|
ترجمة و الاقتصادية و السياسية والحزبية,فإنها بلا شك تعكس إلى حد بعيد ألمأزق الاستراتيجي العميق التي بات الكيان يعيشه إذ يجد هذا المأزق تعبيراته وتجلياته المباشرة على أكثر من بعد وعلى الأصعدة كافة . فانكفاء المشروع الصهيوني إلى الداخل ممثلا بالجدران العازلة والانسحابات الأحادية الجانب وتفكيك المستوطنات في قطاع غزة يعكس جانبا من المأزق ذاته مثلما يعكس فشل الحرب العدوانية على لبنان , وتداعي شعبية أولمرت ,والفوضى العارمة التي تلف الحلبة السياسية والحزبية, بعض تجلياته أيضا , لكن الجدل الساخن حول دور الجيش وتراجع هذا الدور,على اعتبار أن هذا الجيش يمثل حصانة وضمانة استراتيجية للكيان فهو الجيش الوحيد في العالم الذي يملك دولة وليس العكس كما هو الحال بالنسبة للدول المتعارف عليها, فهذا الجدل يعكس جانبا كبيرا من جوهر المأزق, أما عن الفساد فحدث ولا حرج . وأخيرا وليس آخرا جاء التقرير المرحلي لمراقب الدولة ميخا ليندشتراوس في شأن إعداد الجبهة الداخلية لحرب محتملة وتقصير حكومة أولمرت في معالجة أوضاع سكان الشمال خلال الحرب العدوانية على لبنان ودون انتظار أولمرت للرد على أسئلة وجهت إليه من قبل القاضي المذكور, ليشعل حرباً ضروسا بين المؤسستين السياسية والقضائية وليلقي بظلاله أيضا على المؤسسة العسكرية التي تزايدت مخاوفها من تأثير هذا التقرير على معنويات الجيش. هذا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار اتهامات أولمرت للقاضي بسعيه إلى تلطيخ سمعته . وكان أولمرت قد رفض المثول أمام اللجنة للإجابة على الأسئلة المتعلقة بالتحقيق الذي يجريه فيما استجاب وزير الدفاع ووزراء آخرون وكذلك رئيس الأركان المستقيل دان حالوتس. الصحافة الإسرائيلية تناولت هذه القضية بشكل مسهب واتفقت جميعها على أن هذه القضية (الفضيحة) قد قصرت من اجل أولمرت وحكومته السياسي ففي مقال افتتاحي لهارتس تحت عنوان : مسؤولية أولمرت العلي تقول الصحيفة :المشادة بين رئيس الوزراء أولمرت ومراقب الدولة ميخا ليندنشتراوس في المسائل السلوكية والإجرائية والتشريفية حول تقرير الرقابة على الوضع في الجبهة الداخلية في أثناء الحرب في الشمال في الصيف الماضي, تهدد بصرف الانتباه عما هو أساسي - ولعل هذا هو هدف أحد الطرفين المتنازعين ... وتضيف الصحيفة :ليس تملص أولمرت عن الإجابة لتوجهات مراقب الدولة, وليس نزعة النشر المتطورة لدى المراقب هما اللذان يجب أن يقفا في رأس اهتمام الجمهور - بل الوضع على الأرض. ففي الخريف الماضي, بعد أسابيع قليلة من نهاية الحرب, تقرر في الجيش الإسرائيلي - كفرضية عمل - الاستعداد لاستئناف الحرب في الشمال في صيف 2007. في مداولات التقدير الاستخباري, الأسبوع الماضي انطلقت آراء مختلفة بشأن جدية التخوف من استئناف الحرب, ولكن الاستعدادات لامتصاص الضربة لا يجب أن تنبع من التقدير المخفف. فإذا ما تبدد هذا دون أن تصلح نقاط الخلل, ستوجد الجبهة الداخلي في ذات الوضع الإشكالي بل وربما بخطورة أكبر من جهتها لاحظت يديعوت أحرونوت تأثير هذا التقرير على الجيش والمؤسسة الأمنية وعكست في الوقت نفسه مخاوف هاتين المؤسستين من تأثير نشر مثل هذه التقارير على معنويات الجيش :توتر في الجيش الإسرائيلي وفي جهاز الأمن, تصرخ العناوين. أجل توشك مفاجأة مدوية أن تسقط غدا من يدي مراقب الدولة على القادة السياسيين والأمنيين: فشلتم في علاج الجبهة الداخلية. الأنباء التي ستنشر في القريب أيضا في التقرير المرحلي للجنة فينوغراد قديمة مثل جميع أيامنا الماضية: فشلتم في الجبهة الداخلية. ليس الحديث إذن عن أنباء وخطوب, بل عن توتر في المستوى الشخصي الذي يتصل بمصير الحياة المهنية لأولئك الذين سارعوا إلى الخروج للحرب.أن النظر في كل ما حدث منذ الخروج الخاطف للحرب يثبت القول عن الفرق بين الجبل الكبير والإنسان الكبير: فالجبل كل ما اقتربت منه بقي كبيرا, وكل ما اقتربت من الإنسان الكبير بدا لك أصغر (وفي حالة كبارناهم خائبون حقا). وفي الإطار ذاته تصف الصحيفة نفسها حكومة أولمرت بحكومة الخيبة قائلة :هذه الخيب وثمنها الذي كلف حياة ملايين الجنود في تاريخ الحروب, تحليلا لامعا الباحث نورمن ديكسون في كتابه نفسية الخيبة في الجيش. يجعل ديكسون الشجاعة والأنا وصفة محققة لضياع الفهم والمسؤولية. وهو يبين أن المنظمات العسكرية تسبب خيبة عسكرية بطريقتين: بطريقة مباشرة عندما تضطر أفرادها للعمل على نحو لا يسهم في النجاح العسكري; وغير مباشرة بأنها تجذب إليها قلة من الناس ذوي فساد ما في الفهم والشخصية, وتختارهم وتقدمهم. ايتان هبار يتوقع في يديعوت أحرونوت أن يسدل الستار على حكومة أولمرت بعد أن تصدر لجنة فينوغراد تقريرها حول حرب تموز ويقول :ستخرج الرصاصة الأولى كما يبدو هذا الأسبوع, من مسدس مراقب الدولة. فهو سيحاسب أولمرت وحكومته لإهمال العناية بالجبهة الداخلية زمن الحرب. اجل لقد سلمت الجبهة الداخلية, وكانت العناية بها مثيرة للذعر وفاضحة, لكن لا يبدو أن تقرير ميخا لندنشتراوس الشديد سيسقط الحكومة. للمراقب )مذكرة حسابات مفتوحة مع رئيس الحكومة, وسواء أشهد أولمرت أم لا, وأجاب أم لا, فسيخرج متضررا كما يبدو. لن يتمتع بهذه الجنازة لكن هذا سيكون مقدمة فقط لما يتوقع بعد - للرصاصات الأخرى في مسدس: لجنة فينوغراد. منذ اشهر والجهاز الحكومي مشلول, خائف, ينتظر وينتظر لجنة فينوغراد. من جميع النواحي ستكون استنتاجات لجنة فينوغراد الخط الفاصل... ثم يستخلص الكاتب ويقول:ستجد المؤسسة السياسية نفسها آنذاك في حرب عالمية: فقد يتشظى حزب كديما, وقد ينظر أفراده في السلطة يمينا ويسارا, أيهربون إلى الليكود أم إلى العمل. وسيكون بينهم أناس لن يريدهم أحد لا هنا ولا هناك. سيجدون أنفسهم بلا سقف سياسي, وبلا )بيت( دافىء ومُحب قُبيل الانتخابات القادمة. في وضع كهذا يبدو أن العمل سيكون أول من ينعي نفسه, وماذا سيكون آنذاك? لا يوجد ما يُحسدون عليه: إذا ما فاز عمير بيرتس, كما هو متوقع الآن, فسيستقيل من الحزب في الحال تقريبا ستة من أعضاء الكنيست على الأقل . ناحوم بارنيع يلخص الأوضاع الحكومية في يديعوت أحرنوت ويقول: إن ثقة الإسرائيليين بحكومتهم, وبالمؤسسة كلها في الواقع, تلقت في الأشهر الأخيرة ضربة شديدة. ليس أولمرت ديك تكفير يُذبح عن خطايا الآخرين: انه رمز للازمة ومسؤول عن جزء منها. لكن حصر العناية فيه, وفيه فقط, يضيع الأساس: توجد هنا ثقافة سياسية تقتضي تغييرا عميقا. يوجد هنا جهاز عام آخذ في التضاؤل, وآخذ في كونه قزما, في حين أن المشكلات آخذة في الازدياد, واستبدال نتنياهو باولمرت سيزيد فقط من خيبة الأمل. بن سيمون في هارتس ينضم إلى بارنيع أيضا قائلا:لم تمر سنة على انتخاب أولمرت رئيسا للوزراء, وها هو الجمهور يتشوق إلى استبداله. أسلافه في المنصب كذلك, نتنياهو و باراك, وجدا نفسيهما في وضع مشابه قبل اكتمال سنة على دخولهما إلى المنصب.هذا الفشل التكراري يحول إسرائيل إلى أُضحوكة تتندر بها أمم العالم. إسرائيل تحولت إلى نوع من الحكم المصاب بالحركة المفرطة, حيث يتبدل فيه القادة ويسقطون في بداية طريقهم أو في منتصفه. وفي الاستطلاع الذي أجرته صحيفة يديعوت أحرونوت حول أداء أولمرت وحكومته تبين أن 78 في المائة من الجمهور يرى بان القيادة السياسية سيئة. ويقول الاستطلاع بان أزمة الثقة لدى الجمهور الإسرائيلي بالسياسيين تصل إلى ذروتها في كل الأزمنة. 78 في المائة من الإسرائيليين غير راضين أو غير راضين عن القيادة السياسيةلإسرائيل 8 في المائة فقط من المشاركين في استطلاع أجراه معهد مأغار محوت قالوا أنهم راضون عن القيادة. المركز الإسرائيلي لتعزيز المواطن قام باستطلاع لفحص مواقف الجمهور بالنسبة لطريقة الانتخابات القائمة للكنيست وبالنسبة لطرق الانتخابات الإقليمية المختلفة. وجرى الاستطلاع في أوساط عينة تمثل السكان الإسرائيليين الراشدين (547 مشاركا). في استطلاع مشابه في العام 2006 تبين أن 55 في المائة فقط من الجمهور لم يكونوا راضين عن القيادة, و 17 في المائة من الإسرائيليين كانوا راضين عن القيادة. الأسباب الرئيسة لانعدام الرضى عن القيادة السياسية في الدولة هي: الفساد - 32 في المائة; انعدام الخبرة - 12 في المائة; الأنانية - 10 في المائة; يهتمون بالاغنياء فقط - 5 في المائة. ثلثا المستطلعين يعتقدون أن السياسيين اليوم أسوأ من السياسيين في الماضي.بالنسبة لطريقة الانتخابات ظهر تعادل بين المواطنين الراضين عن طريقة الانتخابات الحالية للكنيست وبين أولئك غير الراضين عنها. هذا ويؤيد 61 في المائة من الجمهور طريقة انتخابات يجري فيها انتخاب المرشحين للكنيست بشكل شخصي ومباشر من الناخبين وليس من الأحزاب. 29 في المائة من الجمهور يؤيدون طريقة انتخابات لوائية, و 39 في المائة قالوا أنهم مع نظام الحكم الرئاسي. خلاصة الأمر, يفهم من معظم تحليلات الصحف الإسرائيلية أن حكومة أولمرت لن تعمر طويلا وقد يكون نشر تقرير فينوغراد حول فشل جيش الاحتلال الإسرائيلي في الحرب على لبنان القشة التي ستقصم ظهر البعير بالنسبة لاستمرار هذه الحكومة ومستقبل أولمرت السياسي , ويذهب بعض المحللين الإسرائيليين للقول بان سقوط هذه الحكومة بات مسالة وقت . |
|