تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التركيب والتنصيب

حديث الناس
الاحد 25/12/2005م
خالد الأشهب

المزاج, وما أدراكم ما المزاج, طامة كبرى الاحتكام إليه وحيداً في تركيب الإدارات وتنصيب المناصب, لاسيما حين يرتكز المزاج الشخصي للمعني بالتركيب والتنصيب إلى مزاج أعلى أو إلى رقيب أدنى, فتأتي التركيبات والتنصيبات مستوفية كل شروط التوازن في خانات القبيلة والعشيرة والمنطقة ما عدا خانة الوطن, أي بمعنى أدق, خانة الكفاءة!!

كل فترات التحول والتغيير في كل المجتمعات والبلدان, إصلاحاً أو تحديثاً, تشهد حالة من فوضى التركيب والتنصيب, وحالة موازية من فوضى الأمزجة ووجهات النظر, فترى من لا يستحق في موقع مستحق, وترى من يستحق في موقع مستدق, وهكذا, صعوداً وسقوطاً, مع ما يرافقهما من أحاسيس العزوف أو الإقدام بين من يراقب ويتابع, إلى أن يستقر الأمر الواقع على من تدبب واستدق من المواقع والإدارات ومن المديرين وأولي الأمر, والناس بين معتدل المزاج والمعكر منه?‏

فإذا كان هذا مبرراً في تلك الفترات والحالات, فإنه لا يعود كذلك في غيرها, ولا في المراحل المتقدمة منها حتى, إلا إذا انتهت إلى نتائج.. ما تدبب من الإدارات والتنصيبات فيها أضعاف أضعاف ما استدق, وبحيث لا يغدو الجالسون على المستدق هم الحالة الوطنية في محيط من القبلية والمناطقية.‏

غير أن ما يؤسس لمثل هذه الحالات التي لا ترقى إلى الوطنية في النظر إلى أولويات عملية الإصلاح والتحديث, وفي إعادة ترتيب أو إعادة إنتاج فرسانها من الإدارات وأصحاب القرار, ليس هو المزاج مع ما يحتويه من تقلبات مناخية ومن ميراث معرفي وثقافي يشكل الجزء الأعظم والفاعل من المزاج, بل هو بالدرجة الأولى غياب بدائل المزاج وتعويضاته من منظومات التفكير التي تتصل بكيف ينبغي أن يكون التغيير, وبمن هم الذين ينبغي أن يكونوا الجسر الواصل إليه. وهذا سببه في أغلب الأحيان قصقصة النماذج المستوردة أو المقتبسة لطرائق اختيار الإدارات وأصحاب القرار, لتغدو هذه النماذج على مقاسنا كما نعتقد أو نتوهم, ثم لتكبير هامش الرأي الشخصي للمعنيين بالاختيار, والذي يتوهمون أنه يزيد من فاعلياتهم وأدوارهم ويدخلهم التاريخ وصفحاته.‏

مطلوب منا وبإلحاح أن نقصي المزاج الشخصي واستطالاته في التركيب والتنصيب, ومعها وبالتوازي, شروط التوازن ما دون الوطنية وإلا فلن تأتي النتائج صدى للأمنيات!!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية