|
اقتصاديات في فيينا في الخامس من آذار الجاري الابقاء على مستويات الانتاج الحالية لدول المنظمة والبالغة بحدود 30 مليون برميل يوميا في ظل المخاوف من حدوث ركود اقتصادي عالمي يمكن ان يلقي بظلاله على معدلات نمو الطلب العالمي على مصادر الطاقة المختلفة التي يغطي الطلب على النفط نحو 37% منها. وبالتالي فإن قرارا برفع سقف الانتاج يمكن ان يساهم في انهيار اسعار النفط وتكرار تجربة عام 1998 عندما زادت اوبك من امداداتها النفطية الى الاسواق الدولية عشية تباطؤ اقتصادي فانهارت اسعار النفط الى مستوى اقل من عشرة دولارات للبرميل الواحد آنذاك. وفي الوقت الذي ما زالت اسعار النفط فيه مرتفعة نسبيا فإن الدراسات الجيولوجية العالمية,تؤكد وجود ثلثي احتياطي العالم من النفط في منطقة الشرق الاوسط بينما تصل احتياطات دول الاوبك من النفط مجتمعة إلى80% من الاحتياطي العالمي . وهذا ما سيعطيها الدور الابرز على صعيد تزويد الاقتصاد العالمي باحتياجاتها من الطاقة الا ان مثل هذا الدور يتعلق بشكل اساسي بمسألتين أساسيتين : الأولى التوسع في الطاقات الانتاجية للدول النفطية وبشكل مضطرد كما هو حاصل الان في كل من السعودية والإمارات والكويت اذا ما استبعدنا امكانيات ايران للقيام بذلك بسبب العقوبات المفروضة عليها من جانب الدول الغربية على خلفية تداعيات ملفها النووي. والثانية الاحتياجات المالية الهائلة للقيام بالاستثمار في مجال استخراج الاحتياطات المذكورة واذا كانت دول أوبك قد حصدت عوائد مالية ضخمة من صادرات النفط بلغت 675 مليار دولار خلال عام 2007 تكفي للقيام بتلك الاستثمارات بهدف التوسع في الطاقات الانتاجية لتصل الى مستويات عالية فإن ذلك لم يمنع من الاستعانة بالشركات المتعددة الجنسيات لكي تساهم في تمويل هذه الاستثمارات من جهة وتقدم خبراتها التقنية والتكنولوجيا الحديثة في مجال البحث والتنقيب واستخراج الاحتياطي النفطي وتطوير الحقول القائمة من جهة اخرى ومن هنا لابد ان يتحمل المستهلكون نصيبهم من المسؤولية تجاه استقرار اسعار النفط في الاسواق الدولية. وذلك بالحفاظ على نسب عادلة من الريع النفطي بين كل من الدول المنتجة والدول المستهلكة وبشكل يحافظ على مستويات اسعار حقيقية للنفط الخام في الاسواق الدولية لان التوسع في الاستثمارات النفطية سوف يؤدي الى زيادة الطاقات الانتاجية بلا شك وهذا يعني الاستجابة السهلة للطلب العالمي على النفط مما يحول دون تعرض المستهلكين لصدمات سعرية جديدة. وعلى جانب اخر فقد اعاد ارتفاع اسعار النفط رسم الخريطة الاقتصادية والسياسية للعالم تتمتع فيها الدول النفطية بعائدات مالية ضخمة يمكن ان تؤهلها للعب دور اكبر على الصعيد الاقتصادي والسياسي في العالم. حيث تتجه الانظار نحو تلك العوائد المالية الهائلة عبر اية قنوات سوف يتم استثمارها واين ستصب في النهاية. مما يفسح المجال واسعاً امام الدول النفطية وخاصة العربية منها التي تملك اكثر من 57% من احتياطي النفط العالمي وتملك الآن موارد مالية هائلة تسمح لها بأن تؤثر على مراكز القرار العالمي وتجبرها مستقبلا على الوقوف الى جانبها وجانب قضايا شعوبها. اما الدول المستوردة فقد باتت تعاني من موقعها الجديد على تلك الخريطة لجهة أنها ستتحمل أعباء اضافية نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة التي سوف تؤدي الى ارتفاع التكلفة الاقتصادية والاجتماعية في بلدانها لأنها سوف تجبر على العمل في اقتصادات تتميز بارتفاع تكاليف الطاقة مما سيترك اثارا واضحة على مستويات النمو الاقتصادي والاجتماعي لديها. واني ارى انه مع تباطؤ العرض النفطي من الدول خارج اوبك فإن معظم الانظار تتجه نحو دول اوبك للقيام باعادة استثمار نسب كافية من عوائد النفط العالية التي حققتها خلال عام 2007 والتي من المتوقع ان تزداد بمعدل 26% خلال العام الحالي في مجالات تطوير الاحتياطات النفطية لديها وزيادة طاقاتها الانتاجية. مما سيكون عاملا مهما في تهدئة الاسواق وكبح جماح الاسعار وبالتالي طمأنة المستهلكين مع الاشارة إلى أنه يجب ان لا يتم ذلك الا من خلال امداد الاسواق بكميات كافية واقتصادية من النفط تبقي اسبقية الحصول على الجزء الاعظم من الريع النفطي لصالح الدول المنتجة للنفط. * دكتوراه اقتصاديات الطاقة والنفط المعهد التقاني لإدارة الأعمال والتسويق بدمشق |
|