تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الشخصنة والإبداع

رؤية
الأحد 16/3/2008
محمد قاسم خليل

من المهم أن يكون الانسان متمكناً من أدواته الفنية والأدبية, لكن من المهم أيضاً أن يوظفهما بما يخدم المهنة, وبما يبرز قدرته على إيصال ما يريد قوله بأسلوب موضوعي هادىء.

وإذا لم تجر الأمور على هذه الشاكلة يخرج العمل من دائرة الابداع الى دائرة الشخصنة والضياع.‏

لننظر الى هذه النماذج التي تتواجد في ساحتنا الأدبية والفنية, لننظر كيف يحرفون الأدب والفن عن مساره الجمعي ويدخلونه في الشرنقة الشخصية وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً.‏

كاتب يريد تقويم عمل فني أو أدبي يبحث عن الهنات الصغيرة لتصبح موضوع المقال ويتناسى أشياء مهمة في العمل والهدف واضح.. إبراز قدراته على اكتشاف ما لا يكشفه الآخرون.‏

فنان يدلي بحديث تلفزيوني ويسترسل في الحديث عن نفسه أكثر مما يتحدث عن عمله.. ولتبلغ عدد كلمات (أنا) أكثر من نصف الحديث.‏

يبالغ ممثل في أداء شخصية, ويخرج من لبوس الشخصية الى لبوس ذاته ليقول أنا الممثل الفلاني.. شاهدوني..‏

يخرج مطرب عن قواعد الموسيقا والغناء.. ويرتجل بلا أسس وضوابط ليرضي غروره, وهو يظن أنه يرضي المعجبين الذين يصفقون لهذا النشاز.‏

يتوجه أغلب المخرجين السينمائيين الى سرد السيرة الذاتية للطفولة والشباب, وغالباً ما يكون السينمائي هوالكاتب والمخرج, لأنه يرى أنه لايستطيع أحد أن يكتب سيناريو لعبقريته السينمائية الفذة.‏

مذيع تلفزيوني يجري حواراً مع ضيف كبير, فيبلغ حجم الأسئلة وحديث المذيع ضعف حجم حديث الضيف.‏

هناك خيط رفيع بين تمكن الانسان من أدواته الابداعية وبين تجيير هذه الأدوات لصالحه الشخصي وليس لعمله وحرفته..‏

خيط رفيع يفصل بين الابداع وبين السقوط في مهوى الشخصانية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية