|
الافتتاحية وهو دور تتساوى فيه جميعها.. فما يصح مع السعودية ينطبق على تركيا، وما يجري مع قطر تتساوى فيه الأردن، ولا نعتقد أن البقية بما فيها تلك التي داورت تحت عناوين متلونة تختلف عنها في شيء، بدليل أن الجهد الذي كانت تقوده مصر على سبيل المثال أفضى في نهاية المطاف إلى أن يعلن كل من شارك فيه رفضه تلبية الدعوة الروسية، وهذا ليس أحجية ولا لغزاً، بل واقع ندرك منذ البداية أنه يجري وفق هذا النسق حين بدا متعارضاً مع أبجديات أي جهد موضوعي حين يحاور طرف ويتجاهل التواصل مع طرف آخر، وهذا كان يكفي لقراءة كفة الجهد المصري وفي أي اتجاه. ويضاف إلى هذا كله أن أحداً لا يستطيع أن يراهن على استقلالية ذلك الجهد، وهو لا يزال محكوماً بإرضاء السعودية، ولم يختلف كثيراً عن سابقيه في مداراة الموقف الأميركي ومحاباة الأدوار الأوروبية، التي اجتهدت في التنغيم مع الدول الداعمة للإرهابيين والممولة لهم، في تقاسم إضافي للأدوار والمهمات، رغم ما يساورها من هموم ومتاعب ناتجة عن ارتداد الإرهاب وخصوصاً ما شهدته فرنسا على وجه التحديد من عمل إرهابي مدان بالضرورة المبدئية التي تدين أي عمل إرهابي وفي أي مكان من العالم. وتأتي الإشادة الأميركية بالجهد المصري في التوقيت لتقدّم ما غاب من أدلة وقرائن، رغم مافيها من مواربة، لا تستقيم بأي حال مع ماسبقها من إعلان أميركي متواتر عن المضي قدماً في تدريب الإرهابيين تحت مسميات «المعارضة المعتدلة» رغم حالة التبعثر، وما اقتضته الضرورة من إعادة النفخ في الائتلاف التالف ليستعيد أنفاسه من بوابة مجلس اسطنبول وعبر وجه إخواني بتربية أردوغانية ودعم قطري واضح وصريح. ربما لا نضيف جديداً حين نتحدث عن الذرائع الواهية.. الأميركية والغربية عموماً، وهي تلتحف بلغة التصعيد التي تتشابك فيها الفبركات الإعلامية مع التسريبات الصحفية، مضافاً إليها كمٌّ لا ينتهي من التصريحات الوقحة لكثير من القادة السياسيين والعسكريين، لكنها في المعطيات على الأرض وفي السياسة تؤكد أن التدافع في العودة إلى دعم الإرهاب يمثل عنواناً يوحد الأميركيين مع الفرنسيين والأوروبيين ككل، ويجمع السعوديين مع القطريين، ولا تجد البقية مشكلة في التصفيق حين تقتضي المهمة الوظيفية ذلك. وتترافق حالة التصعيد على العموم بمواقف واعتبارات تعكسها وتترجمها تصرفات المرتزقة الذين يبتلعون لسانهم ويسحبون ما سبق أن تفوهوا به علناً بين ليلة وضحاها، ليقفوا على المقلب المعاكس، فيما تكون سياسات الأدوات الإقليمية قد مهدت الطريق بسيل من التصعيد المزدوج للتغطية على ما انكشف وبان من أدوار وظيفية ومهمات موكلة في رعاية الإرهاب، بما فيها اعتراف وزارة الخارجية التركية بأن «حياة بومدين» عبرت أراضيها لتلتحق بالإرهابيين في سورية. يبقى الأشد بؤساً ذلك الإعلان الأميركي الموارب على لسان مسؤوليه والتضارب بين سياسييه وعسكرييه، الذي يميط اللثام عما خفي وما قد يخفى لاحقاً، حيث القضية أبعد من مسألة تعطيل الجهد الروسي، وأخطر من رواية رفض مرتزقة وأجراء وعملاء للمشاركة، حين تسقط ورقة التوت الأخيرة عن نفاق غربي في مكافحة الإرهاب ولهاث أعرابي خلف الفتات الأميركي، ليصل حد البحث عن ذرائع واهية وسخيفة، ولا يمكن لعاقل أن يصدقها، خصوصاً حين يعود الغرب إلى استخدام دير شبيغل تحديداً لتسريب الخبر. في المحصلة تبدو لغة التصعيد الأميركي وما تردد من صداها لدى أدواته في المنطقة ومرتزقتهم من الإرهابيين عودة إلى ما قبل المربع الأول، لتفتح الباب أمام إسقاطات تتجاوز حد التهديد وربما كانت في اللغة المستخدمة عدواناً قائماً، وفي المصطلح حماقة وتهوراً، وفي الواقع العملي إشعال المنطقة بجبهاتها المؤجلة وانزلاقاً بالمشهد الدولي كله نحو الهاوية. |
|