|
ثقافة وفي هذه الرواية - جودت بيك وأبناؤه - فهي التاريخ الآخر، أو التاريخ الروائي، أو التاريخ التركي من وجهة نظر الروائيين، وليس المؤرخين،
مركزة على منعطفات هامة في هذا التاريخ، والذي يبدأ من (1905) لحظة سقوط وانهيار السلطنة العثمانية، مروراً بوفاة مؤسس الجمهورية التركية، أو أبو الأتراك أتاتورك (1938) - كما يحلو للأتراك أن يلقبونه، ثم إلى مرحلة الانقلابات العسكرية والفوضى في السبعينات من هذا القرن، وذلك من وجهة نظر ثلاثة أجيال متعاقبة لعائلة (جودت بيك) التي هي في النهاية ملخص أو تكثيف للشعب التركي. الأهمية اليوم في هذه الرواية ليس تنافس جهتان لتعريبها في سورية، وأنما تأتي أهميتها بأنها تكاد تكون مرآة للمجتمع التركي اليوم، في تاريخ يصر على تكرار نفسه بالصورة الترجوكوميديا ذاتها..! مُعادل عربي في المقابل العربي ثمة معادل للرواية التركية في اللغة العربية، وهي الثلاثية الأجزاء «بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية» للروائي الراحل نجيب محفوظ، وأما صاحب هذا المعادل، فهو على الطرف التركي، واقصد الروائي أورهان باموق، والرواية المعادلة، أو النظيرة التركية هي روايته «جودت بيك وأبناؤه»، وننوه هنا أن باموق هو المعادل النوبلي التركي أيضاً للنوبلي العربي محفوظ. في رواية «جودت بيك وأبناؤه» يشتغل باموق على استعادة حالة الانعطاف التاريخية في تركيا من السلطنة إلى الجمهورية العلمانية، ملتقطاً أحداث هذه الرواية وشخصياتها من زمن ذلك الصراع السياسي والتوتر والعنف الاجتماعيين اللذين رافقاه منذ اوئل القرن التاسع عشر، وحتى منتصف القرن العشرين في تركيا، صراع من أجل الدستور تحديداً، شُكلت لأجله جمعيات سرية خلعت أكثر من سلطان. وفي هذا السرد الذي يتخذ الأسلوب الواقعي التقليدي نتعرف على تلك الشخصية التي أخذت الرواية اسمها، إنه شهبندر التجار في اسطنبول، لنتعرف من خلال أجيال ثلاثة لأسرته على تاريخ تركيا، تماماً كما أسرة عبد الجواد في ثلاثية محفوظ، حيث يوغل باموق في سرد التفاصيل حتى الجيل الثالث من هذه الأسرة، أي الأحفاد التي هي الموازي لوطن بكامله، أخلاقياً، وسياسياً، وأقتصادياً، واجتماعياً. وذلك برصد هذا التحول الترجوكوميدي من الخلافة إلى السلطنة، ومن ثم إلى الدولة التي اختارت العلمانية، - على الأقل حتى مجيء الأخواني ذي الصيت السيئ رجب طيب أردوغان مع حزب العدالة والتنمية - وهذا التنازع بين القيم الشرقية التقليدية، والقيم الغربية، أو محاولة مقاربتها، وهذا التناهش الذي أوصل بالتركي اليوم، إنه لم يعد يعرف أن يضع الطربوش، ولا هو استطاع لبس البرنيطة، الأمر الذي يهدد هوية شعب بكامله، الذي لا يعرف على أي ضفة يُرسي مراكبه.! اشتباك الشخصيات ومن خلال نماذج ثلاثة لشبانٍ - هم الأنجال- الذين درسوا في الغرب، وعادوا إلى تركيا لكن بأنماط مختلفة، سيجسد باموق هذا الارتباك، وقد وصلت الأحداث إلى سنة 1939م. هذا الاشتباك بين هذه الشخصيات المتلونة والموزعة، حيناً إلى الجامع، وطوراً إلى الكباريه، وهذا الاختلاف بالنظرة إلى الأتاتوركية من التغيير في القشور، إلى التغيير في العمق. في جودت بيك وأبناؤه، يقدم باموق صورة مفصلة وواسعة للحياة التركية على مدى أجيال ثلاثة مليئة بالكوميديا حد التهكم، وتزدحم بالتراجيديا حد المأساة، من خلال شريحة تعتبر الأكثر حيوية وبراغماتية في أي مجتمع وهم «التجار» ومجتمع يحركه هؤلاء بلبوسات مختلفة، من هنا ليس أمام باموق سوى الدفع بشخصياته للذهاب إلى مصائر حتمية بطريقة أقرب إلى الغرائزية، ليرسموا تلك الحياة المتنازعة والمتقلبة التي لاتستقر على حال، مرةً يعصف بها متشددون يتوقون إلى التغيير وهذا تناقض، وبين براغماتيين يشدون اللحاف تجاههم، غير أن الأهم، ولأجل استقرار «مزعوم» ومزيف، ومهما بدا هشاً، أن يبقى اللحاف متعادلاً، حتى لايتمزق، لكن يبدو الأمر إلى حين يصبح الجميع في العراء. لحاف لايزال صامداً حتى هذه اللحظة، وإن كانت كل المؤشرات تؤكد أن هذا اللحاف هو قاب قوسين من أن يصبح أسمالاً وخرقاً بالية إذا ما استمر هذا الأرعن «رجب طيب أردوغان» في حكم تركيا لبعض الوقت أكثر.!! وهنا نسأل تُرى لو انتظر برهان باموق لإصدار هذه الرواية إلى مابعد تسلم حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا، هل كان أضاف حرفاً واحداً على alraee67@gmail.com"الرواية..؟؟!! alraee67@gmail.com">هذه alraee67@gmail.com"الرواية..؟؟!! alraee67@gmail.com |
|