|
مراسلون ولعل ذلك يعود بنا إلى الإشكالية التي طرحها الدكتور محمد ناصر الفرجاني كبير مستشاري مشروع التنمية الاجتماعية والاقتصادية لشرق سورية وهذه الاشكالية تتعلق بالعنوان العريض للمشروع وأهدافه عندما قال ذات مرة إن اسم المشروع لايعبر عن هدفه ومحتواه لأن المشروع يقدم دراسات لوضع خطط انمائىة ولذلك كان من المفروض أن يكون اسمه برنامج وضع خطة انمائية متكاملة للتنمية لذلك كان هناك سوء فهم لعمل المشروع كما يقول السيد الفرجاني. فالبعض توقع مشاريع ستنفذ على أرض الواقع بينما الحقيقة في وثيقة أهداف هذا المشروع هي التخطيط لمشاريع وبأن البرنامج ركز على دراسة الوضع الراهن بالتعاون مع المصالح الحكومية على مستوى ثلاث محافظات هي الحسكة والرقة ودير الزور. وإذا أردنا أن نستذكر ماذا يراد من برنامج التنمية الاقتصادية لهذه المحافظات وكيف تم تحديد آلية التنمية والمشاريع التي يمكن أن تجسدها على أرض الواقع.. فالمشروع كما تم توصيفه هو مشروع تنموي يرمي إلى إدارة الموارد البشرية والطبيعية المتوفرة في المنطقة الشرقية بصورة أكثر فعالية بهدف جعل هذه المنطقة قطبا انمائيا ورفع مستوى دخل مواطنيها وتحسين ظروف العيش فيها. إضافة إلى التخفيف من آثار الفقر وتعزيز مبدأ المساواة وضمان مبدأ التنمية المنطقية المتوازنة على أن يتم تجسيد كل ذلك في إطار استراتيجية لتنمية المنطقة الشرقية يجري إعدادها كجزء من المشروع. وتم تحديد أهداف البرنامج بحيث يتم تنفيذ نشاطات مختلفة تضمن تحقيق التنمية المتوازنة والعادلة باعتماد استراتيجية التنمية المناطقية أو الإقليمية المستندة إلى المشاركة الفعلية والنشطة للمجتمع المحلي. ماذا حصل حتى الان?! كانت البداية من المرحلة التأسيسية أو ما أطلق عليها بالمرحلة التمهيدية والتي تشتمل على التعرف على المجتمع المحلي وجمع المعلومات الأولية من جميع المصادر المتاحة بما في ذلك المؤسسات المحلية القائمة ثم اختيار اللجان المحلية وحصر الامكانات والموارد المتاحة من أجل تحقيق الهدف التنموي المنشود. لكن يظل السؤال: ماذا عن مرحلة التنفيذ?! إن تنفيذ أي مشروع تنموي واضح المعالم والمؤشرات لابد أن يستند إلى جدول زمني يحدد الأعمال ومواعيد تنفيذها إضافة إلى تحديد الوسائل اللازمة لعملية التنفيذ وامكانية توفرها إلا أنه رغم الاجتماعات والمتابعات المستمرة وتوافر العديد من الأفكار والتصورات يمكن القول إننا ودعنا عام 2006 ولم يعلن عن أي عمل على أرض الواقع. ولا نعتقد ان الأمور تسير بالاتجاه الصحيح اذا ظلت ضمن دائرة التصورات والمقترحات وتبادل الآراء والأفكار, حتى المؤتمر الدولي للاستثمار الزراعي والصناعي الذي كثر الحديث عنه ربما لم يتجاوز بعد إقرار مكان انعقاده في الحسكة أو دير الزور أو الرقة? من هنا نقول إن لسان حال المواطن يقول: إن التنمية المنشودة ليست مجرد أفكار وتصورات وهي ليست خطة ميزانيات وإنفاق كما جرت العادة وإنما هي أهداف ونتائج لابد أن تتجسد على أرض الواقع من خلال التركيز على قضايا التعليم والصحة وتحسين مستوى معيشة سكان الريف كي يتمتع كل مواطن بعائدات وثمار العملية التنموية. ومن الطبيعي أن تكون هناك معوقات تعترض هذا المشروع التنموي الكبير وفي مقدمتها مدى القدرة على تجسيد الشعار المطروح وهو الانتقال من مفهوم أن الاستثمار المادي هو العنصر الأساسي للنمو إلى اعتبار أن العنصر البشري هو أساس العملية التنموية وبالتالي فإن مفهوم التنمية المحلية أو التنمية بالمشاركة يعني أن التنمية لا تقوم إلا من خلال مشاركة كافة مؤسسات المجتمع وأفراده مع الدولة لتحقيق التنمية بشموليتها واستدامتها وعدالتها أيضا. ولاشك أن ذلك بحاجة إلى بناء قاعدة من الوعي ومواجهة بعض المظاهر المعيقة وقتها اختلال التوزيع الاستثماري بين الريف والحضر واختلال التوازن البيئي وهجرة سكان الريف سعيا وراء فرص عمل وحياة اجتماعية أكثر جذبا. وبالعودة إلى بعض وقائع الاجتماعات التي عقدت لهذه الغاية نلاحظ أن من بين الاجراءات التي أقرت ما تم تسميته بالحلول الاسعافية وفي مقدمتها تطوير الخدمات والتنمية المحلية من خلال البدء بتحديد مواقع لتنفيذ المجمعات الإدارية والخدمية ومنح إعانات عاجلة من وزارة الإدارة المحلية والبيئة للمحافظات الثلاث لكن من يتابع باقي هذه الحلول والاجراءات لابد أن يلاحظ أنها لم تختلف عن السياق العام للقضايا المزمنة التي طالما ظلت لسنوات تطرح وتبحث عن معالجات جذرية ومنها على سبيل المثال ما يتعلق بالاحتياجات الضرورية للمؤسسات الصحية من كادر صحي ونفقات نقل ومحروقات وتجهيزات طبية وكذلك في مجال الري والنقل والمواصلات ومياه الشرب الى ما هنالك من المتطلبات والتوصيات التي تتكرر في كل الزيارات والاجتماعات والمناسبات. الأمر الذي يدفعنا للسؤال أين خصوصية طبيعة ومحتوى هذا المشروع الذي يتوقع أن ينفرد بأساليب نوعية في التعامل مع قضايا نوعية جديدة بحيث يطرح المشكلة وحلها في نفس الوقت كي لا تقوم قائمة جديدة للتوصيات والمقترحات دون أن تتحقق النتائج المنتظرة على أرض الواقع, ولعله من هنا تأتي أهمية التركيز على وضع أولويات في تنمية المنطقة الشرقية وبيان نقاط القوة ونقاط الضعف وتأمين الامكانات المادية اللازمة للبدء بالعمل أولا بأول كي لا تتراكم المقترحات والتصورات دون فائدة وكي لا يتهمنا أحد بأننا نقول كلاما عاما ونقع نحن أيضا في فخ التكرار والكلام الإنشائي يمكن أن نشير الى بعض الأمور التي تدلل وتؤكد ما نقوله, ففي بعض التفاصيل يمكن السؤال هنا عن علاقة ديون الكهرباء والمطالبة بإعفاء الديون من الفوائد والغرامات بمشروع التنمية, وأيضا ما علاقة تعويضات الكادر التعليمي والمطالبة بزيادة هذه التعويضات بمشروع التنمية وزيادة سيارات الاسعاف وتسديد الديون المترتبة على بعض المؤسسات العامة..طبيعي أن مثل هذه الأمور ضرورية لكن هل ستكون هي الجسر المتين للعبور الى التنمية المنشودة.?! خلاصة القول إن تحديد الأولويات وعلى مراحل يتيح الفرصة للتنفيذ أيضا وبالتالي تتسع دائرة التفاؤل أكثر عندما يلمس المواطن بأن النتائج الفعلية بدأت تتجسد على أرض الواقع, فهل يكون العام الجديد بداية لرسم ملامح الصورة المنشودة. "> younes@hasaka.net |
|