تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لماذا تراجع ترامب من سورية وقرر سحب قواته؟

global research
دراسات
الثلاثاء 25-12-2018
ترجمة - زينب درويش

القاعدة العسكرية التي تقول: إذا كنت تواجه الهزيمة وتريد أن تقلل من خسائرك ، فإن أقصر الطرق هو إعلان النصر والتراجع على الفور.

من المحتمل أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس على دراية بهذا القول ، لأن خبرته مقتصرة على صفقات الأعمال والوساطة في الممتلكات. لكن بعض مستشاريه يدركون ذلك بالتأكيد ، كما هي الحال على أرض الواقع في معارك القتال التي تنتشر فيها القوات الأمريكية ، خاصة في الشرق الأوسط المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز أعلنت أن جميع القوات الأمريكية في سورية - البالغ عددها حوالي 2000 جندي من القوات الخاصة - سيتم سحبها في غضون شهرين أو ثلاثة.‏

وذريعة ترامب في المقام الاول في اتخاذه هذه الخطوة هي الحرب ضد المجموعات الارهابية لكن الغموض يلف هذا القرار ، بالإضافة إلى عنصر المفاجأة. فقبل أسبوع واحد فقط ، أعلن المبعوث الأمريكي إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في سورية، بريت ماكغورك ، أن القوات الأمريكية ستبقى في البلاد لفترة بالاضافة ، لتحذير وزير الدفاع الامريكي جيمس ماتيس (الذي استقال مؤخرا) ، بشكل متكرر خلال الشهر الماضي من أي انسحاب أمريكي سابق لأوانه من سورية لان اطرافا أخرى ستملأ الفراغ.‏

وقد تم التأكيد على هذا من قبل السناتور الجمهوري لندب ليندسي غراهام ، الحليف الجمهوري لترامب وما الزعم القائل بأن القوات الأمريكية قد أزالت داعش والتي تحتفظ بقواعد ووجود عسكري في شمال شرق سورية الا زيف وكذب فتلك المجموعة تشكل تهديدًا للقوات الكردية (SDF) التي تدعمها الولايات المتحدة وتسلحها. وقبل يومين استعادت قرى فقدت في المواجهات السابقة بين الجانبين لذلك من الصعب قبول هذا التفسير.‏

ولقراءة صحيحة لسبب اتخاذ ترامب لهذا القرار بالانسحاب من سورية وإخلاء منطقة في الشرق الأوسط بشكل عام ، هناك عدد من النقاط يتحتم النظر اليها اولها تحذيرات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المتكررة خلال الفترة الماضية من مهاجمة قوات سوريا الديمقراطية ومحوها بالكامل في شمال شرق سورية ، على أساس أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني (PKK) الذي تراه تركيا كمنظمة إرهابية - ويهدد مواطنو تلك المنطقة وربما اتخذ ترامب هذا القرار بعد اتفاق مع أردوغان بهدف تجنب مواجهة عسكرية بين بلديهما وإحياء الشراكة الاستراتيجية السابقة بينهما وهذا منطقي لان بين الرئيسين اتصال دائم خلال الأيام القليلة الماضية ، وأشارت ساندرز إلى أن ترامب كان يفكر في طلب أردوغان بتسليم فتح الله غولن وهو مقيم في الولايات المتحدة ومتهم بكونه العقل المدبر للانقلاب الفاشل في تركيا. او احتمال اخر أن إدارة ترامب تستعد لإشعال حرب مع إيران ، وتقوم بسحب قواتها من سورية ولنفس السبب ستسحب الجنود الأمريكيين البالغ عددهم 5200 من العراق.‏

بالاضافة لعزم الولايات المتحدة لانسحاب محتمل لقواتها من وعلى خلفية كشف تقارير إخبارية أن خبراء عسكريين من السعودية والامارات وقطر زاروا نهر الفرات الشرقي في الأسابيع الأخيرة.حيث ذهب الوزير سعودي تامر الصبحان إلى هناك قبل عدة أشهر للتحضير لوصول قوات لهم وقواعد ايضا ويكون ذلك احتمالا رابعا عدا عن كشف تقارير في الأيام القليلة الماضية أنه يمكن نشر قوات سودانية هناك أيضًا وسيجري اذا حصل ذلك بالتنسيق والاتفاق مع الإدارة الأمريكية فتمنع حدوث الفراغ الذي ستحدثه امريكا بانسحابها وبالتالي تقوم بتمويل وتسليح قوات سوريا الديمقراطية مشكلة العدد الكبير من الأكراد - الذين خُصصوا وعملوا تحت الحماية الأمريكية وحاربوا تحت راية امريكا هي أنهم فشلوا في اقتباس مفيد من دروس التاريخ ومن تجاربهم السابقة ووضعوا كل بيضهم في السلة الأمريكية فتارة تحولوا الى انفصاليين عندما يكون لديهم دعم من الولايات المتحدة ، وتارة أخرى الى سوريين عندما يخذلهم الأمريكيون أو يهاجمهم الأتراك.‏

فلم نستغرب أن نسمع المتحدثة باللغة الكردية إلهام أحمد تصف القرار الأمريكي بالانسحاب من سورية طعنة في الظهر. كانت طعنة بخنجر مسموم ، لكنها لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة. المشاهد الساخنة تقترب باقتراب عام جديد وتقترب الأحداث من المطبات العنيفة والهزات وماعلينا فقط الا ان نحضر أنفسنا لقراءة مشهد جديد للشرق الأوسط بالتأكيد مشهد مختلف.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية