ان اولمرت يعاني القلق والاضطراب والخشية على مستقبله , اما عن انه ثعلب قديم فهي استعارة سياسية وايديولوجية في غير محلها , وان محاولة تشيني امام مؤتمر ايباك التجاوب والتناغم معه لن تقدم او تضيف الى واقع اولمرت المأزوم اي جديد من شأنه انقاذ الثعلب الهزيل والمتهالك .‏

وفي غمرة التحليلات تتكاثر الافكار , تبتعد حيناً وتتلاقى احياناً , ومعها يكون من الممكن الحديث عن اسقاطات في السياسة هنا وهناك خصوصا عندما تكون العناصر واحدة , وعندما تكون القشة التي .. واحدة ايضا, وهي هنا الحرب على لبنان.‏

انظروا الى لبنان فهناك من تحترق اعصابه , وهناك من اوصله قلقه واضطرابه الى حدود الهلوسة والجنون واكثر , وهناك من راح يستنجد بتشيني ومجموعته , وهناك من بات بلا شعبية ولا يستطيع تحمل مجرد الحديث عن الحقيقة فكيف به يتحملها ?!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية