تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في مدارس الريف مشكلات لا تحتمل التأجيل

مجتمع
الاربعاء 10/1/2007
ميساء الجردي

مع كل حديث عن المستقبل نسمع ما يقال عن الاستثمار في الصغر وأن أغنى المجتمعات هي التي تصنع الإنسان

لكن أليس ذلك بحاجة للتذكير أن هذه الصناعة مرتبطة بجودة التعليم وصلاحه اذ إننا نأسف عندما نعلم أن أهم مكونات بناء هذا الجيل وهو التعليم يعاني من أزمات عديدة لا ينظر اليها بعين الاهتمام والحرص من قبل المعنيين والقائمين عليها.‏

الميدان هو الحكم‏

من خلال زيارة ميدانية لبعض مدارس ريف دمشق منها كفربطنة, وحمورية ,وسقبا , وعين ترما, واجهتنا العديد من المشكلات التي لها تأثير مباشر على عملية التعليم وكان أولها: معاناة طلاب الصف الخامس والسادس التي تتلخص بانفصال هؤلاء من الحلقة الأولى للتعليم الأساسي إلى الحلقة الثانية تحت اشراف معلمي الاختصاص وهذا الأمر جميل من حيث وضعه النظري ولكن على أرض الواقع هذه المدارس تفتقر لمعلمي الاختصاص ويستعاض عنهم بمعلمي الوكالة وأغلبهم طلاب جامعة سنة أولى أو ثانية أي غير متقنين للعمل التعليمي وغير قادرين على الالتزام بالدوام المطلوب وبالطبع ذلك سينعكس على هؤلاء الطلاب وتصبح حلقات التواصل مع العملية الدرسية غير مترابطة ما يخلق فجوة معرفية لديهم تظهر آثارها السلبية عندما ينتقلون للصف السابع والثامن.‏

وعن حل هذه المشكلات أكد بعض معلمي المدارس أنه يجب إعادة هؤلاء الطلاب إلى الحلقة التعليمية الأولى لمتابعة تأسيسهم من قبل معلمي الصف الذين لديهم خبرة تعليمية تفوق عشر وحتى عشرين سنة والواقع يدل أن الميدان هو الحكم وليست القرارات النظرية.‏

55 طالباً في كل صف‏

أما المشكلة الثانية والتي تبدو كأنها مشكلة عامة لمعظم المدارس الريفية فهي زيادة عدد الطلاب داخل الصف الواحد حتى إنه تجاوز في بعض هذه المدارس ال 55 طالبا والسبب لا يحتاج للكثير من الجهد لمعرفته حيث إن المدارس الموجودة لم تعد كافية لاستيعاب الطلاب المتزايدين كل عام وليس خافيا ماذا يعني هذا العدد الكبير داخل الصف الواحد الذي ينعكس كنتائج سلبية على العملية التعليمية ( ضجيج, قلة استيعاب, عدم قدرة المعلمة على السيطرة على تقديم الدروس بشكلها الصحيح ووجود أربعة طلاب في المقعد)..‏

وحل هذه المسألة كما أكد بعض المعنيين في المدارس بيد رؤساء البلديات الذين يترددون في استملاك أراض وتخصيصها لمصلحة بناء مدارس جديدة وذلك متعلق بمحسوبيات وقضايا شخصية تستدعي عدم ترك هؤلاء دون متابعة ومطالبة.‏

هدايا رمزية‏

من المطالب الهامة التي أشار إليها بعض المعلمين هو تخصيص مبلغ بسيط من ميزانية التعاون والتي يذهب معظمها للنشاط الرياضي لشراء هدايا رمزية للطلبة المتفوقين لرفع الروح التعليمية لديهم وتحفيزهم بأشياء رمزية غير مكلفة لا تؤثر على الميزانية ويمكن اعتبار هذه اللفتة جزءا من النشاط.‏

ومن المواضيع التي طرحها بعض الاهالي موضوع اختيار الطالب في الصف التاسع لمادة اللغة الفرنسية أو الانكليزية التي يريد التقدم بها في الامتحان النهائي ويقول هؤلاء لماذا لا يسأل الطالب عن تحديد اللغة التي يريدها منذ بداية العام الدراسي بدلا من تركها عبئا عليه خلال العام في حين يمكن أن يستغل هذا الوقت المخصص لها في التحضير لمادة أخرى.?‏

هناك من تحدث عن صعوبة منهاج اللغة الانكليزية الخاص بالصف الثالث حيث أكدت إحدى المدرسات أن المنهاج كله يعتمد على القواعد بكلمات يصعب حفظها بالنسبة لطالب في هذه المرحلة حتى لو كان من المتفوقين إضافة إلى عدد الطلاب الكبير داخل الصف. الأمر الذي يؤثر على درجة استيعاب الطفل لهذه المادة..‏

تثبيت الوكلاء إلى متى?‏

ومن المشكلات التي تؤرق عشرات المدرسين الوكلاء من خريجي الجامعات والمعاهد الذين قطعوا أشواطا في مهنة التعليم وتجاوزت خدماتهم التدريسية عشر سنوات هي مماطلة الوزارة في تعيينهم كمعلمين نظاميين وصدها لهم في أخذ هذا الحق وللأسف كلما تقدم عدد من هؤلاء بطلبات تثبيتهم أو شاركوا في مسابقة يقال لهم ( لماذا كل هذه الضجة? انكم تأخذون أجرا مقابل هذا العمل) فهل هذه المعادلة صحيحة وتتناسب مع قانون العمل وما يتعلق بقيمة الأجر ومسألة التأمينات والضمان مع العلم أن سعر الحصة الدرسية للمتخرج من الجامعة 60 ل.س وللمتخرج من المعهد 40 ل.س ويتنقل هذا المعلم أو المعلمة بين ثلاث مدارس أو أربع ليستكمل نصابه الأسبوعي من الحصص وذلك مقابل 800 ل.س في الأسبوع أي بمعدل 3200 ل.س في الشهر ومع ذلك هي لا تقبض بالشهر بل بنهاية السنة الدراسية ولسنا بحاجة للتفسير أكثر عن تناسب هذا الراتب مع الحالة المعيشية لهذه الأيام وأن عدم الاستقرار ثمن نقدمه لهذا المعلم بعد سنين طويلة من العطاء.‏

والحقيقة أن أصحاب هذه المشكلات يرفعون معاناتهم إلى وزارة التربية متمنين أن تجد لهم حلولا سريعة تتناسب مع توجهاتهم في بناء الجيل ونجاح العملية التعليمية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية