تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المسرح العربي.. ما بعد خيال الظل .....

كتب
الاربعاء 28/5/2008
أنور محمد

هيثم يحيى الخواجة كاتب و ناقد مسرحي سوري مقيم في دولة الإمارات العربية;رفدَ الحياة المسرحية العربية بعددٍ من المسرحيات جاوزَت خمسةً و عشرين مسرحية منها: ما زال الرقص مستمراً,

أسلاك الجمر, هجرات الكواكبي,الظل و البديل. و بعدد من الدراسات: حركة المسرح في حمص, ملامح الدراما في التراث الشعبي العربي, إشكالية التأصيل في المسرح العربي, أسئلة الخطاب المسرحي.‏

في كتابه هذا يتحدَّث عن بعض ملامح خيال الظل في سورية فيرى أن أسرة( المخايل حبيب( اشتهرت بتقديمه, حيث إنَّ شيخ المخايلين الدمشقيين أبو شاكر يرى: أنَّ هذا الفن متوارث منذ أيام الخليفة عمر بن الخطاب, و ربَّما كان شكلاً من أشكال الخيال يطلُّ علينا من أعمال التاريخ. و في مدينة حلب استطاع المخايل أن يجلب الناس إليه و يؤثِّر فيهم, و في مدينة حمص كان لخيال الظل أثره الكبير في تحريك المشاعر و التأثير على الناس, و كان الآباء يورِّثون الأبناء هذا الفن, و قد وجد سعيد الجزائري خيمة في باريس يعرض فيها خيال الظل.‏

أمَّا في مصر فإنَّ (سليم باشا) والي مصر الذي كان قد أعجب به قام بحظره عام 1451 ,كذلك لَّما أحسَّ نابليون بخطورته و تأثيره في الأوساط الشعبية قام بمنعه هو الآخر. و يرى محيي الدين بن عربي المتوفي عام 638 ه أنَّ الإنسان يأخذ من خيال الظل حاجته فيقول: و من أراد أن يعرف ماأومأنا إليه, فلينظر في خيال الستارة و صوره, فالصغار يفرحون و يطربون, و الغافلون يتَّخذونه لهواً, و العُبَّاد و العلماء يعتبرون. ثمَّ يضيف هيثم يحيى الخواجة: إنَّ خيال الظل كما حوى المواعظ و الدعوة إلى القيم; فإنَّه مال أحياناً إلى الفحش و الانحطاط, مما حدا بالسلطان المملوكي الظاهر(جقمق( أن يأمر بإبطاله, و يحرق شخوصه عام 855 ه.‏

ثمَّ يذهب (هيثم يحيى الخواجة) إلى فنِّ المونودراما / فن الممثل الوحيد, فن التعبير و التفكير بصوتٍ عالٍ و يرى مع غيره من الباحثين; أنَّ أوَّل من كتب (مونودراما) مكتملة الشروط الفنية هو الفيلسوف و المفكر الفرنسي(جان جاك روسو) و كان ذلك عام 1760 م و كان عنوان المسرحية (بجماليون). أمَّا عن بداياتها فترتبط بالمسرحيات اليونانية التي ركَّز فيها الكاتب المسرحي على الحديث الفردي, و كان الكَوْرس صدى هذا الحديث و ردَّة فعله السلبية أو الايجابية. أما عربياً فإنَّ كُتَّاب مسرح المونودراما فقد بدأوا يظهرون منذ عام 1980 و تصدى له كُتَّاب وممثِّلون و مخرجون من مثل: ممدوح عدوان, رياض عصمت, محمد قارصلي, ندى حمصي, زيناتي قدسية, رفيق علي أحمد, مجد القصص, عزيز خيون, حبيب غلوم, قاسم محمد, جواد الأسدي, عبد الكريم برشيد, نور الشريف , كرم مطاوع, عمر غباش, وليد إخلاصي, محمد بري العواني, جمعة الرويعي,وهيثم الخوجة.. وآخرون. ولقد تعرَّضت المونودراما إلى كثيرٍ من النقد و الهجوم عليها بدعاوى كثيرة و متعدِّدة.‏

أمَّا عن المسرح الشعري فيرى هيثم الخواجة أنَّ غالب الذين تصدُّوا له كانوا يعتمدون على القصيدة الكلاسيكية و لم يصلوا إلى المستوى المطلوب, كون الشعر التقليدي محكوماً بالبحر و القافية, وهذا يُربك تسلسل الأفكار و يقف ضدَّ شلاَّل الإبداع, وكون الشعر أقرب إلى الغنائية و هذا يُضعف الدراما الشعرية التي تميل أحياناً إلى الفكرة و التكثيف.‏

و أهم من كتب المسرحية هذه: أحمد شوقي, و عدنان مردم بك, و علي أحمد باكثير, ثمَّ تطوَّرت من بعدهم على يد: صلاح عبد الصبور, و رضا صافي, و عبد الرزاق عبد الواحد, و أحمد سويلم, و محيي الدين الدرويش, و عبد الرحمن الشرقاوي, و سليمان عيسى, و معين بسيسو, و نجيب سرور, و عزيز أباظة, و محمد جميل شلق, و علي كنعان, و عز الدين إسماعيل, و غازي طليمات. مع ذلك فإنَّ الناقد والكاتب المسرحي هيثم الخواجة و خوفاً منه على مستقبل المسرحية الشعرية يتفاءل بالمستقبل, لأن المبدعين في أمتنا قادرين على إحياء أيِّ جنسٍ أدبي أو فني.‏

ثمَّ يختم كتابه ببحثٍ عن مسرح سعد الله ونوس الذي يتساءل في نهايته: ماذا سنقدم لهذا المبدع الذي عمَّق صداقته بالمسرح و ظلَّ متفائلاً في عودة المسرح إلى ألقه و مكانته?.. و ماذا سنقدِّم للذي اعتبر أنَّ التخلِّي عن الكتابة للمسرح هو مجرَّد خيانةٍ لا تحتملها روحه و هو على تخوم العمر. بل ماذا سنقدِّم لسعد الله ونوس الذي قاوم السرطان بالمسرح فخاض صراعاً درامياً ملفتا للنظر??.‏

صادر عن دائرة الثقافة و الإعلام حكومة الشارقة‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية