|
قضايا الثورة ولعل أكثرها إثارة ما ذهب إليه البعض من تفسير لا يكتفي بالسذاجة, بل أيضا يغلفها بإطار من الكذب والفبركة, تجاوزت ما أقدم عليه الكثير من صبيان السياسة الذين أضحوا نجوما على شاشات احترفت الادعاء الأجوف, وامتهنت الانزلاق في زواريب من الدونية التي لم يعهدها الإعلام العربي. فأي مقارنة مهما كانت, وأي قراءة من أي مستوى صدرت, لا يمكن لها أن تخلط بين التحذير من المخاطر التي يدركها الجميع, وبين اعتبار ذلك رسالة في اتجاه خاطئ, إلا أولئك الذين يعانون من خلل في محاكمتهم العقلية, أو من أصابهم الإفلاس, فذهبوا يضربون أخماسا بأسداس, وراحوا يبحثون عن أي كلمة ليصطادوا بأي ثمن, ومهما كانت النتيجة. إن أي متابع لما حذرت منه سورية يدرك جيداً مرامي هذا التحذير وأبعاده وحيثياته, ولا يمكن لأي متابع أن يفسره كما ذهب إليه أولئك تحت أي مسمى, إذ أن هذا الوضع الذي تعيشه المنطقة والعالم لا يحتمل أي مجازفة أخرى, ولا يقوى على مواجهة المزيد من عوامل التفجر, وسورية ليست وحدها من حذر من ذلك, بل هناك الكثيرون في هذا العالم قد فعلوا. ولو أن الأمر كذلك لكان كل أولئك متهمين بما يجري بدل أن يكونوا مساهمين في الإشارة إلى مواضع الخطورة, وبدل ان يكونوا عامل ممانعة للتخفيف من عواقب السياسة الطائشة لبعض الأطراف, يتحولون إلى مشبوهين?! ولكن أولئك المتاجرون لم يكتفوا بخطأ التفسير وخطيئة التأويل, بل نصبوا أنفسهم قائمين على شؤون المنطقة وشعوبها بعد أن شعروا بتردي عزيمة من استقووا بهم, وحكماء لزمانها وأفرادها حين تراجع بوش ذاته عن نبوءته..! يوغلون في الحقد, ويغالون في التجيير والتجييش, ويستسهلون الغمز من هذه القناة أو تلك تحت ضغط أوهام تحولت إلى كوابيس تلاحق الكثيرين منهم, تطارد البقية في أشكال من التعبير السياسي الممجوج والمستهلك. لقد شهدنا عصراً من الاستقواء الأجوف لم تعهده المنطقة, ولمسنا تجاوزاً لكثير من المسلمات, فيها الكثير من المس الشخصي والاعتباري, لا أحد في الدنيا يقبله أو يرضى عنه, ولا يستطيع أي متفذلك في السياسة أن يبرره. تلك مجرد عناوين عريضة لموضة تجتاح المتاجرين بدماء الآخرين, وفلكلور يحقق لهم نشوة كاذبةلم يتمكنوا من الوصول إليها بالدجل والفبركة الإعلامية والسياسية, ولم يستطيعوا من خلالها تحقيق أمجادهم الضائعة في الزعامة وفي إمارة الحرب التي عملوا عليها لعقود خلت. أما في التفاصيل فالكارثة أكبر وأشد إيلاماً, ونحن نشهد سوقا للترويج الرخيص القائم على الشتيمة وألفاظ الرذيلة, يتناولها الكثيرون على أنها طريق الفضيلة في هذا العصر الملون بفجائع الموتورين, الذين يتناوبون على النفخ في القربة المثقوبة التي أورثهم إياها السيد الأميركي والوالي الفرنسي. قلة تلك التي تخطئ القراءة المنطقية, ونادرون الذين يقعون في فخ البوق المثقوب, ومع ذلك نجد أولئك, وقد أدمنوا الخطأ والخطيئة, يكابرون ويناكفون, يحملون ويجاهرون, يستجدون لحد الشفقة المريبة, وإلى مستويات الرأفة بحالهم..! |
|