|
الدوحة أكد على وقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والانسحاب الفوري منه ورفع الحصار الجائر عنه وفتح جميع المعابر وتعليق المبادرة العربية للسلام وقطع العلاقات مع اسرائيل ووقف كل أشكال التطبيع معها والعمل على محاكمة قادتها وجنرالاتها كمجرمي حرب وتأسيس صندوق عربي لدعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة واعادة اعمار القطاع.
وأسست قمة غزة الطارئة لمرحلة جديدة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي والمنطقة حيث وضعت كلمات قادة الدول المشاركة النقاط على الحروف وحددت موقفاً عربياً واضحاً من العدوان يعيد للقضية الفلسطينية مركزيتها كقضية قومية أولى تتقدم على ما سواها. وألقى السيد الرئيس بشار الأسد كلمة قال فيها: ان مسؤولياتنا كقادة عرب جسيمة في تقديم اجابة جادة وحاسمة على التساؤلات الحائرة في ذهن كل مواطن عربي مؤكداً على انقاذ الشعب الفلسطيني من براثن الوحشية المتجبرة. وأكد الرئيس الأسد أن العدو الاسرائيلي الذي بنى وجوده على المجازر وكرس استمراره على الاغتصاب والتدمير ورسم مستقبله على الابادة الجماعية هو عدو لا يتحدث سوى لغة الدم وبالتالي هو لا يفهم سوى لغة الدم والقوة. وقال سيادته: كنا نتحدث في قمم سابقة عن مخططات وضعت أما اليوم فنتحدث عن مخططات تطبق.. مشيراً إلى أن مصير غزة هو ليس مصير أهلها فقط بل هو مصيرنا جميعاً وأن معركتها هي معركة كل مواطن عربي. وأكد السيد الرئيس بشار الأسد أن هدف القمة الوقوف الى جانب غزة وليس البحث عن تسويات على حسابها لإرضاء إسرائيل أو من يقف معها، مشيراً الى أن من يحدد المعايير هم أهلها ومقاوموها فهم أصحاب القرار ومؤكداً على أن دورنا كعرب هو أن نقف معهم من دون تردد في كل ما يدعم صمودهم ويخفف معاناتهم ويؤدي الى الحل الذي يضمن أمنهم وكرامتهم. وقال الرئيس الأسد: بالنسبة للمبادرة العربية فإنا نعتبرها بحكم الميتة أصلاً لأن ظروف إقرارها وما تلاها من أحداث دللت على أنه كلما أمعنا في تقديم البراهين على رغبتنا الجادة في السلام وكلما قدمنا المزيد من التنازلات أمعنت اسرائيل في غطرستها وتجاهلها لحقوقنا المشروعة وأكد الرئيس الأسد على وجوب اتخاذ الاجراءات القانونية لمحاسبة اسرائيل وقادتها مشيراً الى أن الاسرائيليين ليسوا عنصريين فقط بل هم الشكل الأخطر من النازية في العصر الحديث. وقال السيد الرئيس في كلمته: ان الفرق بين المقاومة والارهاب هو أن الأول عربي والثاني اسرائيلي، الأول يريد السلام والثاني يريد الحرب.. والأول أجبر على القتال دفاعاً عن حقوقه والثاني بني على القتل والاعتداء على الآخرين، مؤكداً أن المقاومة أصبحت عنصراً أساسياً من عناصر السلام ومنوهاً بأن السلام دون مقاومة مع عدو غاشم مجرم سوف يؤدي حتماً الى الاستسلام. وأكد الرئيس الأسد أن لا تهاون ولا تساهل ولا تنازل ولا تخاذل.. فسلام الأقوياء لا يعطى للضعفاء.. وسلام الشجعان لا يمنح للجبناء.. والسلام الذي لا يعطى ينتزع.. والحق الذي يغتصب يحرر.. وهذا يعني أن الزمن الذي راهنوا عليه خذلهم كما خذلتهم آلتهم العسكرية الضخمة في لبنان وكما تخذلهم اليوم في غزة. أمير دولة قطر سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي افتتح القمة توجه بالشكر للدول المشاركة التي لبت الدعوة الى القمة من أجل غزة الصامدة في وجه آلة الحرب وجبروت الاحتلال وقال ان حضوركم اليوم يؤكد أنه لا تناقض بين تنادينا هذا وبين أي قمة أخرى وتمنى لو أن بقية الأخوة العرب كانوا حول طاولة القمة. وأضاف أمير قطر قائلاً: كان بودنا أيضاً لو حضر الرئيس الفلسطيني الأخ أبو مازن معنا اليوم ليناقش قضية شعبه في غزة لكنه آثر عدم الحضور، متسائلاً: ان كنا لم نجتمع لمثل هذه الغاية الملحة فمتى نلتقي ولأي أهداف؟ ان المهم الآن هو غزة ووقف العدوان والانسحاب ورفع الحصار وفتح المعابر مشيراً الى أنه يقدم كلمته التي ألقاها قبل يومين بما فيها من أفكار ومقترحات كورقة عمل تحت تصرف القمة. وألقى خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الوطنية الفلسطينية «حماس» كلمة أكد فيها أن هدف العدوان الإسرائيلي هو صناعة قواعد لعبة جديدة وفرض شروط للتسوية وشطب المقاومة لتصفية القضية الفلسطينية. وقال مشعل إن العدوان سيتحطم على صخرة صمود الشعب الفلسطيني وأكد في كلمته أنه بمقدور قادة الأمة أن يراهنوا على خيار المقاومة الشعبية وأن يراهنوا على شعب فلسطين ومن خلفه شعوب الأمة التي أثبتت أنها أمة عظيمة لا تنكسر أمام العدوان. السيد الرئيس يعود إلى دمشق هذا وقد عاد السيد الرئيس بشارالأسد والوفد المرافق له إلى دمشق مساء أمس بعد مشاركته في قمة غزة لنصرة الشعب الفلسطيني التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة. كلمــة الرئيس الأســـد
ألقى السيد الرئيس بشار الأسد كلمة خلال انعقاد قمة غزة الطارئة لنصرة الشعب الفلسطيني قال فيها: أيها الإخوة القادة العرب، السادة الرؤساء من الدول الإسلامية الصديقة، السادة رؤساء الوفود، أيها السيدات والسادة، بصعوبة اجتمع عقد هذه القمة، فالتحية لكل من أعطى المناسبة قدراً، والتحية لمن سعى وهيأ الظروف، وكل التحية من قبل ومن بعد لصمود الشعب في غزة ولكل المقاومين ضد الاحتلال. وأضاف الرئيس الأسد: قمتنا هذه، على صعوبة عقدها، وكان الأمل ألا يتخلف عنها أحد، تأتي لتعبّر لشعوبنا وللعالم أننا مع أنفسنا لا مع أعدائنا، مع شعوبنا وضد الاحتلال، مع الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ، وقبل كل ذلك مع الأبطال المقاومين في كل مكان. وتابع الرئيس الأسد: وفي هذه اللحظات العصيبة ، تبدو مسؤوليتنا، كقادة عرب جسيمة في تقديم إجابة جادّة وحاسمة على التساؤلات الحائرة في ذهن كل مواطن عربي، وهي كيف ننقذ شعبنا الفلسطيني من براثن هذه الوحشية المتجبرة، كيف يمكن لنا كأمة عربية، أن نقدم الرد المناسب على جرائم الاحتلال، ونحن نرى جثث الأطفال وأشلاءهم تتناثر في كل مكان ونلمح في عيون من بقي منهم حياً، ملامح الذعر التي تختلط بالرجاء في أن تمتد إليهم يد جسورة تنقذهم من مصيرهم المحتوم بعد أن افتقدوا الأمان في غزة المنكوبة الباسلة. وقال الرئيس الأسد: كيف يمكن أن نفعل كل ذلك في وقت لم نتمكن من عقد قمتنا قبل مرور أكثر من عشرين يوماً على المجزرة لاعتبارات ليست خافية على أحد. هل من الممكن أن نعزل مشاعرنا عن مشاعر الملايين الذين يؤرقهم الألم لمعاناة إخوانهم، والذين يحدوهم الأمل في أن نقوم بواجب التضامن الفعلي لنصرة أشقائهم في غزة، وهل يمكن أن نكون على صواب عندما تكون قراءاتنا وتقديراتنا في وادٍ ومشاعر شعوبنا في وادٍ آخر؟ وأضاف الرئيس الأسد: ولكن وفي كل الأحوال، أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً، وهذا ينطبق على قمتنا هذه، فبالرغم من الغضب الشعبي لتأخر انعقادها، وبالرغم من الآمال الواقعية وغير المُبالَغ بها التي يضعها الشعب العربي للقمم العربية والتي تتناسب مع واقعنا العربي الرسمي الذي لا يخفى على أحد والذي يناقض إلى حد كبير الحالة الشعبية الموحَّدة في تجاوبها مع التحديات المختلفة التي واجهتنا في السنوات الماضية، فإن انعقاد هذه القمة الطارئة بقي مطلباً شعبياً ملحاً من قِبَل الغالبية العظمى من المواطنين على امتداد الساحة العربية التي نراها اليوم في أوج تفاعلها وغضبها تجاه قبح إسرائيل جنباً إلى جنب مع الساحات الإسلامية والدولية. وتابع الرئيس الأسد: وإذا كان من البديهي ومن الواجب أن نحمل المشاعر نفسها، فالحري بنا كمسؤولين أن نكون في المقدمة، وذلك من خلال تحويل هذه المشاعر إلى عمل، واتخاذ قرارات تنتج أفعالاً. وأضاف الرئيس الأسد: لقد كنا في قمم سابقة نتحدث عن مخططات وُضعت، أما اليوم فنتحدث عن مخططات تُطبق، كنا نحذر من الاقتراب من دائرة الخطر، أما اليوم فالمحرقة لم تبدأ فحسب، بل هي في طريقها للانتقال إلى المراحل التالية، التي ستشملنا جميعاً كعرب إن لم نخمدها الآن، والرسائل التي تَرِدُنا من الجماهير العربية عبر ردة فعل غير مسبوقة تحتم علينا الاستجابة لها بجدية مطلقة، فهي تختلف عن سابقاتها من الرسائل، من خلال قراءة عنوانها الذي يقول لنا: سيروا معنا لا تسايرونا، ومن خلال فهم مضمونها الذي يعلن أن مصير غزة هو ليس مصير أهلها فقط، بل هو مصيرنا جميعاً، وأن معركتها هي معركة كل مواطن عربي. واوضح الرئيس الأسد:من هنا يأتي مضمون مؤتمرنا اليوم الذي يهدف للوقوف إلى جانب غزة، وليس للبحث عن تسويات على حسابها بهدف إرضاء إسرائيل أو مَن يقف معها. ومن يحدد المعايير التي تميز بين الأولى والثانية هم أهلها ومقاوموها، فهم أصحاب القرار ودورنا هو أن نقف معهم دون تردد في كل ما يدعم صمودهم ويخفف معاناتهم ويؤدي للحل الذي يضمن أمنهم وكرامتهم. وإذا كان المنطلق لما سنقرره اليوم مبنياً على وقوفنا إلى جانب أهلنا في غزة في وجه المحرقة النازية الإسرائيلية الجديدة بالإضافة إلى قناعتنا بعدالة القضية الفلسطينية وبالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فإن هذا لا يكتمل من دون فهمنا لجوهر المشكلة التي لا تكمن فقط في الاحتلال بحد ذاته، بل بنوعية وطبيعة العدو الذي نواجهه بناء على عقود من التجارب المختلفة معه التي تراوحت بين الحروب ومحاولات السلام الفاشلة. فهذا العدو الذي بنى وجوده على المجازر، وكرّس استمراره على الاغتصاب والتدمير ورسم مستقبله على الإبادة الجماعية، هو عدو لا يتحدث سوى لغة الدم، وبالتالي فهو لا يفهم سوى لغة الدم. والدماء العربية التي سالت منذ قيام إسرائيل كانت بالنسبة لأربابها هي الوقود الضروري لآلتهم في مراحل قيام الدولة اليهودية الصافية التي لا يمكن أن تصبح قريبة المنال إلا إذا اكتملت عملية تهجير غير اليهود خارج فلسطين أو إبادة من يتبقى منهم فيها، وبالتالي فإن ما يحصل في غزة ليس مجرد رد على صواريخ، ولو لم توجد الصواريخ لأوجدوها وأطلقوها لكي يجدوا المبرر، وإنما هو حلقة في سلسلة طويلة تهدف للوصول إلى فلسطين التي تخيلوها أو ادعوها أرضاً بدون شعب بعد أن تقوم دول أخرى بتوطينهم أو بإيجاد وطن بديل لهم.. لذلك فإن لم نقرأ الاسباب جيداً فلا يمكن أن ننتج سوى حلولٍ ناقصة ومؤقتة، أي سريعة الانهيار. وأضاف الرئيس الأسد: لذلك كانت عملية السلام بالنسبة لنا مجرد محاولات لم تتطور لتصل إلى عملية سلام حقيقية، لأن الإسرائيليين يعانون من رهاب حقيقي تجاه السلام ولأنه لا يمكن لصنّاع الجريمة أن يَبرعوا في صناعة السلام، كما أنه ليس من عادة السارق أن يعيد ما سرقه طوعاً، أي إنهم لا يعيدون الحقوق إلا إذا أُجبروا على ذلك، وهذا هو جوهر المقاومة الذي فهمه المقاومون جيداً، فأصبحت مقاومتهم هي الطريق إلى السلام الذي يأتي من خلال عودة الحقوق التي نستعيدها من عدو لا يفهم سوى لغة القوة. وتابع الرئيس الأسد: هنا يكمن الفرق بين المقاومة والإرهاب، الأول عربي والثاني إسرائيلي. الأول يريد السلام والثاني يريد الحرب. الأول أُجبر على القتال دفاعاً عن حقوقه والثاني بُني على القتل والاعتداء على الآخرين, هنا تحديداً يأتي الجواب واضحاً على التساؤلات حول كيف يمكن لمن يريد أن يحقق السلام أن يدعم المقاومة؟ وكان المقصود بهذا السؤال سورية تحديداً، لن نجيب فقط بأن نقول إن المقاومة أصبحت عنصراً أساسياً من عناصر السلام، بل نردّ بجواب معاكس: كيف يمكن لمن يريد تحقيق السلام ألا يدعم المقاومة؟! وهنا يكمن الفرق بين السلام والاستسلام، فالسلام بدون مقاومة مع عدو غاشم ومجرم سوف يؤدي حتماً إلى الاستسلام. وقال الرئيس الأسد: هذه الصورة السريعة لبعض العناوين التي تحكم الصراع العربي الإسرائيلي، هي التي تحدد اتجاهات الحلول الممكنة للقضية الكبرى أو لتفرعاتها ونتائجها، وما يحصل في غزة اليوم هو واحد من تفرعاتها ومن نتائجها، والتعامل مع النتيجة يفترض التعامل مع السبب من أجل ضمان النجاح. إذ لا يخفى على أحد أن إسرائيل أرادت لعدوانها على غزة أن يكون نقطة فاصلة في تاريخ صراعها مع العرب، وكأنها أرادت، عبر محاولاتها كسر إرادة الفلسطينيين، أن تخلق واقعاً جديداً، وتاريخاً جديداً تؤرخ معه للأحداث بـ: قبل غزة وبعدها، أرادت أن تحقق «إنجازاً» يغير معادلات الصراع الجديدة مع العرب والفلسطينيين التي أوجدتها المقاومة، خاصة بعد أن حققت المقاومة الوطنية انتصارها في لبنان، وبعد أن اشتد ساعد المقاومة في فلسطين، وبعد أن بدأت تنتشر ثقافة المقاومة في وجدان المواطن العربي. وتابع الرئيس الأسد: إن ما يبدو جلياً وواضحاً أن إسرائيل لم تتعلم من دروس التاريخ. وهذا بديهي لأن من لا يملك الأرض لا يملك التاريخ. ومن ليس له تاريخ فليس له ذاكرة، وهي التي بنت الكثير من خططها ومخططاتها على أساس أن الزمن والإعلام المتصهين ومن معه والإحباطات المتكررة كفيلة بتغيير نظرة الأجيال العربية القادمة تجاه إسرائيل، وبالتالي خضوعهم لأهدافها وتقبّلهم لأساليبها، وما يعنيه ذلك من تنازل عن الأرض والسيادة والكرامة، والتحوّل، من ثم، إلى عبيد يعملون في خدمة مصالحها وتنفيذاً لرغباتها عن رضى وقناعة. ولكن، هل سارت الأمور بهذا المنحى؟ بنظرة سريعة لسياق الأحداث منذ اغتصاب فلسطين نلاحظ نهضة تدريجية ووعياً متنامياً لدى الشعب العربي تجاه قضاياه، وتصميماً أشد لدى الأجيال الشابة على عدم الوقوع في أخطاء البعض ممن سبقهم، فلا تهاون ولا تساهل، لا تنازل ولا تخاذل. فسلام الأقوياء لا يعطى للضعفاء، وسلام الشجعان لا يمنح للجبناء، والسلام الذي لا يُعطى يُنتزع، والحق الذي يُغتصب يحرر. وهذا يعني أن الزمن الذي راهنوا عليه خذلهم كما خذلتهم آلتهم العسكرية الضخمة في لبنان، وكما تخذلهم اليوم في غزة، بغض النظر عن حجم التدمير وبغض النظر عن مقدار الإجرام، فهذا ليس بطولة، فما نقصده هو الإرادة، هذه الإرادة هي التي حوّلت فكرة التوسع الإسرائيلي الذي يمتد حتى أبعد حذاء لجندي إسرائيلي على الأرض إلى انكماش، بدأ في لبنان وتَبِعه في غزة ولاحقاً سيكون في الضفة والجولان، وهي، أي الإرادة، هي التي عكست فكرة الهجرة عند الفلسطينيين إلى تجذر وثبات في الأرض. وقال الرئيس الأسد: ولذلك لم يبقَ خيار أمام الإسرائيليين سوى الخضوع للسلام الذي يجب الخضوع لمتطلباته والذي لا يمكن أن يتحقق طالما بقي عنوان التفاخر في إسرائيل هو من يلطخ يديه أكثر بدماء العرب، وهذا الخيار لا نراه الآن ولن نراه في الغد حتى نغيره بإرادتنا في غياب إرادتهم.. وهذا السلام الكبير يبدأ اليوم من غزة الصغيرة بمساحتها، الكبيرة بمقاومتها، العظيمة بصمودها، هذا السلام يبدأ بوقف العدوان الذي يؤسس لوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الغازية ورفع الحصار الظالم الذي يعتبر بمثابة حرب غير عسكرية، يؤدي للموت البطيء للفلسطينيين. ومن يتعرض للموت لا يُلام على أي شيء. وبالرغم من كل ذلك، فقد التزمت المقاومة بالهدنة واستمرت إسرائيل بعمليات الاغتيال العلنية التي أدت لاستشهاد نحو أربعين فلسطينياً خلال الأشهر القليلة التي سبقت العدوان. وبالتالي، فإن ما تروّجه إسرائيل ومن يقف في صفها حول مسؤولية الطرف الفلسطيني عما يحصل هو كذب صريح طالما مارسوه وبرعوا به. واضاف الرئيس الأسد: وفي الوقت الراهن هناك عدد من المبادرات التي تقوم بها أكثر من دولة والتي لم تكتمل بعد بسبب رفض إسرائيل لوقف إطلاق النار. والتبرير المعلَن هو وقف تهريب السلاح. وفي تقديري أن أي إنسان يعرف تماماً بأن منع تهريب السلاح، أو منع التهريب بشكل عام، هو من مهام الدول فهل هناك دولة فلسطينية موجودة؟ وهل تعترف إسرائيل بها؟ وما حدودها؟ أما من جهتنا كدول عربية فبالتوازي مع المبادرات وبالإضافة للدعم اللفظي يجب علينا القيام بعدد من الخطوات العملية وفي مقدمتها إغلاق السفارات الإسرائيلية فوراً وقطع أي علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل بالإضافة لتفعيل أحكام المقاطعة. وفي هذا الإطار، فقد قررت سورية وأعلنت بعد بدء العدوان مباشرة إيقاف مفاوضات السلام غير المباشرة بعد التشاور مع تركيا إلى أجل غير مسمى. أما بالنسبة للمبادرة العربية فإننا نعتبرها بحكم الميتة أصلاً، لأن ظروف إقرارها وما تلاها من أحداث، دللت على أنه كلما أمعنّا في تقديم البراهين على رغبتنا الجادة في السلام، وكلما قدمنا المزيد من التنازلات، أمعنت إسرائيل في غطرستها وتجاهلها لحقوقنا المشروعة. وقال الرئيس الأسد: والمبادرة العربية أساساً مبنية على السلام، والسلام لم يتحقق وبالتالي هي فعلياً في الواقع غير موجودة، وفي الواقع أيضاً أن شارون قتلها منذ اليوم الأول بعد إعلاننا لهذه المبادرة في القمة العربية في بيروت عام 2002، في اليوم التالي مباشرة قام شارون باجتياح جنين وقتل المئات من الفلسطينيين، وكان هذا الرد هو الرد المباشر وإعلان موت للمبادرة من الجانب الإسرائيلي ولكننا أصررنا على أنها حية وبقينا نرسل الوفود بعد كل قمة عربية وكنا دائماً نواجه بالمزيد من الإذلال تجاه مبادرتنا، لذلك إذا كنا نطالب بسحبها فهي مسحوبة من قبل إسرائيل، وإذا كنا نطالب بموتها فهي قتلت من قبل إسرائيل، ما بقي علينا كعرب هو أن ننقل سجل هذه المبادرة من سجل الأحياء إلى سجل الأموات. من جهة أخرى، يجب الوقوف إلى جانب أهل غزة والمقاومة فيها رسمياً وشعبياً، مادياً ومعنوياً، وبكل الوسائل من دون استثناء، والقيام بكل ما من شأنه دعم صمودهم في وجه العدوان خاصة فتح المعابر أمام الأفراد والمساعدات والإغاثة فوراً، كما ندعم فكرة الصندوق لإعادة إعمار غزة مع الدعوة لمؤتمر دولي لهذه الغاية. وأضاف الرئيس الأسد: كما يجب اتخاذ الإجراءات القانونية لمحاسبة إسرائيل على الرغم من عدم ثقتنا بعدالة الجهات الدولية المعنية، ولكن كي يسجل التاريخ أنهم ليسوا عنصريين فقط بل هم الشكل الأخطر من النازية في العصر الحديث. ولكن لنكن صريحين هذه الخطوات ستبقى ضعيفة مقارنة بما يجب علينا القيام به، فغزة ليست جريحة بالحرب فقط بل بالحصار أيضاً وفك هذا الحصار هو المفتاح لاستمرار الصمود وهو المفتاح لحماية الأطفال من الموت وهو المفتاح لكي تنجح هذه المقترحات بحدها الأقصى وليس بحدها الأدنى. سورية وقفت مع لبنان المقاوم وانتصرت والفضل للمقاومين أولاً وأخيراً ولا ندعيه لأنفسنا، لكن وقوف الشقيق إلى جانب شقيقه مؤثر إلى حد كبير فهو الذي يمده بأسباب المنعة والقوة، أما إبقاء الحصار فهو كمن يمنع الهواء والغذاء والدواء عن جريح يقاوم الموت ويمنع الآخرين من تقديم العون له، فهو حصار ظالم لن يغفره الله ولن تغفره الشعوب. وقال الرئيس الأسد: أيها الأخوة، نحن أمة سلام وأخلاقنا الوطنية والعربية والإنسانية بنيت على السلام، ولأننا كذلك حاولنا أن نتناسى أن هناك مذبحة دير ياسين وكفر قاسم وجنين وقانا الأولى والثانية وغيرها الكثير من المجازر الإسرائيلية بحق العرب، ولكن إسرائيل تصر على تذكيرنا بحقيقتها، وبما أننا أصحاب ذاكرة غنية، لأننا أهل التاريخ ومالكو الأرض فسنعدهم بأننا سنبقى نتذكر، والأهم من ذلك هو أننا سنحرص على أن يتذكر أبناؤنا أيضاً، سنخبئ لهم صور أطفال غزة وجروحهم المفتوحة ودماءهم النازفة فوق ألعابهم، وسنخبرهم عن الشهداء والثكالى والأرامل والمعوقين وسنعلمهم بأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وأن العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة. وسنشرح لهم أن من يفقد ذاكرة الماضي فسيفقد المستقبل، وسنعلّق على جدران غرفهم لوحة نكتب عليها شعاراً لكل طفل عربي قادم إلى الحياة يقول له: لا تنس، ليكبر الطفل ويقول لهم: لن أنسى ولن أغفر. وأضاف الرئيس الأسد: وأؤكد لهم أن ما يقومون به وما يرتكبونه من جرائم حرب لن ينتج لهم سوى أجيال عربية قادمة أشد عداء لإسرائيل، مناعتها تتطور وإرادتها تتصلب بوتيرة أسرع وبشدة أكثر فتكاً من تطور وقوة ترسانتهم العسكرية، وهذا يعني بمعادلة الواقعية أنه مع كل طفل عربي يُقتل يولد مقابله عشرات المقاومين، وهذا يعني أيضاً أنهم يحفرون بأيديهم قبوراً لأبنائهم وأحفادهم. فلديهم الخيار اليوم ليزرعوا ما يشاؤون للمستقبل خيراً أو شراً ولكن بعد ذلك، لن يكون لهم الخيار في تحديد نوع الحصاد، فلقد زرعوا الدماء ولن يحصدوا غيرها والنبتة عندما تنضج ستكون أكبر من البذرة التي أنبتتها بكثير. أتوجه بالتحية والشكر لأخي سمو الأمير حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر على ما بذله من جهود من أجل انعقاد القمة، وأتوجه بالشكر لكل من ساهم فيها من الرؤساء والمسؤولين العرب والمسلمين. والسلام عليكم. |
|