|
دراسات في السجون السرية الأميركية, وقال إن المستشارين القانونيين للإدارة الأميركية يعتبرون أن المقصود بالتعذيب هو إنزال الأذى البدني بشخص يؤدي إلى تعطل عضو من أعضاء جسمه. وفيما يلي أهم ما جاء في المقال: عندما حطت طائرة وزيرة الخارجية الأميركية غوندا ليزارايس في أوروبا في رحلتها الأخيرة, لم يكن لديها أية رغبة في تقديم اعترافات بخصوص ممارسات الاستخبارات المركزية الأميركية المتعلقة بالاحتفاظ بسجون في دول أجنبية خارج نطاق الصلاحية القانونية الرسمية- أو المعترف بها لأية دولة- وكذلك نقل السجناء من مكان لآخر وهم مخدرون دون إحاطة سلطات الدول التي تستخدم مطاراتها أو التي يتم عبور مجالها الجوي عملاًبذلك. ولم يكن لدي رايس أية اعتذارات تقدمها, أو أية مبررات يمكن عرضها بخصوص نفي التهمة التي تقول إن نقل هؤلاء المعتقلين بواسطة وكالة ا لاستخبارات المركزية الأميركية سي آي إيه إلى سجون سرية بغرض تعذيبهم في مواقع خارج نطاق اختصاص القضاء الغربي بشكل عام. وهي بذلك تؤكد موقف إدارة بوش الرسمي الذي يقول إن الولايات المتحدة لا تنخرط في أعمال تعذيب كما لا تنتهك القوانين الأميركية أو المعاهدات الدولية ( لكنها مع ذلك تفضل أن تتم مثل هذه الأعمال خارج الولايات المتحدة الأميركية). وقد انكرت وزيرة الخارجية الأميركية ممارسة أميركا للتعذيب في الكلمة التي ألقتها أمام الصحفيين قبل أن تستقل الطائرة التي نقلتها إلى العاصمة الألمانية برلين وهي العاصمة الأولى في جولتها الأوروبية التي استغرقت خمسة أيام والولايات المتحدة الأميركية لا تزال تصر على ادعائها القائل إنها لا تمارس التعذيب على الرغم من الأدلة الواضحة التي توافرت على أنها تمارس التعذيب, وتبرر الإدارة الأميركية موقفها بالزعم أن المستشارين القانونيين للإدارة الأميركية يعتبرون أن المقصود بالتعذيب هو انزال أذى بدني بشخص بشكل يؤدي إلى تعطيل عضو من أعضاء جسمه, أما إذا لم يحدث تعطل أو تلف لاحد أعضاء الجسم فإن وسائل الاستجواب المستخدمة لا تعتبر تعذيباً كما لا تخالف أي قانون أميركي أو دولي أو أية معاهدات معمول بها بهذا الخصوص, وذلك حسب التفسير الذي تقدمه إدارة بوش للموضوع ووفقاً لتقرير منظمة العفو الدولية الصادر في وقت سابق من هذا العام, فإن هناك على الأقل مئة حالة من حالات موت السجناء و27 حالة مؤكدة أو مشتبه بها من حالات القتل العمد لسجناء أثناء الغزو الأميركي لكل من أفغانستان والعراق. باختصار شديد, تريد الولايات المتحدة الأميركية أن يفهم الجميع أن الكلمات تعني فقط ماتقول هي إنها تعنيه, على حد تعبير- البيرتوغونزاليز- المستشار القانوني السابق للرئيس الأميركي ووزيرالعدل الحالي, الذي يعتبره الكثير من المراقبين مسؤولاً عن صيانة اعراف ومعايير الإدارة الأميركية الخاصة بمعاملة السجناء. وتقول الوزيرة رايس للأوروبيين إن ممارسات التحقيق أو الاستجوابات الأميركية( التي لاينتج عنها فشل عضو, أو حتى التي ينتج عنها ذلك) وممارساتها لعمليات الاختطاف غير المعلنة, وسجن الأشخاص مع حرمانهم من حقوقهم, هي كلها ممارسات جيدة لهم لأنها ستؤدي في النهاية إلى حمايتهم من الإرهاب. لذلك تلمح الإدارة إلى أن قيام الأوروبيين برفض تلك الممارسات يمثل نوعاً من النفاق, لاسيما أن حكوماتهم, أوعلى الأقل أعضاء في حكوماتهم, ربما كانوا يعرفون ماكان يدور, بل وربما يكونون قد تعاونوا بشكل أو بآخر مع الولايات المتحدة في ذلك, أو على الأقل قد قاموا بإدارة ظهورهم وإغماض عيونهم على كل حال. وقد جاء في تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية ما يفيد أن الولايات المتحدة وعشية رأس السنة الميلادية 2003 قد طلبت من السلطات المقدونية القبض على مواطن ألماني متزوج ولديه خمسة أطفال كان يقوم بعبور مقدونيا في ذلك الوقت لمجرد أن اسمه كان يتشابه مع اسم شريك لأحد المختطفين الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من أيلول على برجي مركز التجارة والبنتاغون. وبعد إلقاء القبض على ذلك الرجل بواسطة السلطات المقدونية, تم تسليمه إلى رجال الاستخبارات المركزية الأميركية السي آي إيه الذين قاموا بتجريده من ملابسه وإعطائه حقنة شرجية رغماً عنه وتقييده وتخديره ونقله إلى أفغانستان, حيث تم تعذيبه بواسطة محققين أميركيين تحت إشراف رجل مقنع تبين فيما بعد أنه طبيب, وقد أحيط وزير الداخلية الألماني في ذلك الوقت علماً باعتقال ذلك الرجل. لكن بعد ثلاثة أشهر تم التأكد من أن هناك خلطاً في الهوية بين هذا الرجل ورجل آخر, وعقب ذلك بشهرين آخرين, وبعد مناقشة للبدائل التي يتعين اتباعها في هذه الحالة, أقنعت وزارة الخارجية الأميركية السي آي إيه بالاتصال بوسيط داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في ألمانيا في تلك الفترة. وبعد ذلك اتخذت ترتيبات لترك الرجل على قارعة إحدى الطرق في ألبانيا حيث تم التقاطه بواسطة رجال غير معروفي الهوية, ووضعه على طائرة بواسطة المسؤولين الألمان, وفي النهاية تمت إعادته إلى أسرته مرة أخرى مع تحذيره من أنه لو تحدث عن محنته لأحد فلن يجد مسؤولاً واحداً يقوم بتأييد روايته. والجدير بالذكر هنا أن رحلات الطيران التي تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية حالياً عبر الدول الأوروبية قد تزايدت وأن أكبر معدل للرحلات هو إلى ألمانيا التي وصل عدد الرحلات إليها 430 رحلة ( حسب تقرير نشرته صحيفة دير شبيغل الألمانية) وتلتها بريطانيا, ولكن عدد تلك الرحلات قد ازداد بشكل عام سواء إلى الدول الأوروبية, أو عبرها إلى عبور مجالها الجوي. والإدارة الأميركية لا تنفي أو تؤيد وجود سجون سياسية سرية تديرها سواء بنفسها, أو بالتعاون مع بعض الدول التي كانت تابعة في السابق للمعسكر الشيوعي, ولكن شبكة أيه بي سي أذاعت تقريراً في الآونة الأخيرة يقول إن السجون الموجودة في أوروبا قد أغلقت بمجرد أن تسربت الأنباء الخاصة بوجودها بواسطة صحيفة الواشنطن بوست وأنه قد تم نقل السجناء إلى منشآت مماثلة في شمال أفريقيا. وتقوم الآن وزيرة الخارجية الأميركية وغيرها بتقديم حجة كثيراً ماكان يتم اللجوء إليها عندما لا تجد الإدارات حجة تتعلل بها. تقول هذه الحجة إنه حتى إذا لم يكن انكار الأميركيين لحدوث حالات تعذيب, وانتهاك للعدالة والشرعية الدولية حقيقياً, فإن الأوروبيين وغيرهم يجب أن يشعروا بالامتنان لأن أي شيء تقوم أو قامت الولايات المتحدة بعمله كان يهدف من ضمن مايهدف إلى إنقاذ -الأرواح الأوروبية- على حد تعبير رايس حرفياً. هذا الرد على ما يبدو, هو أفضل مايمكن أن تحصل عليه حالياً أية دولة أوروبية في معرض الرد على مطالبتها لأميركا بتقديم تفسير رسمي لما يتم في الوقت الحاضر وإذا لم يحب الأوروبيون ذلك, فإن الملاذ الوحيد المتاح أمامهم هو أن يقوموا بشكل نهائي بإغلاق أية منشأة من- منشآت الاحتجاز- التي لا تحترم الاعراف التي يزعمون أنهم يدافعون عنها, أو أن يطالبوا بأن يتم الإعلان حسب الأصول المرعية عن جميع رحلات الطيران الأميركية عبر الأجواء الأوروبية, وأن تكون تلك الرحلات متاحة للتفتيش الرسمي, وكما قالت إدارة بوش من قبل: إذا لم تكن مع الولايات المتحدة الأميركية فأنت إذن ضدها, هذه هي ( الشرعية) الأميركية. |
|