|
دراسات مروراً بالحرب العالمية الثانية 1939-1945، ومروراً باحتلال فلسطين والحروب الصهيو أورو أميركية على العرب منذ 1948 حتى يوم الناس هذا. نعم استمر السؤال عن حضور العرب، والعروبة، والأمة في كل عدوان حدث على دولة عربية، أو على شعب، أو على أرض. ومن العجيب أن يصل السؤال إلى عقم الإجابة بأن الطرف العربي ما زال غائباً، وخاصة حين تقرر في آخر موجة استعمارية تحت مسمّى الثورات والربيع أن يتم القضاء على الوضع الجيوتاريخي للعروبة وتفكيك الدولة الوطنية الجمهورية، وتفجير مجتمعاتها ويدخل العرب حرب الجميع ضد الجميع، إذ ذاك يدخل العامل الصهيوأميركي بخرائطه الجديدة التي تفسح المجال أمام المشروع التلمودي الصهيوني بالسيطرة الكاملة على المنطقة الشرق أوسطية للعرب، وكذلك شمال أفريقيا. ومن غريب الطبائع أيضاً أن يصل النظام الرسمي العربي إلى حالة من الركود، والتابعية ما تزول معه عناصر الدينامية في الحالة العربية عموماً تماهياً مع مقولة الشاعر العربي:» لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيّاً، ولكن لا حياة لمن تنادي». أليس من المدهش أن يكون حال الأمة على هذا النحو، والتواتر السلبي المنفعل في زمن مستلزم فيه نهج التوتر الخلاق؟ لماذا ملايين الشعوب الأخرى حاضرة في كل تموضع جديد لنظام الإنسانية الحاضرة، والعرب يواصلون مظاهر اللا تموضع، وكأنهم منقطعون عن حركة التاريخ، وليس فيهم من عناصر التحول التاريخي الذي يحمي الوجود، والمصير، ويُبقي الدور العربي في دورة الحياة الإقليمية، والدولية ماثلاً، منظوراً، وله منظوراته القومية الواضحة؟ لقد اختار العدوان الاستعماري الجديد علينا أهدافه، وقواه، وأدواته من أرضنا العربية، ومن المتدينين من الإسلام، لأن العرب - كما كل أمة- إذا كان صعب هزمهم من الخارج، ستكون سهلةً هزيمتهم من الداخل، وعليه فباسم الإسلام شرعوا يحرضون مكونات التنوع العربي، ويغيرون وظائفها الجامعة لتصبح مكونات ملغّمة بكل ما هو انفصال عن العقد الاجتماعي والثقافي التاريخي لتتوافر بيئة الانقسام المؤدي إلى التقسيم، والمسهّل لعملية التقاسم الصهيوأمريكية. ونقطة التركيز في هذه المقاصد كانت على العقل العربي، والثقافة ومن الطبيعي أن يكون الغرب المتصهين قد درس الحالة التي فرضتها العولمة بأن يتحول العالم إلى قرية صغيرة للكمبيوتر يتحكّم فيها صاحب الحكومة الإلكترونية، ومديرها بما يجعل الروابط الأسرية تتفكّك، ومعها الوطنية، والقومية وتدخل الأجيال العالمية في منظومة من فقدان الشعور بالهوية، والانتماء، والحماسة الوطنية ما تسهل معها إثارة التنازع والنزاعات وإدارة الأزمة العالمية بما يحقق -عبر الفوضى المقصودة- مصالح الليبرالية بثوبها الجديد، وسدنتها الماسونية التي من طبيعتها أن لا تهتم بالخرائط الوطنية، ولا بالانتماء إليها؛ لكون النموذج البشري الكوسموبوليتي هو النموذج المفضل لديها، والمشغول عليه. ولو درسنا في التحولات لأجيال العروبة منذ أكثر من عقدين من الزمان لوجدناها من صناعة الانترنت والموبايل أكثر من أن تكون من صناعة التربية العربية النظامية، وغير النظامية، أو الثقافة. وهنا تبرز معضلة الوعي العربي في أن يكون بأهداف العروبة، والأمة، أو بأهداف العوامل الخارجية المعادية للعروبة، والأمة. وتبرز الأدوار المتراجعة للأسرة العربية، والمدرسة، والمجتمع. والمتراجع الأكبر هو النظام الرسمي العربي لا سيما في العقد الأخير من الزمان حين صارت تدير عجلته - عبر الجامعة، ومؤسسات العمل العربي المشترك ـ ممالك الرمال ومشيخاتها، وصارت هيمنة البترودولار على الحياة السياسية لدى العرب تنسف التطلع العربي للسيادة، والاستقلال، وتربط المجموعة العربية بسياسات لا تجسد مصالح الأمة في التحرر، وقيام الكيان العربي الواحد. وما وصلت إليه الحالة الراهنة للعرب يعكس الغياب عن الحركة التاريخية، وعن تلمّس أبسط ملامح المستقبل. فإذا قال لنا قائل من أين المخرج والحياة العربية تفتقد النموذج، والقدوة رغم أنها عرفت ببعض الحلقات التاريخية برفضها للاقتداء، سيكون الجواب ما زال في الحالة مذهب خلاص رغم كل الذي تمّ استجرارنا إليه. فإن كان الحال على المستوى العربي بنظمه الوطنية، ونظامه العربي الرسمي، وكذلك الشعبي لا يُشعر بالتحرّك إلى الأمام بمقدار ما يشعر بـ ستاتيكو خائر القوى فالمهمة الطليعية لمن ما زالت البوصلة العروبية عنده تحسن ضبط الاتجاه أن يواصل ديناميته لدفع عناصر اليقظة الجديدة نحو رفض راهنية الغياب العربي، وتحقيق دينامية الحضور الفاعل والمتفاعل، ولو أن الاستعمار بثوبه الجديد قد شنّ على العروبة حربه الإرهابية، وكاد يطيح بالمنظومة الجمهورية العربية حتى تنفرد الممالك التابعة بالقرار العربي الذي سيغير في خارطة المصالح العربية ليجعل من العدو صديقاً، ومن الصديق عدواً لتمر صفقة القرن التي سترضخ الوجود العربي للسيطرة الصهيوأمريكية في عالم ما زال تشكّله الجديد لم يحصل بعد، ومن سيلعب الأدوار من اللازم له أن يكون شريكاً في القوة التي تعيد تنضيد العلاقات الدولية على أسس العدالة، ودمقرطة المصالح المتبادلة، والحقوق وصورة التعاون الدولي، أو لن يكون له دور. وبناء عليه تغدو بأهميتها القصوى اليوم بعض المتلازمات العربية لكي يعاد إنتاج الوعي العربي المعرفي، والثقافي بتحريك مطامح الشارع العربي الذي أوصله النظام الرسمي العربي إلى تابعيته للغرب المتصهين لم تحقق له أدنى حياة بكرامة ما وضعه عند هذا الوجود العدمي المقيت. وفي استعادة حيوية النهوض الشعبي العربي والاستنهاض تتحرك مكونات الوجود العرب الواحد، والمصير المشترك لتتمسك بالقلاع الأخيرة للصمود، ومواجهة العدوان الإرهابي الأمروصهيوني. وزيارة الرئيس السوداني لسورية، وما سبقها من وفود عربية برلمانية، وغير برلمانية يمنح الدلالة الهامة على أن دولة المواجهة سورية لن يكون إضعافها سوى إضعاف للقضايا العربية كما تحدث الرئيس السوداني، ولعل ما أصاب الوضعية العربية من ارتهان للمطامح الاستعمارية يجد في النظام الرسمي من يرفض هذا الارتهان، وينضمُّ لمواجهته مع سورية، وسيكون المنعكس في النظام الشعبي أكثر حرارة كما رأيناه في مسيرات الشعب العربي تأييداً لسورية من الأردن، حتى تونس، والجزائر. ويوماً بعد يوم يُكسب سورية انتصارها على الإرهاب قوةً جديدة مضاعفة لتعود إلى موقعها العربي، وتموضعها الإقليمي، والدولي بما تبدو معه لجنة الدستور التي يعطيها المتآمرون على سورية وعروبة العرب الأهمية القصوى حتى تكون ذريعة للمزيد من المماطلة بالحل السياسي السيادي، وإدامة الوجود الإرهابي على أرضنا لتستطيع أميركا الحصول بالسياسة على ما لم تستطعه بالحرب وهذا أمرٌ مرفوض ومرفوض معه استهداف بلدنا عبر اللجنة المعنية. فاللجنة سورية ولن تقبل لها جماهيرنا أي تفريط بالسيادة، ووحدة الأرض، والتاريخ، والشعب، فالسوريون يتولّون مصير بلدهم بإرادة وطنية مخلصة وموحّدة، ومتطلّعةٍ لعلاقة عربية ترفض التعويل على الغرب الذي لم يأتِ للعرب وللعروبة بأية منفعة. |
|