|
قراءة في الصحافة الإسرائيلية تسلم شارون السلطة في إسرائيل , واتسم هذا الجدل برفض رسمي إسرائيلي للاستجابة لهذه التلميحات , على قاعدة تقدير شارون خاصة في ظل المتغيرات الجديدة التي ألمت بالعالم والمنطقة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول والغزو الأمريكي للعراق ,إذ رأى شارون حينها : إن البيئة الاستراتيجية لإسرائيل قد تحسنت كثيرا بعد احتلال العراق, وإن وضع إدارة بوش سورية في إطار محور الشر, بعد أن ضعفت في ظل الوجود الأمريكي بجوارها, لذلك فان معاودة المفاوضات معها يعزز موقفها ويخالف السعي الأمريكي والغربي لعزلها وإجبارها على عدم دعم المنظمات الإرهابية ووقف تدخلها في الشؤون اللبنانية( مقابلة مع شارون , معاريف, 21/6/2004). وبرزت في الوقت نفسه أصوات رسمية وشعبية وأكاديمية وبعض أوساط ما يسمى باليسار الإسرائيلي وبعض كبار ضباط الجيش الذين تسلموا مهام كانت لها علاقة مباشرة بالمفوضات مع سورية في السابق تخطئ موقف شارون وحكومته وتدعو للدخول مباشرة إلى مفاوضات غير مشروطة مع سورية , أمثال ساغي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق وايتيمار رافينوفيتش رئيس البعثة الإسرائيلية في المفاوضات السابقة مع سورية ورؤوبين فدتسهور أحد كبار المهتمين بالشؤون الأمنية في إسرائيل الذين صبوا جام غضبهم على شارون وحكومته , معتبرين انه يقود الدولة إلى الهاوية وأن عدم استجابته للإشارات السورية لمعاودة المفاوضات تضر بالمصالح الإسرائيلية وتظهر إسرائيل وكأنها ترفض السلام, شارون يكرر خطأ موشيه ديان بخصوص مسألة طابا, عندما اختار طابا مقابل السلام, واضطر بعد ذلك للتنازل عنها, وباعتقادي أنه إذا ما تم تخيير شارون بين السلام بدون الجولان أو الجولان بدون السلام, لاختار الجولان دون السلام ساغي, في مقابلة مع صحيفة معاريف , 13/5/2004.تبنى أولمرت هذا الموقف حتى بعد أن غادر الليكود بمعية شارون وتشكيل حزب كاديما, وأكد على هذا الموقف أمام الكنيست بأن : الجولان جزء من إسرائيل وإن عدم النزول من الجولان يشكل ضرورة أمنية وجودية بالنسبة لإسرائيل( خطاب أولمرت أمام الكنيست 22/5/2006). نتائج الحرب العدوانية على لبنان ووصول السياسات الأمريكية في المنطقة إلى طريق مسدود, وما ورد في تقرير بيكر هاملتون من مقترحات وتوصيات وخاصة الدعوة إلى فتح حوار مع سورية وإيران وإشراكهما في مؤتمر إقليمي لحل الصراع العربي الإسرائيلي أثر بشكل مباشر على الجدل بشأن هذه المسألة وساهم إلى حد كبير في زيادة الأصوات المطالبة بالاستجابة للمبادرات السورية بهذا الخصوص.إلى جانب ما يواجهه أولمرت وائتلافه الحكومي من مصاعب كأداء على صعيد خصومه السياسيين في اليمين القومي والديني المتطرف والتناقضات التي بدأت تبرز بينه وبين وزير دفاعه وشريكه في الائتلاف الحكومي عمير بيرتس , وعلى ضوء تدني شعبيته ووصولها إلى الحضيض كما تشير إليه استطلاعات الرأي مؤخرا.ورغم ذلك كله, فقد خرج أولمرت عن مواقفه التقليدية بشأن المفاوضات مع سورية وقال للمرة الأولى أنه على استعداد للبدء في مفاوضات مع سورية, وأنا اعتقد أننا نستطيع التوصل إلى حوار مع السوريين, مع تقديرنا أن الرئيس السوري لن يتنازل أبدا عن هضبة الجولان(خطاب أولمرت في اجتماع حزب كاديما, يديعوت أحرنوت, 26/12/2006). وأشارت يديعوت أحرنوت, إلى أنه حتى الأسابيع الأخيرة, كان أولمرت ينفي بشدة إمكانية إجراء مفاوضات مع سورية,: إلا أنه مؤخراً غير من لهجته وقال, إن كاديما تطمع في قيادة وتحريك العملية السلمية, وإننا سنحافظ على أفق سياسي حتى في قضية سورية وأتمنى أن نصل معهم إلى حوار, وأنا على استعداد للبدء في المفاوضات في حال وقف سورية دعمها للإرهاب, ووقف علاقاتها بإيران ( يديعوت أحرنوت, 26/12/2006). هذا التغيير الشكلي في الموقف زاد من سخونة السجال حول المبادرات السورية , ففي الوقت الذي اعتبر رئيس قسم البحث في شعبة الاستخبارات العسكرية, العميد يوسي بايدس , خلال مداخلة له أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست : أنه يعتقد بأن الرئيس بشار الأسد جدي بشأن تجديد المفاوضات مع إسرائيل, وأنه يعتقد بأن تحديد المفاوضات هو مصلحة سورية ومن شأن ذلك أن يعزز مكانة النظام السوري, فهناك دلائل على الأرض تشير إلى جدية السوريين ( عاموس هرئيل وألوف بن, هارتس,( 22/12/2006). وأخذ بايدس على أولمرت قوله :( بما أن جوانب من تصريحه لا يتفق مع الرؤية الأمريكية, يعود أولمرت إلى شروطه المعهودة بل ويصعد منها لتصبح بعيدة التحقيق, ويشترط بدء مفاوضات مع سورية بأن تقطع علاقاتها بإيران وحزب الله قائلا: (إذا توقفت سورية عن دعم حماس والجهاد وحزب الله وقطعت علاقاتها مع إسرائيل لا شك لدي أنه سيكون بدء المفاوضات معها ممكنا). وتأتي تصريحات بايدس هذه بشكل يتناقض مع تصريحات كان قد أدلى بها مئير دغان, مسؤول الموساد في مقابلة مع صحيفة معاريف قبل أسبوع حيث ادعى خلالها:بأن سورية تعرب عن استعدادها لتجديد المفاوضات في كل مرة تتعرض فيها للضغوط الدولية, وباعتقادي أن سورية غير مستعدة للبدء في المفاوضات بدون شروط مسبقة, وأنها تهدف إلى إظهار إسرائيل كمن يرفض تجديد المفاوضات, كما قال داغان, أنه لا يرى في الأفق أية مبادرة سورية للحرب ضد إسرائيل, إلا أن هناك تعاظماً بالإحساس لدى سورية بالثقة بالنفس, وأنها تستعد للرد على أية عملية عسكرية ضدها (أرئييل بندر, معاريف,22/12/2006). من جهته كتب إيتمار رابينوفيتش في صحيفة هارتس ,28/12/2006) ما يعتقد بأنه يشكل أسساً للمفاوضات مع سورية..أنه في العام 1974, نشرت لجنة أغراناط تقريرها بشأن القصور الأساسي في الحرب, والقصورات الثانوية, وقدمت اللجنة عدة توصيات, بضمنها تجنب المفاهيم الخاطئة وتعزيز التعددية في التقديرات الإستخبارية في إسرائيل عن طريق زيادة أقسام الدراسات في الموساد ووزارة الخارجية, إلا أن هذه التوصية قد نفذت بشكل جزئي, وظلت الاستخبارات العسكرية هي المتنفذة لمدة سنوات طويلة. واليوم يشهد متخذو القرار وأعضاء الكنيست والجمهور الواسع خلافاً علنياً في الرأي بين رئيس الموساد وبين رئيس شعبة الدراسات في الاستخبارات العسكرية.ويضيف أنه في الوقت الذي ينفي فيه الأول ما أسماه هجمة السلام السورية, فإن الثاني يرد بالإيجاب. وذلك في إشارة إلى النقاش الذي جرى الأسبوع الماضي في لجنة الخارجية والأمن, حيث رفض رئيس الموساد, مئير دغان, تجديد المفاوضات مع سورية. وفي المقابل قال رئيس شعبة الدراسات في الاستخبارات العسكرية, يوسي بياديس, إن السوريين جديون بشأن السلام.هذا الخلاف في الرأي زاد من التخبط السائد منذ حرب لبنان الثانية. وتركزت إسرائيل في المسار الفلسطيني في السنوات الست الأخيرة. إلا أن نتائج الحرب على لبنان والكشف عن التهديد الكامن في محور سورية- إيران- حزب الله أثار النقاش بشأن سورية.كما لفت إلى أن وزير الدفاع, عمير بيرتس, كان قد صرح أثناء الحرب عن ضرورة تجديد المفاوضات مع سورية, ومن جهتها قامت وزيرة الخارجية, تسيبي ليفني, بتشكيل طاقم مقلص لفحص المسألة, وبشكل مواز رفض رئيس الحكومة, إيهود أولمرت, بشكل مطلق فكرة الحوار مع سورية. وصرح أيضاً أن إسرائيل لن تنسحب من هضبة الجولان. كما قال, سواء بشكل مباشر أم غير مباشر, أن الولايات المتحدة تعارض إجراء مفاوضات مع سورية. إلا أنه في الأيام الأخيرة, فإن تصريحات أولمرت العلنية تبدو غير حقيقية بهذا الشأن. من جهة أخرى , عرض معهد (ماركت ووتش) نتائج استطلاع يشير إلى أن غالبية الإسرائيليين, 58%, يعتقدون أنه يجب البدء بمحادثات مع سورية. ومع ذلك, فإن غالبية كبيرة (64%) تعتقد أنها ليست على استعداد لإعادة الجولان المحتل إلى سورية.وقد عرضت هذه النتائج تحت عنوان:(هل يوجد خيار سوري?. وشارك في المناقشات عدد من السياسيين وكبار الضباط في الجيش والأكاديميات, وقد أيد غالبيتهم البدء بمفاوضات مع دمشق.كما عرضت معطيات أخرى تشير إلى أن 59% من الإسرائيليين يعتقدون أنه ستندلع حرب أخرى في حال لم تعرض أية مبادرة سلام على سورية.وجاء أن عضو الكنيست, كوليت أفيطال ( من حزب العمل) قد صرحت في المؤتمر أنها تعتقد أن هناك رغبة سورية حقيقية في إجراء محادثات سلام. وبرأيها فإن الحاجة لإجراء محادثات هي عاجلة, كون السلام مع دمشق ضروري من أجل الاستقرار على الحدود الشمالية بعد الحرب الأخيرة على لبنان.ومن جهته تطرق البروفسور (أيال زيسر), من معهد دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب, إلى ما سماه (المبادرة السورية), وقال: إن الرئيس السوري بشار الأسد لم يصرح بأنه معني بإبادة إسرائيل.وفي المقابل, قال د.مردخاي كيدر, من مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة بار إيلان: إن لسورية مكانة محترمة في كتلة الدول العربية التي تكنّ الكراهية للولايات المتحدة, وتعتمد على المساعدات العسكرية الروسية. |
|