تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أردوغان يرمي ورقة شرق الفرات في صندوق اقتراعه

Hurriyet Daily News
دراسات
الثلاثاء 25-12-2018
دراسات - ترجمة

بعد قرابة أربعة أشهر ستجري على الساحة التركية انتخابات محلية لها تأثيراتها على الواقع السياسي التركي الذي يشهد في هذا الحين تكثيفا في جهود سائر الأحزاب

سعيا منها لتكوين تحالفات قوية واختيار لأفضل المرشحين. ويبدو أن اتفاقا قد تم بين حزب «العدالة والتنمية» وحزب «الحركة القومية» على تشكيل تحالف بينهما في سائر الدوائر الانتخابية وتم تحديد المرشحين فيها باستثناء دائرة اسطنبول التي لم تحدد بعد ولم يجر الاتفاق عليها.‏

يعتبر رئيس البرلمان بينالي يلدرم (المقرب من أردوغان) أقوى مرشح في دائرة اسطنبول، لكن الرئيس التركي لم يعلن هذا الأمر حتى الآن بل أرجأه مرتين.‏

كما أنه تم الاتفاق بين حزب «الشعب الجمهوري» وحزب «الخير» بخوض الانتخابات المقبلة حيث عمدا إلى تسمية مرشح يقبلان به في كل من 21 مدينة بما فيها اسطنبول وأنقرة وأزمير. ومن المتوقع أن يعلنا عن هذا الأمر في غضون الأسابيع المقبلة أو في مطلع السنة الجديدة.‏

لأول مرة يتم إجراء استبيان للرأي حول الانتخابات المحلية المقبلة التي تم تحديد تاريخ 31 آذار موعدا لها، وبخاصة في ضوء تشكل تحالفات سياسية بين عدد من الأحزاب السياسية. ومن المفترض أن يصوت الناخبون للمرشحين الذين يعتقدون بأنهم يحققون لهم مصالحهم على أكمل وجه. ونجد بأن تلك الاستطلاعات تعطي مدلولا حول مدى الاستقطابات السياسية في المجتمع التركي.‏

إزاء هذا الواقع، فإن التحضيرات للانتخابات المحلية ستشهد ذات التوتر السياسي الذي حصل إبان الاستفتاء على الدستور في عام 2017 حيث سيعمل حزب «العدالة والتنمية» وحزب «الحركة القومية» إلى استقطاب أكبر قدر ممكن من المجتمع القومي المحافظ في الحين الذي سيسعى به تحالف «حزب الشعب الجمهوري» وحزب «الخير» إلى جذب الناخبين الذي يعتبرون معتدلين في يمين الوسط، ومن مرشحيهم غير المعلنين لدائرة اسطنبول وأنقرة كريم إمام أوغلو ومنصور يافس، ومن المتوقع أن يشكلا تحالفا، حيث يعتقدان بأن لديهما فرصة للتغلب في كل من اسطنبول وأنقرة على حزب «العدالة والتنمية» الذي تراجعت الأصوات المؤيدة له في الآونة الأخيرة.‏

أجرت الاحزاب السياسية التركية استطلاعات للرأي أكدت نتائجها على تدني كبير في تأييد حزب «العدالة والتنمية» ذلك لأن العامل الاقتصادي كان له الأثر البعيد في تراجع الدعم لهذا الحزب، حيث بينت تلك الاستبيانات على أنه لم ينل سوى نسبة 36% من الناخبين كما وأبدت اهتمام الأتراك بالناحية الاقتصادية أكثر من امور أخرى مثل الإرهاب.‏

إزاء هذا الواقع نجد أن الحكومة التركية تحاول جاهدة صرف أنظار الرأي العام عن الاقتصاد إلى قضايا أخرى تحسبا من وقوع اضطرابات جراء الخلل الاقتصادي. وقد أعطت تصريحات أردوغان مؤشرات حول الواقع التركي ومحاولاته لحرف أنظار شعبه عن الوضع الاقتصادي المتردي لذلك اتخذ عددا من الاجراءات أهمها أولا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب في الداخل والخارج حيث أعرب الرئيس التركي عن بدء الاستعدادات العسكرية في شرق سورية بهدف كسب الاصوات حيث لا شك بأن ذلك سيصب في مصلحة حزب «العدالة والتنمية» وحزب «الحركة القومية» وهو في ذلك يعلن عن استمرار الحرب ضد حزب العمال الكردستاني في تركيا دون أي تراخ، وقد أفصح وزير الداخلية سليمان سويلو مؤخرا عن وجود 700 مقاتل من حزب العمال الكردستاني في الجبال.‏

أما الثاني فيتعلق بموضوع الأمن والاستقرار التركي على الرغم من عدم وجود ما يدل على امكانية ظهور احتجاجات جماهيرية في هذا الحين كالتي جرت في منطقة جزي. لكن استباقا لذلك نجد الرئيس اردوغان ورئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهجيلي يدعوان حزب «الشعب الجمهوري» والأحزاب المعارضة الأخرى إلى تجنب أي محاولة لاستنهاض الجماهير مما يشعل فتيل الاحتجاجات في هذا البلد.‏

يخشى المسؤولون في تركيا انتشار المظاهرات على غرار مظاهرات «السترات الصفراء» في فرنسا خاصة في ضوء ارتفاع تكاليف المعيشة وتزايد البطالة. لكن ذلك متعذر الحدوث في الظروف الراهنة لتركيا لأن أحداث تموز عام 2016 أدت إلى تعذر حدوث أية احتجاجات حتى ولو كانت سلمية، كما وأن ظهور أي نوع من المظاهرات سيفضي إلى تشويه سمعة أحزاب المعارضة في المجتمع التركي.‏

ما زال أردوغان وبهجلي يكيلان التهم إلى زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار من حيث اشتراكه مع المقاتلين الأكراد. كما وأن الرئيس التركي قد أعلن في خطاب له بأنه سيتفوق على كيليتشدار أوغلو في أية انتخابات يخوضها. إزاء ما تقدم فمن المؤكد بأننا سنشهد مرحلة سياسية ساخنة في الربع الأول من العام المقبل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية