تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


(فتنمة) الحرب

نوفوستي
ترجمة
الاربعاء 28/5/2008
ترجمة: د. إبراهيم زعير

في التاسع من نيسان تم الاستيلاء على العاصمة العراقية بغداد من قبل القوات العسكرية الأميركية المدعومة من قوات حلفائها البريطانيين وغيرهم.

التي كانت قد بدأت شن عدوانها على العراق في 20 آذار .2003 واتخذ الهجوم العسكري شكلاً سريعاً وكأنه تجسيد حي للتوصيات الواردة على صفحات الكتاب المدرسي للحرب الخاطفة, وفي 15 نيسان 2003 تم احتلال تكريت مسقط رأس صدام حسين, وبذلك اختتم الطور العسكري من العملية, بيد أن الحرب في العراق لم تنته مع انتهاء عملية (حرية العراق).‏

فقد بينت الأحداث اللاحقة أن الإطاحة بصدام حسين وتفكيك الجيش العراقي لم يكونا سوى فاتحة لصراع طويل ويومي بين مناهضي الاحتلال الأميركي والقوات المحتلة. وسرعان ما تبين, من وجهة النظر التكتيكية أن الولايات المتحدة تورطت في حرب أنصار طويلة أودت بحياة أكثر من 4000 جندي أميركي (حسب البيانات الرسمية) والآلاف من (موظفي الشركات العسكرية الخاصة) (أو ببساطة- المرتزقة). أما الخسائر بين المدنيين العراقيين فيتعذر إحصاؤها, ولكنها تقترب من 300 إلى 400 ألف مواطن (وهذا يشكل نحو 0,9 بالمئة من سكان العراق البالغ عددهم عام 2006 حوالي 26 مليون نسمة). ولا بد من إبراز تكاليف الحرب المالية, فوفق تقديرات ودراسات كبير الاقتصاديين في البنك العالمي جوزف ستيغليتس أن الحرب على العراق سوف تكلف الولايات المتحدة نحو ثلاثة تريليونات دولار, كما سيخسر سائر العالم من جرائها مبلغاً مكافئاً من المال. ولكن نفقات البعض تعني في الوقت نفسه أرباح البعض الآخر. وإذا كانت الولايات المتحدة تصرف النقود على تمويل الحرب في العراق, فإن شركاتها تجني أرباحاً من هذه المصروفات مثلما تجنيها نتيجة ارتفاع أسعار النفط. ورغم ذلك لا تلوح في الأفق بعد نهاية للوضع المأساوي في العراق, ولم يعد سراً الأهداف الفعلية لاحتلال هذا البلد, ولم تكن مقولة (إشاعة الديمقراطية) والبحث عن أسلحة الدمار الشامل سوى ذريعة للاحتلال, بينما الأهداف الحقيقية التي لم يعلن عنها, لم تكن إلا محاولة من قبل الولايات المتحدة للتسلل إلى المنطقة وفرض السيطرة السياسية والعسكرية عليها, وفي إطار هذه الأهداف تصح الفرضية بأن تكون سورية وإيران هدفين رئيسيين للعمليات الجارية في العراق, وفي جميع الأحوال استطاعت الولايات المتحدة الحصول على موطىء قدم من أجل استكمال أهدافها.‏

ويتمثل خيار آخر أكثر احتمالاً في (فتنمة الحرب) على غرار السياسة التي مارستها الولايات المتحدة حينها في فيتنام. فقد تحمل أميركا العبء الأساسي على عاتق القوات المسلحة العراقية الحديثة النشوء بغية تقليص خسائرها الذاتية وتفريغ قواتها للقيام بمهام أخرى. وقد انتهت هذه السياسة في فيتنام في السبعينيات من القرن الماضي بالسقوط السريع لنظام سايغون وانتصار جمهورية فيتنام الاشتراكية. أما في ظروف الحرب الأهلية الجارية عملياً في العراق التي يتحمل مسؤوليتها الاحتلال الأميركي نفسه, قد يفضي إلى تفشي الفوضى وتمزيق العراق وتقسيمه. والولايات المتحدة تدرك جيداً إمكانية مثل هذه النتيجة, إلا أن استنكار الرأي العام العالمي والأميركي المتزايد للحرب العراقية, قد يحمل الرئيس الأميركي الجديد على إجلاء القوات الأميركية من العراق.‏

2008/5/12‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية