تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نحو استراتيجية نسائية عربية...الأمية... الفقر... البطالة... التهميش الاجتماعي تتصدر المناقشات

مجتمع
الاربعاء 28/5/2008
ميساء الجردي - براء الأحمد

- انطلاقة من خصوصية الأوضاع إلى جوهر القضايا!

يبدو أن واقع المرأة العربية متشابه في الكثير من جوانبه وقضاياه‏

إضافة إلى أن ما يحدث في بلد عربي من مشكلات يهم جميع البلدان العربية الأخرى والاتحادات النسائية الموجودة فيها, وهذه الحتميات أوجدت ضرورة الانطلاق بمشروع استراتيجية الاتحاد النسائي العربي العام.‏

ما أهداف هذه الاستراتيجية, ما الإطار العام الذي سارت عليه, وما المرجعيات التي استندت إليها في تحديد المشكلات والحلول? كل ذلك تمت مناقشته ضمن ورشة عمل أقيمت في دمشق لوضع استراتيجية نسائية عربية من قبل النساء العربيات العضوات في الاتحاد النسائي العربي العام وممثلات الاتحادات والروابط والجمعيات النسائية في سورية.‏

مطالب جوهرية‏

باعتبار أن الإطار العام الذي انطلقت منه الاستراتيجية, هو مطلب جوهري وحيوي يهتم بالارتقاء بالمرأة العربية اقتصادياً واجتماعياً فإنه من الطبيعي أن يتم التأكيد على دور الاتحاد العربي في المحافظة على الهوية العربية والاعتزاز باللغة العربية وبالروابط القومية, ومواجهة مشاريع التقسيم الجغرافي والاجتماعي, وجعل المشاريع الوطنية والاجتماعية في أولوية المواجهة لتحديات العولمة المقولبة.‏

ومن الطبيعي أن يشمل هذا الاطار مواجهة لتحديات الفقراء والبطالة والتهميش الاقتصادي وتراجع الأوضاع المعيشية, وتحديات الجهل والأمية بجميع أشكالها المعرفية والتقنية, ومواجهة التحديات الصحية بجوانبها الوقائية والعلاجية وتعميق الوعي التخطيطي وادماج قضايا النوع الاجتماعي في السياسات التخطيطية, وهي أمور لا يخلو بلد أو مجتمع منها ولكن بنسب متباينة.‏

وهذا ما أشارت إليه السيدة رمزية عباس الأرياني رئيسة الاتحاد النسائي العربي العام فأكدت ضرورة تمكين المرأة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً, لتصبح في مكانة متميزة علمياً وعملياً تستطيع من خلالها مواجهة تلك التحديات كلها والسيدة الأرياني قد استعرضت الأحداث المؤلمة التي تعيشها المرأة في فلسطين والجولان والعراق لتؤكد أيضاً ومن خلال الاستراتيجية على دور الاتحاد في اظهار معاناة النساء العربيات والأسر تحت الاحتلال لمناشدة النساء العربيات والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والشعوب المحبة للسلام بأخذ دورها لوقف هذه المجازر.‏

نصف النساء مازلن أميات‏

السيدة سعاد بكور رئيسة الاتحاد النسائي السوري لفتت الانتباه إلى التحديات التي تعترض طريق المرأة بالرغم من الإنجازات التي حققتها حتى الآن ويكفي أن نقول إن نصف النساء العربيات مازلن أميات, وإن معدل وفيات الأمهات أعلى من معدلات العديد من الدول النامية, وإن نسبة مشاركة المرأة في العمل السياسي لاتزال أقل بكثير مما هو مطلوب, وأمور أخرى تستدعي وضع استراتيجية متكاملة لدعم المرأة العربية في كل مكان.‏

هذه الاستراتيجية العربية التي شارك في إعدادها ووضعها (11) دولة عربية وعدد من الخبراء والمستشارين والمختصين في شؤون المرأة حملت بين طياتها العديد من الأهداف العامة والأهداف الخاصة,وقد أوضحت السيدة هناء قدورة رئيسة مكتب العلاقات الخارجية في الاتحاد النسائي السوري بعض هذه الأهداف التي تتلخص بالارتقاء بالأوضاع القانونية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للمرأة, وبالتنسيق بين مختلف المؤسسات الاجتماعية (الرسمية والشعبية) ذات الصلة بقضايا المرأة للنهوض بواقعها وذلك على مستوى البلد الواحد وعلى المستوى العربي وبالتنسيق مع منظمات دولية تسعى إلى الهدف نفسه وهو توسيع آفاق عمل المرأة العربية بما يتوافق مع منطق العصر والتقدم... ومع القيم والمفاهيم الايجابية النابعة من الحضارة العربية الاسلامية بمضمونها الإنساني.‏

على ماذا تعتمد?‏

وفي سؤالنا لها عن المرجعيات التي استندت إليهاالاستراتيجية في وضع أهدافها: أجابت بأنه على المستوى الوطني تم اعتماد الدساتير الوطنية والقوانين والتشريعات الناظمة لحياة المجتمع, وعلى الاستراتيجية الوطنية المرتبطة بخطط وسياسات الدولة, ثم على الدراسات والبحوث العلمية والميدانية التي تعكس واقع المرأة مع منظومة القيم.‏

وعلى المستوى العربي تمت الاستفادة من الدراسات والبحوث والتقارير الخاصة بالمرأة العربية والتنمية البشرية والإنسانية, والاعتماد على توحيد المؤشرات الدالة على تمكين المرأة وتوحيد الرؤى حول واقع المرأة في المجتمع العربي بحسب الاحصائيات وأيضاً بوضع دراسة مقارنة بين الدساتير العربية والقوانين والتشريعات الخاصة بالمرأة وبالأسرة والعلاقات الاجتماعية.‏

أما دولياً فقد استفدنا من الطروحات التي يقدمها المجتمع الدولي في مجال مجابهة الظلم والحيف والمعاناة التي تواجهها النساء في العالم مثل قضايا النوع الاجتماعي, واستأنسنا بالتجارب الناجحة والمشاريع التي عالجت قضايا الفقر والتخلف والجهل والتمييز والعنف ضد النساء, وأيضاً استفدنا من الأهداف الألفية الثالثة التي وافقت عليها معظم دول العالم واعتمدتها كأهداف استراتيجية.‏

فرص عمل مأجورة‏

وباعتبار أن الهدف العام هو الارتقاء بواقع المرأة العربية فقد عملت المشاركات على وضع أهداف وخطوات للارتقاء بكل جانب على حدة.‏

ففي المجال الاقتصادي تم اقتراح مشاريع وتأمين فرص عمل مأجورة للمرأة لمعالجة قضية عمل المرأة دون أجر في نطاق الأسرة والمجتمع وخاصة المرأة الريفية, وتوسيع مجالات مشاركة قوة العمل النسائية في نشاطات اقتصادية منتجة ومتنوعة في القطاعين العام والخاص, تعميم قضية احتساب عمل المرأة داخل المنزل كعمل انتاجي وتنموي في الاحصاءات الوطنية, حق المرأة في العمل, حق أساسي وليس دوراً مكملاً لعملها الانجابي والأسري.‏

وهناك تركيز على المشاريع التي تؤمن التأهيل والتدريب للنساء في المناطق الأكثر حاجة, وعلى المواقف المؤيدة لاستلام النساء مواقع قيادية وإدارية في مجالات العمل والتوظيف.‏

دراسات قانونية لأوضاع المرأة‏

في المجال القانوني والتشريعي لابد من إعداد مزيد من الدراسات والبحوث العربية بالتعاون مع منظمات وهيئات عربية لدراسة الأوضاع القانونية والتشريعية الناظمة لحياة المرأة وعلاقاتها وحقوقها لرسم صورة متكاملة توضح هذا الواقع والاستئناس بتجارب الدول العربية في فهم وتفسير وتطبيق قانون الأحوال الشخصية, وتشكيل لجان قانونية مهمتها مراجعة الدساتير والقوانين والعمل على تقديم توصيات من شأنها تعديل بعض القوانين المتعلقة بالعمل, الضمان الاجتماعي و... الخ.‏

وفي هذا الجانب تم التركيز على قضايا الزواج المبكر للفتيات, وقضايا النوع الاجتماعي وتضمين المناهج التعليمية مبادئ حقوق الإنسان وما تضمنه الشريعة الإسلامية من قيم إنسانية.‏

توجه إلى الفتاة الشابة‏

في المجال الاجتماعي كان موضوع محو الأمية والتسرب من التعليم في المراحل الابتدائية من أولى الأهداف التي وضعت للعمل عليها ومطالبة الدول التي لا توجد لديها سياسة إلزامية التعليم باستصدار مثل هذا القانون, الأولوية الثانية كانت التوضيح العلمي والمنهجي والتوثيقي لما تعانيه المرأة من انتهاكات وعنف واستلاب حقوق تحت وطأة الاحتلال الأجنبي.‏

ثم كان التركيز على ضرورة التوجه والاهتمام بالفئات الشابة من الفتيات والاهتمام بالأمن الغذائي, وتعزيز قدرات المرأة في حماية البيئة, والاهتمام بالنساء من ذوات الاحتياجات الخاصة وتعزيز قيم الحوار وقبول الآخر لمجابهة التحديات والمواقف المتشددة.‏

وهنا تجدر الإشارة إلى الحيز الهام الذي أخذه الاعلام في هذه الاستراتيجية باعتباره أهم وسيلة في تحسين صورة المرأة العربية, وفي مواكبة انجازات الاتحاد العام ولجانه.‏

نداء لشد الأزر‏

التضامن مع التطورات الإيجابية في بعض البلدان العربية كان له لمسة خاصة في هذا الملتقى حيث وجهت النساء المشاركات نداء تضامنياً مع التعديلات الدستورية الجديدة في دولة الكويت الشقيقة التي أتاحت للمرأة الكويتية المشاركة في الانتخابات البرلمانية كمرشحة وناخبة.‏

وقد ناشدن بشكل خاص المرأة الكويتية الناخبة لتمارس حقها في الترشيح والتصويت وتساند أختها المرشحة.‏

ما ملامح الاستراتيجية‏

خلصت الاجتماعات إلى مشروع الاستراتيجية للاتحاد النسائي العربي العام للمرحلة القادمة والتي أخذت بعين الاعتبار الاحتياجات الأساسية للمرأة العربية في ظل التطورات الملحة التي حدثت مؤخراً وكان لها تأثير خاص بالمرأة.. وهذا المشروع صاغته الخبيرة الوطنية د.نجوى قصاب حسن, وتم الاتفاق على إقرارها في الاجتماع القادم للأمانة العامة للاتحاد النسائي العربي العام الذي سينعقد في تونس.‏

وقد أشارت المشاركات إلى التحديات التي يمر بها وطننا العربي وما يجري في الأراضي المحتلة والتي يستوجب مقاومة الاحتلال على أساس مشروع عربي تحرري نهضوي موحد يعتمد على استراتيجيات دفاعية لذلك.‏

وكان التأكيد على ضرورة الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والمرأة الفلسطينية ورفع الحصار عن غزة والإفراج عن المعتقلات الفلسطينيات في سجون الاحتلال والبالغ عددهن 130 معتقلة... ودعت إلى إقامة الدولة الفلسطينية وحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم والتأكيد على الأهداف الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.‏

وناشدت النساء العربيات جميع أطراف القوى اللبنانية إلى التلاحم الوطني وعبرن عن وقوفهن إلى جانب المرأة العراقية تحت الاحتلال الأميركي, وأيدت مطالبها المشروعة بخروج المحتل والتوقف عن انتهاك حقوقها الإنسانية والاجتماعية.‏

وتم الاقرار على توجيه برقية تأييد وتضامن إلى المرأة الفلسطينية وأخرى للمرأة في الجولان السوري المحتل وللمرأة العراقية.‏

وعليه توجهت النساء ببرقية شكر للرئيس بشار الأسد على الجهود المبذولة من أجل دعم قضايا المرأة السورية ومعتبرات أن الإنجازات التي تحققت على هذا الصعيد تشكل إنجازاً لكل النساء العربيات في الوطن العربي وللمرأة السورية بالأخص ماحقق عملية التقدم الاجتماعي, ودليل على ذلك وجود الكوادر النسوية في مواقع متقدمة لصنع القرار السياسي, وتعديل عدد من القوانين لمصلحة حقوق المرأة, ويأملن الاستمرار في ذلك والأخذ بتعديل جميع القوانين المتعلقة بأوضاعها ولمصلحة مشاركتها في عمليات التنمية والبناء تماشياً مع استراتيجيات التطوير والتحديث للمجتمع السوري الفتي ويؤكدن التزامهن بكل ما يتعلق بتطوير وتقدم المرأة العربية متخذات بعين الاعتبار المستجدات وتحديث الآليات لتحقيق ذلك.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية